المصدر: لوريان لوجور
الكاتب: منير يونس
الأربعاء 8 تشرين الأول 2025 14:30:15
يبدو أن مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي (IMF) تسير في طريق مسدود جديد، إذ لا يُتوقّع أي تقدم حاسم نحو توقيع اتفاق خلال الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي المزمع عقدها في واشنطن بين 13 و18 تشرين الأول. وبحسب مصادر مطلعة، تم الاتفاق مبدئيًا على تأجيل المحادثات الرسمية إلى الربع الأول من عام 2026 لسببين رئيسيين:
أولاً، أن قانون إعادة هيكلة المصارف الذي أقرّه البرلمان في 31 تموز يحتاج إلى تعديلات جوهرية على عدة بنود. وثانيًا، أن الصندوق سلّم وزارة المالية عشرات الملاحظات الإضافية التي ينبغي دراستها قبل استئناف التفاوض.
«خيبة أمل» متزايدة لدى الصندوق
مصادر قريبة من وزارة المالية أكدت أن «خيبة أمل» الصندوق تجاوزت التوقعات، إذ لم يلحظ أي تقدم في إعداد مشروع قانون «إعادة التوازن المالي» واستعادة الودائع، بل لاحظ خلافات عميقة ومقلقة بين الوزارة ومصرف لبنان حول المبادئ الأساسية للمعالجة.
جبهة رفض متجددة
وبينما يحاول رئيس الحكومة ووزارة المالية تجاوز هذه الخلافات للوصول إلى اتفاق مع الصندوق، تواجه مساعيهما مقاومة صريحة من أطراف أخرى، في مقدمتها مصرف لبنان، القطاع المصرفي، والهيئات الاقتصادية. وتجد هذه المواقف صدى لدى عدد من الوزراء والنواب، خصوصاً في لجنة المال والموازنة، إضافة إلى وسائل إعلام قريبة من اللوبي المصرفي.
وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان مشهد بداية الأزمة عام 2020، حين أسقط ما سُمّي آنذاك بـ«جبهة الرفض» — المؤلفة من مصرف لبنان والمصارف — الجولة الأولى من التفاوض مع الصندوق. واليوم، تشير المعطيات إلى احتمال إعادة تكوين هذه الجبهة، رفضًا لأي اتفاق يتعارض مع المبادئ التي أعلنها الحاكم الحالي لمصرف لبنان كريم صويحاد منذ تسلّمه مهامه قبل أكثر من ستة أشهر.
خلافات حول الديون والشفافية
مصادر مالية مطلعة كشفت أن أبرز اعتراضات مصرف لبنان تتعلق برفض الصندوق الاعتراف بمطالبة بقيمة 16.5 مليار دولار على الدولة اللبنانية، كان الحاكم السابق رياض سلامة قد أدرجها في ميزانية المصرف ولم تعترف بها وزارة المالية. ويرى الصندوق أن إقرار هذه الديون سيُضاعف حجم الدين العام إلى مستويات «غير قابلة للاستدامة».
ويلوّح المصرف المركزي باللجوء إلى المادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تُلزم الدولة بتغطية خسائر المصرف المركزي والمقدرة بنحو 60 مليار دولار، وهو ما يعتبره خبراء قانونيون تفسيرًا خاطئًا للمادة التي تتعلق بخسائر سنة مالية محددة لا بتراكمات استمرت 16 عاماً.
رفض تدخل الصندوق في علاقة المصارف بالمركزي
كذلك، يرفض مصرف لبنان ما يراه «تدخلاً مفرطاً» من الصندوق في علاقاته التعاقدية مع المصارف، معتبرًا أن التزامات المصرف المركزي تجاه البنوك تندرج ضمن عقود تجارية يجب احترامها. هذا الموقف يفسر تحفظ صويحاد الشديد إزاء ملاحظات الصندوق على قانون إصلاح القطاع المصرفي، وخصوصاً اعتراضه على إعادة هيكلة «الهيئة العليا للرقابة المصرفية» لتُستبعد منها مؤسسة ضمان الودائع والهيئات الاقتصادية، بحجة تضارب المصالح.
أما الصندوق فيتشبّث بمبدأ أساسي معمول به دوليًا، يقضي بـأن خسائر المصارف يتحملها أولاً المساهمون قبل أي جهة أخرى، وهو ما ترفضه المصارف اللبنانية بشدة، ويعارضه أيضًا مصرف لبنان.
ضغوط ومحاولات تغيير في الصندوق
وتشير مصادر متابعة إلى أن بعض الأطراف اللبنانية المعترضة على شروط الصندوق بحثت مؤخرًا إمكانية الطلب باستبدال ممثلي الصندوق في بيروت وواشنطن، أي فريديريكو ليما وإرنستو راميريز ريغو. وقد بلغ صدى هذه المساعي القصر الجمهوري، لكنها لم تؤدِّ إلى نتيجة.
يعلق أحد الدبلوماسيين قائلاً: «في صندوق النقد، القرارات تُبنى على مبادئ ثابتة لإدارة الأزمات، وأي مرونة تُمنح عادة بقرار سياسي من المساهمين الكبار».
ويضيف: «الاعتقاد بأن أي تقدم في ملف نزع سلاح حزب الله يمكن أن يُغني عن اتفاق مع الصندوق هو وهم كامل. فلا دعم عربي أو دولي للبنان من دون برنامج واضح مع صندوق النقد الدولي».