ها اننا بلغنا شهر حزيران. الشّهر الذي دار حوله الكثير من الكلام، منذ المدّة القليلة التي أعقبت اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول، في ما يتعلّق بأنه سيكون شهر "الإنهيار الكامل"، إذا لم يتمّ العمل على الكثير من الإصلاحات.

ولكن حزيران بدأ، فيما الإصلاحات لم تتحرّك ولو بطرف أصغر أصابع اليد الواحدة، وسط مفاوضات مع القيّمين على "صندوق النّقد الدولي"، تحوم حولها الكثير من الشّبُهات، بين قائل إنها متعثّرة، وبين آخر يؤكّد أن الأمور ليست بهذا السّوء.

ووسط هذا الجوّ كلّه، يبدو أن الشهر الجاري سيشهد متغيّرات سياسية، سواء على مستوى الداخل، أو حتى على مستوى العلاقات اللبنانية - الدولية. وما إطلالة السفيرة الأميركية في لبنان، دوروثي شيا، عبر شاشة قناة OTV، إلا خير دليل على ذلك.

بلا إحراج

فأن يوصَّف "حزب الله" بأنه تنظيم إرهابي من على منبر "أو. تي. في"، من قِبَل مسؤولة أميركية، يختلف عمّا إذا كان ذلك تمّ من على منبر شاشة أخرى. فضلاً عن أن إعطاء منبر القناة نفسها لحديث السفيرة الأميركية عن العقوبات على بعض الأطراف اللبنانية الحليفة لـ "الحزب"، يُشبه من يوصل رسالة واضحة الى "الحزب" نفسه، تتعلّق بأن الفريق السياسي لرئيس الجمهورية ميشال عون، أي "التيار الوطني الحر"، بات مُلزَماً بغَسْل يدَيْه من أي التزام سابق معه (حزب الله)، وبلا أي إحراج.

صحيحٌ أن حزيران قد يكون شهر المتغيّرات الإقتصادية والمالية، ولا سيّما على مستوى شكل تطوّر أو عدم تطوّر المفاوضات اللبنانية مع القيّمين على IMF، ولكنه سيكون بالتأكيد، شهر المتغيّرات السياسية، التي سنبدأ بتلمّسها تباعاً، نظراً الى أن Expiry date التزاوُج القسري بين أطراف داخل الدولة اللبنانية من جهة، و"حزب الله" من جهة أخرى، انتهت، وتحوّل المُنتَج الى مادّة فاسدة، تحوي مواداً سامّة.

صورة نمطية

أوضح مصدر مُطَّلِع على أجواء "التيار الوطني الحرّ"، أنه "رغم السّعي لتوضيح وجهات النّظر بين "التيار" و"حزب الله" على أكثر من مستوى، خلال الأيام الأخيرة، إلا أنه ما عاد يُمكن لـ "الوطني الحر" أن يذهب بعيداً مع "الحزب"، كما كانت عليه الأحوال قبل "قانون قيصر"، وذلك مهما كان شكل تطبيق هذا القرار من جانب الأميركيين. وبغير ذلك، نكون مثل من ينتحر على جميع المستويات".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "إعطاء مساحة للسفيرة الأميركية على شاشة OTV، حصل بما يتناسب مع رأي داخل "الوطني الحرّ" يتحدّث عن ضرورة إخراج المحطّة من صورة نمطية طبعتها سابقاً، وقد تشكّل خطراً عليها مستقبلاً، وتجعلها شبيهة بقناة "المنار". وهو ما يعني أن استمرار هذا الوضع على حاله، سيجعل "أو. تي. في" في مرمى العقوبات الأميركية، تماماً كما هو حال "المنار". فضلاً عن أن الولايات المتحدة الأميركية ترغب أيضاً بمخاطبة بيئة "التيار"، وفريق رئيس الجمهورية، في شكل خاصّ، حول مستقبل الأوضاع في لبنان. وهو ما أكمل صورة إطلالة شيا على المحطّة".

وأوضح:"توصيف السفيرة الأميركية لـ "حزب الله" بأنّه إرهابي، من على منبر OTV، ينسجم مع اللّغة الأميركية الموحّدة في التعبير عن نظرة واشنطن الى "الحزب". ولكن رسالة "التيار" "للحزب" أيضاً في هذا الإطار، هي أن أشكال دعمي السابق لكَ باتت ضمن محاذير محدّدة، وذلك لأن العقوبات تطالني، وتؤثر على مستقبلي السياسي، وهذا هو الدليل القاطع، يظهر من على منبري. وبالتالي، فإن تغيير سلوكي تجاهك مستقبلاً لا يمسّ بالمبادىء، ولكنّه يتعلّق بضرورة الحفاظ على مستقبلي بالكامل".

الشارع؟

وقرأ المصدر "ما حصل على طريق "القصر الجمهوري" أمس، في شكل يخرج عمّا جرى قرب مقرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام، أو قرب منازل بعض السياسيّين. فالتحرّك على طريق "قصر بعبدا" أتى بعد 24 ساعة من تحرّك شعبي طالب بنزع السّلاح غير الشرعي من لبنان، وبتطبيق القرارات الدولية المتعلّقة بهذا الأمر".

وأضاف:"نحذّر من تحويل الشارع الى منصّة لتوجيه رسائل مُبهمَة، ومتعدّدة الأوجُه. فنحن ذاهبون الى وضع إقتصادي أكثر من دقيق، والى مرحلة لم نشهد مثلها في حياتنا قبلاً، ولا مجال للّعب في الشارع، في هذا الوقت بالذّات". 

الإنهيار الكامل

وشدّد المصدر على أن "فترة المفاوضات مع IMF ستكون طويلة، ونتّجه الى زاوية صعبة ضمن هذا الإطار، لأن لا إصلاحات بَعْد، ولا إمكانية للبدء بها منذ الآن، بناءً على الجوّ الحالي".

وتابع:"مجلس النواب يغيّب نفسه عن ملفات كثيرة، فيما آخر جلسة له كانت فضيحة بنسبة كبيرة. وهو ما يؤكّد أن المخاوف المتعلّقة بالإنهيار، جديّة".

وختم:"يزداد الطين بلّة انطلاقاً من أن الحكومة فاشلة في شكل رهيب، لأسباب تعود الى بعض الوزراء فيها. ونقول هذا بتجرُّد بكامل، ورغم أن لا إمكانية لتشكيل غيرها في الوقت الراهن. فهي غير قادرة على القيام بأي تعيين ذات جدوى حقيقي، بسهولة. وهذا يؤشّر الى أن الإنهيار الكامل قد يهدّدنا بالفعل، على مختلف المستويات، وفي أي وقت".