قرار "الشورى" وضع الإطار للحكومة لمناقشة أوضاع المصارف

من الطبيعي ان يواجه حكم مجلس شورى الدولة قرار الحكومة بإلغاء "جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية تجاه المصارف" بانتقادات أدرجتها مصادر قانونية في خانة الانتقاد السياسي .

فالمخارج التي دأبت الحكومة على طرحها كانت تنطلق من ان الودائع موجودة لدى الدولة في حين ان هذه الاموال في الواقع تبخرت، لذا لا يمكنها ان تضع خطة على اموال غير موجودة وصرفتها خلافا للقانون. وفي المقابل جاء حكم مجلس الشورى ليضمن الماضي انطلاقا من الحاضر لأن الدولة عاجزة آنياً عن تسديد "ديونها" للمصرف المركزي، بحسب توصيف قرار مجلس الشورى الذي تناول مسألة توزيع الخسائر. وما استوقف هذه المصادر ما اعلنه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لـ"النهار" للمرة الاولى منذ اندلاع الازمة المالية والمصرفية في لبنان وتعليق مصير الودائع، وبعد صدور قرار الشورى، ان الدولة مسؤولة 100% عن الودائع .

 

فكان أول إقرار شفهي رسمي بهذه المسؤولية، بعد خطط عدة منذ بداية 2020 بدءا من خطة "لازار" المالية وصولاً الى تقرير "الفاريز اند مارسال" حيث جرى تجهيل المسؤول عن تطيير الودائع. وكان الإتجاه الغالب تصفير ديونها من المصرف المركزي، ما يعني ضمناً شطب الودائع، وهو ما حظره قرار الشورى الذي لا يمكن للسلطتين التنفيذية والتشريعية تجاوزه وإلا يشكل ذلك مخالفة جسيمة لقرار قضائي ملزم. واستطرادا فإن مناقشة أي مشروع قانون جديد من الحكومة عن اوضاع المصارف معطوفا على تصريح رئيسها يتعين ان يُستهل بالتزامها بردّ مديونيتها من مصرف لبنان لأنها تمثل ودائع المودعين عملاً بقانون النقد والتسليف الذي يلزم الدولة تغطية اي خسارة، ومن دون هذا الالتزام لا يمكن للقطاع المصرفي في لبنان ان يستعيد عافيته واعادة الثقة اليهما معا وإلا عبثاً المضي بأي مشروع، وفق المصادر القانونية التي تقول إن على الدولة في اي قرار ستتخذه ان تؤكد التزامها قرار مجلس الشورى ومسؤوليتها عن تغطية قيمة الودائع طبقاً للقانون، وما عدا ذلك لن يؤدي الى نتيجة بما في ذلك إعادة هيكلة المصارف. كما على الدولة الاعتذار من المودعين وان تطبق القانون. وفي رأيها ان المصارف لا تحتاج الى اعادة هيكلة لأنها لا تعاني إلا من مشكلة عدم رد اموالها فحسب، ومَن يحتاج الى اعادة هيكلة هي الدولة التي عليها الالتزام بالقانون، أما ما أنفقته فيعود ليتكوّن بنفسه بعد اعادة تكوين الاقتصاد.

وتبعا لذلك لا يمكنها التسليم بعدم رد الودائع من طريق"التقنين المقنَّع"، على ما فصّله "الشورى" لدى مناقشته الحكم الذي اصدره ووضع الاطار لأي سلطة من السلطات النافذة باحترام القوانين في بلدها، وتاليا ان أي انتقاد لهذا الحكم لا يخفي سوء نية أو جهل أو الاثنين معا لغاية غير ايجابية للمصلحة العامة، بل على العكس يجب تشجيع الحكومة على إيجاد حلول للأزمة التي تأخرت اربعة أعوام. وعكسُ ذلك يعني عدم توافر النية في اصلاح القطاع المصرفي ما يصبّ في القضاء عليه وتدميره على ما ذكره المحامي أكرم عازوري في مراجعته امام "الشورى" بوكالته عن جمعية المصارف، معتبرا انه "بعدم احترام الدولة مسؤوليتها الاخلاقية قبل القانونية في صرف الودائع لن تكون أي قيمة لأي قطاع مصرفي.

ويتعين ان يترجم تصريح الرئيس ميقاتي في اول قانون يصدر في شأن المصارف وان تعاد هيكلة الدولة على نفقتها، اذذاك تنتفي الازمة المصرفية"، فالقطاع المصرفي، في تعريف الذكاء الاصطناعي، يشكل واجهة الاقتصاد الحر في النظام الديموقراطي وتحقيق نموه انما لدوره في دعم النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة الاقتصادية وتمويل الابتكار وتطوير التكنولوجيا، ما يساعد في تحفيز الحياة الاقتصادية.