المصدر: لبنان الكبير
الأربعاء 18 آب 2021 18:13:02
في كل صباح يستيقظ المواطن اللبناني على أزمة مستعصية أكثر من سابقتها، من النقص في المحروقات والدواء مروراً بإقفال الأفران وغياب رغيف الخبز... إلى أعطال السيارات التي قد تكلف المواطن ضعف راتبه الذي يتقاضاه عن مشقة وتعب شهر.
إن قطاع "السيارات" يعاني كغيره من القطاعات، إذ تراجع إقبال المواطن على محلات الميكانيك والكهرباء والدواليب لإصلاح الأعطال التي تصيب سيارته، وعندما يريد إصلاحها يتجه إلى القطع المستعملة لأنها أقل كلفة من الجديدة.
أرخص دولاب سيارة سعره 30 دولاراً، أي ما يعادل نصف راتب المواطن اللبناني على سعر الصرف الحالي للدولار مقابل الليرة، وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه، سينتقل اللبناني إلى استخدام الدراجة الهوائية للتنقل.
وفي هذا الخصوص، يقول صاحب "شركة ألو دولاب"، مروان مراد لـ"لبنان الكبير": "تراجعت القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني بنسبة 80%. فسابقاً كان الطلب مرتفعاً على الدواليب الجديدة، لكن في ظل هبوط قيمة الليرة، أصبح الزبون يطلب المستعمل منها. وبالتالي كان يأتي موظف الدولة لكي يغير دولابه بـ100 دولار أي ما يعادل 150 ألف ليرة على سعر الصرف السابق للدولار، لكن الـ100 دولار الآن تتجاوز قيمة راتبه، والتلاعب بسعر صرف الدولار أربك التجار، والمستوردين، والزبائن".
ويضيف: "كذلك أصبحت كلفة غيار زيت المحرك 35 دولاراً. وبالتالي القصة لم تعد قصة دولاب أو غيار زيت بل باتت قصة رغيف الخبز، ونحن عالقون بقبضة "مافيا" تتحكم بالبلاد والعباد".
ويتابع: "شركة ألو دولاب كانت تمتلك 8 فروع والآن أصبح لديها 3 فقط، وتدنّى عدد موظفيها من 60 إلى 19 موظفاً، وانخفضت قيمة متاجرها 45% بسبب البضاعة التي بيعت وصرفت أرباحها رواتب للموظفين والإيجارات".
ويختم: "أنا رجل عاصرت الحرب وشهدت الإجتياح وكل المراحل التي مر بها البلد، لكن كل ما مر به لبنان سابقاً أخف وطأة من حجم الكارثة التي يمر بها الآن، ففي السابق ارتفع سعر صرف الدولار إلى 10 آلاف ليرة، وعلى الرغم من ذلك لم نعانِ من انقطاع كهرباء أو أزمة محروقات".
العم أبو محمد صاحب "كاراج" سيارات في منطقة الأوزاعي، عبّر لـ"لبنان الكبير"عن مدى استيائه من الوضع الراهن، وقال: "تراجع لجوء الناس بشكل كبير لإصلاح سياراتهم، ففي السابق كنت أستقبل 12 زبوناً لكي يغيروا زيت محركات سياراتهم لكن الـ12 أصبحوا واحداً. مثلاً كان الزبون كل فترة يستبدل فرامله بأخرى جديدة، أما الآن لا يأتي الزبون لتغييرها حتى تصبح على الحديد، وقسّ على ذلك كل قطع السيارات".
ويضيف: "منذ حوالي أسبوعين وأنا عاطل عن العمل، مرات استقبل زبوناً واحداً وأحياناً لا يقصدني أحد، ومن يقصدني يطلب قطعاً مستعملة، فبدلاً من أن يغير فرامل جديدة بـ20 دولاراً، يركب فرامل مستعملة بنصف القيمة، وعلى هذا المنوال البضاعة الجديدة باتت بلا زبائن".
خلال لقائنا مع أبو محمد وصل زبون إلى الكاراج، فسألناه عن معاناته مع أزمة إصلاح سيارته، فأجاب: "أنا موظف دولة وراتبي لا يزيد عن مليون ونصف المليون ليرة لبنانية، هذا يعني انني أقترض فوق راتبي لكي أصلح سيارتي. هناك عطل في محرك سيارتي سيكلفني مليونين، أي أكثر من راتبي بـ 500 ألف ليرة. وعندما أنتهي من إصلاحها سوف اركنها جانباً وأبحث عن وسيلة أخرى أتنقل بها فلم يعد بقدرتي تحمل تكاليفها بعد الآن. والحمد لله أنني عازب، فلو كان لدي زوجة وأطفال وتعطلت لأشعلت النار بها واسترحت".