كريم ضاهر: رفع السرية المصرفية خطوة إصلاحية والعبرة في التنفيذ

قال الأستاذ المحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة المحامي د.كريم ضاهر في حديث إلى «الأنباء»: «قانون السرية المصرفية من القوانين المهمة جدا، وتكمن أهميته اليوم في أن دائرة الجهات التي يمكن أن تطلب رفع السرية المصرفية قد توسعت، فأصبحت مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف والإدارة الضريبية والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ومؤسسة ضمان الودائع».

وتحدث ضاهر عن التعديلات التي طالت مشروع قانون السرية المصرفية، فأوضح «أن مشروع القانون يرمي إلى تعديل بعض مواد القانون 306 الصادر في العام 2022 والمتعلق بالسرية المصرفية، أي انها تطول أمرا محددا، وليس النظر بالسرية المصرفية. ومن المستغرب أن يثير موضوع تعديل الفقرتين (هـ) و(و) من القانون المتعلق بسرية المصارف تاريخ 1956 والمادة 150 من قانون النقد والتسليف المعدلة بموجب القانون 306 هذا الكم من ردود الفعل، علما أن الموضوع ليس مسألة رفع أو عدم رفع السرية المصرفية بالمطلق، بل مجرد تعديل تقني لتدبير سبق ان أقره المجلس النيابي عام 2022 بموجب القانون 306 آنف الذكر، لجهة عدم السماح للمصارف بأن تتذرع بسر المهنة أو بسرية المصارف المنصوص عليها في القانون تجاه بعض السلطات والهيئات، كالقضاء المختص وهيئة التحقيق الخاصة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والإدارة الضريبية ومصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع».

وأشار إلى «أنه بالنسبة إلى المراجع الأربعة الأخيرة، ربط رفع السرية تحديد المعايير والضوابط التطبيقية المتعلقة بالفقرتين (هـ) و(و) التي سبق الإشارة إليها، مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية. وهذا ما لم يصر إلى تحقيقه لأكثر من سنتين من الزمن، ما دفع بصندوق النقد الدولي، وبهدف إزالة كل عائق أو معوقات أمام تلك الجهات المختصة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي والقيام بالأعمال الرقابية عليه، إلى الطلب بتعديل هاتين الفقرتين كما المادة 150 من قانون النقد والتسليف، للسماح لمصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف بالقيام بمهامهم على أكمل وجه، وعدم تكرار تجربة التدقيق الجنائي لشركة ألفاريز آند مارشال».

وأوضح «أنه جرى الطلب بتعديل الاستثناء الوارد في الفقرة (و) عينها، والمتعلق بعدم الكشف عن اسم العميل أو صاحب الحساب عند قيام الجهات الرقابية بطلب معلومات محمية بالسرية المصرفية، من دون تحديد حساب معين أو عميل معين، بما في ذلك إصدار طلب عام بإعطاء معلومات عن كل الحسابات وجميع العملاء».

وشدد على «أن قانون رفع السرية المصرفية هو قانون مهم وخطوة إصلاحية وتبقى العبرة في تنفيذه. وكان سبق لهذا القانون أن شهد مسارات عدة منذ وقوع الأزمة وحتى قبلها. وقيل حينذاك إننا بدأنا بالمحاسبة والشفافية ودخلنا زمن الإصلاح المالي، لكنها بقيت عناوين براقة. من هنا أبدي تفاؤلا حذرا في انتظار ما سوف يتحقق عمليا من دون تكبير الحجر والتوقعات حتى لا تكبر الخيبة».

وقال: «من الضروري شبك المسعى والضغط الدولي الذي يمارس إلى حين الدخول فعليا في المسار الإصلاحي مع وجود النية الحسنة عند العديد من الأطراف. ويقابل ذلك تشابك مصالح كبير جدا عند المتضررين من القانون اذ يخوضون حربا وجودية في وجهه، وعلى رأسهم قسم من السياسيين الذين تطاولوا على المال العام بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ويضاف اليهم بعض الموظفين العامين وكل من هو مسؤول عن المال العام والى أي درجة انتمى، من الفئة الرابعة صعودا إلى الأولى، والذين اغتنوا على حساب الدولة والمواطن. واليوم لديهم خشية من رفع السرية المصرفية، أو إعادة هيكلة المصارف أو أي مسار أو مسعى إصلاحي يرمي إلى تطبيق القوانين. هؤلاء سوف ينكشفون فورا وهم يخشون من الخطر على مصالحهم. وكذلك بعض المصرفيين، ولا يعني ذلك كل مساهم عادي أو أي مصرف، انما من بيدهم القرار، أي رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة إلى مديرين تنفيذيين ومساهمين كبار استطاعوا تمرير قراراتهم من خلال أذرعهم ضمن مجلس الإدارة. وهنا لا يجوز التعميم والشمول، لكن هناك قسما كبيرا استفاد من الهندسات المالية ومن تهريب أموالهم إلى الخارج وحتى أموال مقربين منهم».

ولفت «إلى أن هناك من استفاد من الأزمة، وهم الهيئات الاقتصادية أي الأشخاص الذين استفادوا من منصة صيرفة. ومنهم من استفاد من تسديد القروض المصرفية بأقل من قيمتها، ومن سياسة الدعم غير المشروع. هؤلاء جميهم يجب ملاحقتهم وعليهم دفع الثمن».