المصدر: Kataeb.org
الجمعة 21 شباط 2025 14:01:27
نشر موقع “أساس ميديا” مقالًا تحت عنوان: “كلّنا إرادة: إفناء الودائع وإفلاس المصارف”، تضمّن جملة من المغالطات حول موقف “كلنا إرادة” من موضوع استرداد الودائع وإعادة هيكلة المصارف. لذا، وانطلاقًا من حق الردّ المكرّس في قانون المطبوعات، ننشر هذا الرد، حيث تؤكد المنظمة موقفها من هذه القضية.
منذ انتخاب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية وتسمية نواف سلام رئيسًا للحكومة، تصاعدت الحملة ضد “كلنا إرادة” من قبل كل من يخشى استعادة الدولة اللبنانية سيادتها الكاملة. هذه السيادة لا تقتصر فقط على نزع سلاح “حزب الله”، بل تشمل أيضًا إعادة هيكلة النظام السياسي والاقتصادي والمالي، ليخدم المصلحة العامة بدلًا من المصالح الخاصة والفئوية. إعادة هيكلة القطاع المصرفي هي نقطة انطلاق أساسية في هذا الإطار، كما أنها المدخل الضروري لجذب المساعدات الخارجية اللازمة لإعادة الإعمار.
تأسست “كلنا إرادة” عام 2016 من قِبل لبنانيين مقيمين ومغتربين، ويتم تمويلها حصريًا من خلال مساهمات أعضائها. وكل الادعاءات التي تشكّك في ذلك هي جزء من حملة تشويه تستهدف ذكاء اللبنانيين، وتستند إلى نظريات مؤامرة لا أساس لها من الصحة. فالحملة ضد “كلنا إرادة” ليست جديدة، بل تعود إلى عام 2019، وتقوم على نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة حول أهداف المنظمة وتمويلها. هذه الحملة تنطلق من أركان الدولة العميقة التي أوصلت لبنان إلى الإفلاس والخراب، ووجدت في مهاجمة منظمتنا وسيلةً لتجنّب تحمّل مسؤولياتها.
من هنا، نجد أن عنوان مقال “أساس ميديا” ومضمونه يتعمّدان تشويه مواقف “كلنا إرادة”. فهل يمكن لأي عاقل أن يصدّق أن أزمة الودائع والمصارف هي مسؤولية “كلنا إرادة”؟ عندما وجد المودعون أنفسهم أمام أبواب المصارف المغلقة في عام 2019، هل كان ذلك بسبب “كلنا إرادة”؟ بالطبع لا. موقفنا الثابت منذ ذلك الحين هو ضرورة اعتراف المسؤولين بحقيقة الخسائر وحجمها، وهو ما يرفضونه نظرًا لضخامتها، مما أدى إلى تفاقم الأزمة التي كلّفت المجتمع اللبناني حتى الآن خسائر مالية تتجاوز السبعين مليار دولار، وتهجير أكثر من مليون شاب وشابة، وإفقار الشريحة الأكبر ممن بقوا، وتكبيد الاقتصاد خسائر قد لا يمكن إصلاحها قبل عقود طويلة.
في ما يلي نفنّد الأكاذيب الأربع التي زعم مقال “أساس ميديا” أنها تمثل برنامج “كلنا إرادة”:
أولًا: زعم المقال أن خطة “كلنا إرادة” تعتبر أن “الأزمة ليست نظامية، بل هي عملية احتيالية من المصارف (ومصرف لبنان؟)”:
“كلنا إرادة” لم تستخدم مصطلح “عملية احتيالية من المصارف”. الحكومات المتعاقبة، ومصرف لبنان عبر اعتماد سياسة تثبيت سعر صرف الليرة، والمصارف مسؤولون بشكل مباشر عن الأزمة، ولا نقاش في ذلك، ويجب محاسبتهم. إن توزيع الخسائر يخضع لهرمية في توزيع المسؤوليات تبدأ برؤوس أموال المصارف وأموالها الخاصة، وهذه هي المقاربة المعتمدة لمعالجة أزمات إفلاس المصارف في الدول الرأسمالية. في المقابل، تسعى جمعية المصارف إلى التملّص من المسؤولية عبر تسويق سردية غير صحيحة، مفادها أنها “أُجبرت” على وضع الودائع لدى مصرف لبنان، وأن الدولة أنفقتها بشكل غير مسؤول. هذه المزاعم تهدف إلى تمييع الحقائق، فالمصارف وضعت الودائع لدى مصرف لبنان، طمعًا في الأرباح السهلة والفوائد السخية وللاستفادة من هندسات مالية مربحة جداً لهم، التي وصفها البنك الدولي وغالبية الخبراء الاقتصاديين والماليين بمخطط “بونزي” احتيالي. المصارف كانت تدرك جيدًا أنها تنتهك الأنظمة المالية والمعايير المصرفية من خلال زيادة تعرّضها لمخاطر الدولة، وهي بالتالي من يجب أن يتحمّل المسؤولية.
ثانيًا: زعم المقال أن خطة “كلنا إرادة” تعتبر أن “أصول الدولة مقدّسة، ولا يمكن استخدامها في حلّ الأزمة”:
لم نستخدم مصطلح “مقدسة”، بل نؤكد أن نقل مسؤولية التعويض عن الودائع من المصارف إلى الدولة يهدف إلى رفع المسؤولية عن المصارف وليس التعويض عن المودعين. علمًا بأن حجم الفجوة الهائل، الذي وصل إلى سبعين مليار دولار، لا يمكن للدولة سداده. العديد من المقترحات تعد “باستعادة الودائع”، لكن لا أحد قادر على توضيح مصدر الأموال اللازمة لتنفيذها، مما يجعلها غير واقعية. مبادئ “كلنا إرادة” لتخصيص الموارد العامة تتمثل في:
– عدم حرمان المواطنين من حقوقهم والخدمات العامة الأساسية.
– الحفاظ على استدامة الدين العام.
– توأمة استرداد أموال المودعين مع الإصلاحات والمساءلة والمحاسبة، عبر استرداد الأموال المنهوبة أو استخدام إيرادات الشركات المملوكة من الدولة، دون إنشاء التزامات جديدة على الدولة.
ثالثًا: زعم المقال أن خطة “كلنا إرادة” تعتبر أن “الودائع ليست مقدّسة، لأنّ المودعين لا يشكّلون سوى نسبة ضئيلة من الشعب…”:
هذا الزعم يعكس عكس ما تقوله “كلنا إرادة” تمامًا. إن إعادة هيكلة القطاع المصرفي تسمح للغالبية الساحقة من المودعين باستعادة أموالهم على الفور. بات واضحًا أن شعار “قدسية الودائع” أدى إلى نتيجة واحدة: “صفر ودائع” للغالبية العظمى من المودعين. فمصير الودائع بات معروفًا، وهو الليرة والهيركات التي تُطبّق على المودعين منذ خمس سنوات. بالنتيجة، انخفضت القدرة على تغطية الودائع من 100% في عام 2015 إلى 60% في خطة “لازارد”، ثم إلى 40% في الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد، لتصل اليوم إلى 100 ألف دولار لكل مودع.
رابعًا: زعم المقال أن خطة “كلنا إرادة” تعتبر أن “الحلّ الوحيد للأزمة هو أن تتحمّل المصارف الخسائر…”:
في الواقع، يرتكز الحل بالنسبة لـ”كلنا إرادة” على:
– تعيين قيادات نزيهة في مصرف لبنان.
– إلغاء قانون السرية المصرفية وإطلاق عمليات تدقيق شاملة على القطاع المصرفي.
– إعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي واعتماد برنامج إصلاحي جديد.
– الإسراع بإقرار خطة شاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.
يجب أن تحترم هذه الخطة هرمية المطالبات، هذا يعني أن الخسائر تُحمَّل أولًا لمساهمي البنوك، وهو ما ترفضه هذه الأخيرة حتى الآن، مفضلة تحميل عبء الخسائر أولًا للمودعين. أما الجزء من الودائع الذي لا يتم تعويضه عبر مختلف أدوات الاسترداد، فيُحوَّل إلى صندوق استرداد الودائع، والذي يجب التأكد من أنه لا يشكل التزامًا إضافيًا على الدولة.
معالجة الأزمة المصرفية في لبنان ليست مسألة خيار، بل هي ضرورة ملحّة لإنقاذ الاقتصاد واستعادة حقوق المودعين. تبقى “كلنا إرادة” ملتزمة بدعم أي خطة إصلاحية تعطي الأولوية للمصلحة العامة وتضمن العدالة للغالبية العظمى من اللبنانيين. وندعو الجميع إلى التوقف عن تشويه الحقائق والتركيز على العمل الجاد لإنقاذ لبنان من الانهيار.