كيف تحول "تيك توك" إلى ملحمةٍ سياسية في أروقة الكونغرس؟

يخيم الغموض على مستقبل تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة، فمشروع قانون يكتسب زخمًا في الكونغرس يهدّد بحذف التطبيق الشهير للغاية من متاجر التطبيقات الأميركية.

السبب؟

مخاوف أمن قوميّ. يخشى المشرّعون من أن تتمكن الصين، من خلال شركة "بايت دانس" الشركة الأم للتطبيق، من الوصول إلى بيانات المستخدم والتلاعب بالمحتوى المحتمل.

مواجهة سياسية

التصويت حول مستقبل "تيك توك" تحوّل إلى قضية سياسية شائكة. الرئيس بايدن، وفي الوقت الذي أعرب عن دعمه لمشروع القانون، أقرّ بالحاجة إلى حلّ لا يغلق التطبيق تمامًا أمام ملايين المستخدمين الأميركيين. مشروع القانون نفسه ليس حظرًا صريحًا على التطبيق، بل إنذار نهائيّ. يمنح شركة "بايت دانس" ستة أشهر للتخلّص من ملكية "تيك توك"، أي بيعه لشركة أميركية، أو مواجهة حظر كامل.

وُوجِه هذا النهج بردود فعل متباينة. صاغ المشرعون الذين يروجون لمشروع القانون الأمر على أنه خيار لشركة"بايت دانس". قال النائب كريشنامورثي: "نحن لا نسلب أعمالهم. نحن نقول فقط إنهم لا يستطيعون ممارسة أعمالهم في الولايات المتحدة تحت الملكية الحالية".

"تيك توك" يرد

بالطبع، ردّت "تيك توك" بقوة. نفى الرئيس التنفيذي للشركة تشاو زي تشو بحزمٍ مزاعم مشاركة البيانات مع الحكومة الصينية، مؤكدًا أنهم يعملون بشكل مستقلّ. كذلك شنّ حملة ضغط شديدة، حيث انهال ملايين المستخدمين على الكونغرس برسائل تحثّهم على إنقاذ منصتهم المحبوبة.

سابقة خطيرة

لم يكن الجدل يدور فقط حول الأمن القومي. جادل منتقدو مشروع القانون بأنه يرسّخ سابقة خطيرة، ويخنق حرية التعبير والابتكار. لقد شككوا في الأدلة وراء التهديد الأمني القومي المفترض، وأبدوا قلقهم بشأن التأثير السلبي الذي يمكن أن يحدثه على الشركات المملوكة لأجانب آخرين.

في هذه الأثناء، تصاعدت التوترات، إذ اتّهم المشرعون "تيك توك" بنشر معلومات مضلّلة من خلال قاعدة مستخدميهم، وبالتلاعب بالرأي العام ضد مشروع القانون. ردّ "تيك توك" بأنهم ببساطة يمكّنون مستخدميهم من ممارسة حقهم في أن يُسمع صوتهم.

"الشيوخ" يستعدّ للتصويت

بلغ الوضع ذروته مع استعداد مجلس النواب للتصويت. الرئيس السابق ترامب، في تحول مفاجئ للأحداث، أبدى معارضته للحظر. لكن موقفه لم يؤثر على الدعم الحزبي واسع النطاق لمشروع القانون.

يوم الأربعاء الماضي، صوّت مجلس النواب بأغلبية ساحقة لصالح مشروع القانون. تحوّل الآن القرار إلى مجلس الشيوخ، حيث ظلّ مصيره غير مؤكّد. أعرب بعض أعضاء مجلس الشيوخ عن مخاوفهم بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل، بينما ردّد آخرون مخاوف الأمن القومي.

مشترون محتملون

وقت "بايت دانس" بدأ ينفد. تدور المفاوضات خلف الكواليس، مع همسات عن احتمال ظهور عمالقة التكنولوجيا الأميركية كمشترين محتملين.

من بين هؤلاء كان رجل الأعمال الأميركي بوبي كوتيك، الذي شغل سابقًا منصب الرئيس التنفيذي لـ"أكتفيجن بليزارد"، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".

وبحسب الصحيفة، فإن كوتيك عرض فكرة الشراكة في عملية الشراء على الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، سام ألتمان، وآخرين في مؤتمر عشاء الأسبوع الماضي، كما طرحها على الرئيس التنفيذي لشركة "بايت دانس" مالكة المنصة.

وأشارت الصحيفة إلى أن قيمة منصة تيك توك قد تصل إلى مئات المليارات من الدولارات في حال بيعها.

هل تُبرم صفقة خلال فترة الأشهر الستة أم ستشهد الولايات المتحدة إزالة غير مسبوقة لمنصة وسائط اجتماعية رئيسية، تاركة ملايين المستخدمين يبحثون عن بدائل؟

تستمر الملحمة. إنها معركة تُخاض غمارها في ميادين سياسية، وخنادق وسائل التواصل الاجتماعي، وربما في غرف الاجتماعات عبر المحيط الهادئ. وحده الوقت كفيل بإخبارنا ما إذا كان يمكن التوصل إلى حل وسط، أو إذا ما كانت أميركا مستعدة حقًا لتوديع منصة الرقصات سريعة الانتشار وترندات التحديات التي لا تنتهي.