المصدر: النهار
الأحد 19 أيار 2024 09:50:02
بدأ مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان زيارة للسعودية لإجراء محادثات من المتوقع أن تتطرق إلى اتفاق للتعاون في مجال الطاقة النووية المدنية، وذلك في إطار ترتيب أوسع تأمل واشنطن أن يؤدي لاحقاً إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وفيما يلي وصف للقضايا الرئيسية التي ينطوي عليها الاتفاق النووي المدني الأميركي السعودي، وما هي المخاطر والمزايا التي قد يوفرها للولايات المتحدة والسعودية، وكيف سيتناسب مع الجهود الأميركية للتوسط في التوافق الإسرائيلي السعودي.
- ما هو اتفاق التعاون النووي المدني؟
بموجب المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأميركي لعام 1954، يجوز للولايات المتحدة التفاوض على اتفاقيات للمشاركة في تعاون نووي مدني مهم مع دول أخرى.
ويحدد القانون تسعة معايير لمنع الانتشار يجب على تلك الدول الوفاء بها لمنعها من استخدام التكنولوجيا لتطوير الأسلحة النووية أو نقل المواد الحساسة إلى آخرين.
وينص القانون على مراجعة الكونغرس لمثل هذه الاتفاقيات.
- لماذا تريد السعودية اتفاقاً للتعاون النووي مع الولايات المتحدة؟
باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، لا تبدو السعودية للوهلة الأولى مرشحاً بارزاً لإبرام اتفاق نووي عادة ما يهدف إلى بناء محطات الطاقة لتوليد الكهرباء.
لكن يوجد سببان وراء رغبة الرياض في القيام بذلك.
الأول هو أنه بموجب رؤية السعودية 2030 الطموح التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تسعى المملكة إلى توليد طاقة متجددة كبيرة وخفض الانبعاثات. ومن المتوقع أن تشارك الطاقة النووية في جزء من ذلك على الأقل.
ويشير المنتقدون إلى سبب محتمل ثان وهو أن الرياض ربما ترغب في اكتساب الخبرة النووية في حالة ما إذا أرادت يوما الحصول على أسلحة نووية لكن أي اتفاق مع واشنطن سينص على ضمانات للحيلولة دون ذلك.
ودأب ولي عهد السعودية إلى القول إنه إذا طورت إيران سلاحاً نووياً، فإن السعودية ستحذو حذوها، وهو الموقف الذي يثير قلقاً كبيراً بين المدافعين عن الحد من انتشار الأسلحة وبعض أعضاء الكونغرس الأميركي فيما يتعلق بالاتفاق النووي المدني المحتمل بين أميركا والمملكة.
والسعودية ذات الأغلبية السنية على خلاف مع إيران الشيعية منذ عقود.
- كيف ستستفيد الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المدني مع السعودية؟
ربما يكون لهذا الاتفاق مكاسب استراتيجية وتجارية.
ولم تخف إدارة بايدن أملها في التوسط في ترتيب طويل الأمد ومتعدد المراحل يقود السعودية وإسرائيل نحو تطبيع العلاقات. وتعتقد الإدارة أن الدعم السعودي للتطبيع ربما يتوقف جزئياً على إبرام اتفاق نووي مدني.
وتتمثل الفوائد الاستراتيجية في دعم أمن إسرائيل، وبناء تحالف أوسع ضد إيران وتعزيز العلاقات الأميركية مع واحدة من أغنى الدول العربية في وقت تسعى فيه الصين إلى توسيع نفوذها في الخليج.
وستكون الفائدة التجارية في وضع قطاع الصناعة الأميركي في موقع رئيسي للفوز بعقود بناء محطات الطاقة النووية السعودية، حيث تتنافس شركات الطاقة النووية الأميركية مع نظيراتها في روسيا والصين ودول أخرى على الأعمال التجارية العالمية.
- ما هي العوائق أمام التوصل إلى اتفاق نووي مدني بين الولايات المتحدة والسعودية؟
من المتوقع أن يأتي الاتفاق النووي المدني في إطار ترتيب أوسع بشأن التطبيع الإسرائيلي السعودي، وهو أمر لا يمكن تصوره في ظل احتدام حرب غزة.
وغزت إسرائيل قطاع غزة بعد أن هاجم مسلحون بقيادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول مما أدى وفقاً للأرقام الإسرائيلية إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
ويقول مسؤولو الصحة في قطاع غزة الذي تديره حماس إن عدد القتلى في غزة تجاوز 35 ألفا منذ بدء الهجوم الإسرائيلي في حين تفشت حالات سوء التغذية على نطاق واسع.
ومن الصعب تصور أن السعوديين مستعدون لتطبيع العلاقات بينما يتواصل سقوط قتلى من الفلسطينيين بأعداد كبيرة.
- ما هو الاتفاق الأوسع الذي قد يتضمنه الاتفاق النووي؟
تأمل الولايات المتحدة في إيجاد سبيل لمنح السعودية عدداً من المطالب مثل اتفاق نووي مدني وضمانات أمنية ومسار نحو إقامة دولة فلسطينية وذلك في مقابل موافقة الرياض على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال سبعة أشخاص مطلعين لرويترز إن إدارة بايدن والسعودية تضعان اللمسات النهائية على اتفاق بشأن الضمانات الأمنية الأميركية والمساعدة النووية المدنية للرياض.
لكن التطبيع الأوسع بين إسرائيل والسعودية، والمتصور في إطار "الصفقة الكبرى" في الشرق الأوسط، لا يزال بعيد المنال.
- ما هي بعض القضايا الرئيسية التي يجب حلها في الاتفاق النووي السعودي الأميركي؟
إحدى القضايا الرئيسية هي ما إذا كانت واشنطن ستوافق على بناء منشأة لتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، ومتى يمكنها أن تفعل ذلك، وما إذا كان يمكن لموظفين سعوديين دخولها أم أنها ستدار من قبل موظفين أمريكيين فقط في سياق ترتيب يتيح سيطرة أميركية حصرية على المشروع.
وبدون إدراج ضمانات صارمة في الاتفاق، سيكون بإمكان السعودية، التي تمتلك خام اليورانيوم، من الناحية النظرية استخدام منشأة التخصيب لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، والذي، إذا جرت تنقيته بدرجة كافية، يمكن أن ينتج المواد الانشطارية اللازمة لصنع القنابل.
والمسألة الأخرى هي ما إذا كانت الرياض ستوافق على القيام باستثمار سعودي في محطة لتخصيب اليورانيوم مقرها الولايات المتحدة وتكون مملوكة للولايات المتحدة، أو ما إذا كانت ستوافق على الاستعانة بشركات أميركية لبناء مفاعلات نووية سعودية.