لارا سعادة: دولة المواطنة تُبنى بضمانات دستورية تُبدّد هواجس المجموعات لا بإلغاء التعددية

أشارت رئيسة جهاز التشريع والسياسات العامة في حزب الكتائب، المحامية لارا سعادة، إلى أن حسن تطبيق الدستور لا يبدأ بتطبيق المادة 95، بل بتفسير نص المادة 95 أولاً تفسيرًا دستوريًا واضحًا، يشكّل الأساس لأي مقاربة جدية لمسألة إلغاء الطائفية السياسية.

وأوضحت أن الخلاف القائم اليوم لا يكمن في النص بحد ذاته، بل في تعدد القراءات له، إذ إن لكل طرف تفسيره الخاص للمادة 95، وانطلاقًا من هذا التفسير يرسم تصوره لكيفية تطبيقها. وقالت: «قبل أي نقاش حول إلغاء الطائفية، يجب أن نتفق أولًا على تفسير هذه المادة».

وتساءلت: «هل المقصود هو إلغاء التعددية الطائفية في لبنان، أي إلغاء تمثيل الطوائف في السلطة والتنوع المجتمعي والثقافي التي يشكل عنصر غنى للبلد؟ أم أن المقصود هو وضع حد لاستغلال خوف الطوائف من بعضها البعض، والهواجس الوجودية لدى بعضها، ومنع تحويلها إلى أدوات سياسية لتحقيق مآرب معينة؟»، مشيرةً إلى أنّ تفسير المادة هو ما يحدّد الأطر الدستورية والقانونية والمؤسساتية التي يفترض أن يتم من خلالها تطبيقها، انسجامًا مع نية المشترع الدستوري.

وأضافت: «أظهرت تجارب الدول المقارنة أن أي دولة تعددية لم تنجح في إلغاء تمثيل المجموعات المتعددة التي يتكوّن منها مجتمعها، سواء كانت لغوية أو إثنية أو عرقية أو دينية أو ثقافية. وعندما جرى تجاهل هذا الواقع، كانت النتيجة حروباً وصراعات داخلية، أو إقصاءً وانفصال جزء من المجتمع عن الدولة. في المقابل، نجحت الدول التي عمدت إلى منح ضمانات دستورية ومؤسساتية، سواء عبر أنظمة سياسية عادلة تتيح شكلاً من أشكال الاستقلالية المناطقية أو اللغوية أو الثقافية، أو عبر إنشاء مجلس شيوخ يمثل هذه المجموعات، أو اعتماد نظام انتخابي عادل، أحيانًا قائم على التمثيل التعددي وأحيانًا لا، في تخفيف التوترات بين هذه المجموعات، وفي تعزيز انتماء الفرد إلى الدولة وخلق مواطنية حقيقية».

وختمت بالقول: «من هنا، فإن المدخل الصحيح هو تفسير المادة بما يحقق نية المشترع الدستوري، وعندها نصل إلى تحقيق الهدف الحقيقي المرجو منها، ألا وهو إلغاء استغلال الطائفية وفتح الطريق أمام بناء مجتمع قادر على العيش معًا.»

مداخلة سعادة جاءت خلال الاجتماع التشاروي الذي عقدته وزارة العدل بالتعاون مع المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم، في إطار مشروع «بناء مستقبل لبنان». وقد تناول اللقاء آليات تطبيق المادة 95 من الدستور اللبناني، ولا سيما إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، إضافة إلى البحث في مسألة إنشاء مجلس الشيوخ.

وترأس الاجتماع وزير العدل عادل نصّار، وشارك فيه عدد من النواب هم سامي الجميّل، مروان حمادة، ملحم خلف، سيزار أبي خليل، إلى جانب الوزيرين السابقين إبراهيم شمس الدين وخالد قباني، وعضوي المجلس الدستوري السابقين عصام سليمان وأنطوان مسرّة، ومدير المؤسسة ربيع قيس، إضافة إلى عدد من القضاة والحقوقيين.