لا بطاقة تمويلية في الأفق المنظور

تتوالى الإجتماعات في السراي الحكومي والمجلس النيابي وفي وزارة الدفاع حول قضية رفع الدعم والبطاقة التمويلية، و”نحن في الهاوية ونحفر فيها” بحسب توصيف وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة، كما هو رأي معظم السياسيين والاقتصاديين الذين يعتبرون أننا وصلنا إلى مرحلة مقلقة، إذ عجلة الانهيار تدور بسرعة، في ظل تصريحات مصرف لبنان عن العجز في الاستمرار بدعم أسعار المواد الأساسية المستوردة وخطر المساس بالاحتياطي الإلزامي لديه… لكن يبدو أن لا حل في المدى المنظور.

منذ 5 أشهر يحمل رئيس لجنة الاقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط النائب فريد البستاني وعضو اللجنة النائب علي بزي، هذا الملف لعرضه على المسؤولين، وفق مدة شهر كان حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري للجنة النيابية للعودة بأجوبة جدية وشافية، لكن لا جواب على الرغم من المحاولات الحثيثة والتواصل والاجتماعات المتكررة مع المعنيين لعدم تصدع العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب.

تخبط كبير تعيشه السلطة في هذا الملف في ظل وضع اقتصادي ومعيشي بات ينذر بخطورة لم يشهدها لبنان في عز الحروب التي مرت عليه. فالعائلات الأكثر فقراً وحاجة تزداد يوماً بعد يوم، والمسؤولون يتلهون باجتماعات لا تأتي بأي ثمار في ظل عدم وجود تمويل مالي للبطاقة التمويلية، ويربطون تطبيق المشروع برفع الدعم عن السلع الأساسية كالمحروقات والخبز والدواء والمواد الغذائية والتي تتناقص بفعل عمليات التهريب.

ويحذر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الذي زار قطر لطلب الدعم لتمويل البطاقة التمويلية، من أن أي إجراء برفع الدعم ستكون له تداعيات خطيرة على معظم شرائح المجتمع اللبناني. وعلى الرغم من قوله أن هناك خطة جاهزة للبطاقة التمويلية ولعدد العائلات التي ستحصل عليها، فإن مصادر مطلعة أكدت لموقع “لبنان الكبير” أن اتخاذ قرار تنفيذها يحتاج الى إرادة سياسية، وفي حال اتخذ القرار يتم التطبيق خلال شهرين. لكن عدم اتخاذ القرار السياسي يعود لعدم وجود حكومة تتحمل وزر هذا الأمر والتهيب والتردد من تحمل المسؤولية على غرار ما حصل في إقرار سلسلة الرتب والرواتب، فيما يحتاج أيضاً الى مسألة تقنية تعود لعدم وجود داتا معلومات دقيقة في الدولة اللبنانية حول الأسر الأكثر فقراً.

وبحسب المعلومات، كانت الحكومة قدمت للجنة النيابية 4 سيناريوات وعند طلبها بتقديم سيناريو موحد من أجل تدوير الزوايا حصل قبول لهذا الطرح لكن تم التراجع عنه من قبل حكومة تصريف الأعمال 5 مرات. وذلك بسبب عدم استعداد الرئيس دياب لتقديم مشروع ترشيد الدعم من دون الموافقة على البطاقة التمويلية ورفع الدعم، والذي بدوره سيؤدي الى إرتفاع كبير في الأسعار، ووسط تباين أيضاً في الرأي بين الرئيس نبيه بري والرئيس دياب حول هذا المشروع بحسب مصادر مطلعة.

ومن المفترض أن تستفيد 750 ألف عائلة من البطاقة التمويلية التي لم تحدد قيمتها أيضاً بعد، لكن الأرقام تشير الى إمكانية أن تتراوح ما بين 800 ألف ليرة ومليون و300 ألف ليرة، ويبقى هذا الأمر مرتبطاً بالتمويل ومصادره وسط توقعات بتكلفة تصل الى 3 آلاف مليار ليرة لبنانية لتغطية العائلات المستهدفة.

وفيما يتهيب وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية من عدم وجود داتا وعناصر بشرية للقيام بالمهمة ومن عمليات التدقيق لا سيما مع صرف أموال قرض البنك الدولي ويريد للعملية أن تتم وفق القانون والشروط الموضوعة، تقترح جهات معنية بأن يتم اعتماد الداتا الموجودة لدى الجيش اللبناني والتي يتم العمل بها لمساعدة ودعم الأسر الأكثر حاجة، وكذلك الاستعانة بمشروع المنصة الموجود في وزارة الداخلية من أجل تسجيل العائلات المحتاجة للبدء بمشروع البطاقة التمويلية بالتوازي مع قرض البنك الدولي. وتشير المصادر الى أن وزير الاقتصاد يقترح الحصول على إحصاء عدد العائلات غير المحتاجة والغنية من أجل التوصل لتبيان العائلات الأكثر فقراً.

إذن في ظل عدم وجود مصادر تمويل سيبقى التخبط سيد الموقف وجميع الحلول الموضوعة للبدء بالبطاقة التمويلية لا تزال قيد الدرس والاجتماعات، وسط تراجع وانهيار وعدم تشكيل حكومة تنفذ خطة الإصلاحات، وضغوط دولية وإجراءات وعقوبات ستفاقم الحالة الاقتصادية والمعيشية فيما المساعدات الدولية التي ستمول هذا المشروع ستراكم الديون على لبنان بالعملة الخضراء أي الدولار إن كان من قبل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي.