لبنانيو الخليج... هل مصيرهم بيد الحزب؟

يبدو ان لعنة ما تلاحق اللبنانيين أينما وجدوا في العالم. فمن اختار البقاء في لبنان، بات يختنق من هواء الأزمات الملوّث الذي يلاحقه ويهدد استقراره المعيشي والحياتي والأمني، من دون ايّ حلول اصلاحية وتنفيذية تقدمها له الدولة. أما من هرب من الأزمة الى الدول العربية، أو سبق وكان قد استقر بها قبل نشوئها، فقد وجد نفسه اليوم خارجاً عن السيطرة، لا بل كاللعبة التي تتحكم بها عوامل خارجية من غير مقدوره التأثير عليها، وبات ينتظر القدر حتى يحدد مصيره ومصير عائلته التي هاجر معها.

154 ألف عامل لبناني في السعودية، 42 ألفاً في الامارات العربية، 13 ألفاً في الكويت و4 آلاف في البحرين (وفقاً لأرقام الـ Migration Policy )، كلهم يجلسون على أعصابهم، يترقبون ما ستخرج به اجتماعات المسؤولين "الباردين والبليدين" في تلبية شؤون الناس، ينتظرون "اقالة ام استقالة"لا يهم، انما ينتظرون تحديد مستقبلهم تحت ضغوطات قاسية جداً يسعون للخروج منها بأقل كلفة ممكنة.

 

لبنانيون خائفون

غادر جورج منذ حوالي 7 سنوات إلى المملكة العربية السعودية، ثم تبعته زوجته مع ولديهما ليستقرا في منطقة أكثر أمناً وانتاجاً مادياً. الا ان جورج "متشوّش" مما ستؤول اليه الاحداث معتبراً ان الغموض هو سيد الموقف ويقول لـ Kataeb.org: "من يعيش في المملكة، يعلم الكمّ الهائل من الاحترام والتقدير الذي يقدمه لنا السعوديون، الا انه يبدو ان بسبب حزب الله وسلاحه غير الشرعي، الأمور ليست على ما يرام، وسوف نعادي العالم كله ان بقي حزب الله هو المتحكم بنا، ونحن الشعب من سيكون الضحية".

وعلى عكس جورج، غادرت ماريا بيروت مع بداية الأزمة وتوجهت الى الإمارات العربية، تاركة والدها المريض لتهتم به والدتها واخواتها والعناية الإلهية. رحلة البحث عن الـ Fresh Dollar  لم تكن بالسهلة، فعلى الرغم من شهادات ماريا، الا ان التشدد بالمعاملات الورقية هو الحلقة الأصعب. وتقول لموقعنا: " حتى اليوم لم أستطع ان اقدم على فيزا للعمل واوراق الإقامة، والأمور مستتبة حتى الساعة، وعلى الرغم من التطمينات التي سمعناها، إلا اني خائفة من عرقلة أوراقي، في حال تم تصعيد الأزمة، وحينها سأجبر على توضيب أغراضي والعودة أدراجي".

 

عبدالله: أزمة لبنان-الخليج نتيجة سياسات خاطئة اتبعتها السلطة الحاكمة

في هذا الصدد، يحمّل  منسق العلاقات الخارجية في حزب الكتائب مروان عبدالله مسؤولية ما يحصل الى السلطة التي يصفها بالمجرمة، قائلاً: "سلطة مجرمة بحق شعبها اقل ما تكون عليه مجرمة بحق اصدقائها والدول التي لطالما مدت يد المساعدة لها، فالدولة المجرمة تكون كذلك مع الجميع".

ويعتبر عبدالله ان تموضع لبنان بمواجهة الخليج لا يخدمه، فلطالما كان موقع لبنان الطبيعي هو الصداقة مع الدول العربية لا سيما السعودية التي تربطه بها علاقة عضوية، سواء على صعيد الشعوب ام اليد العاملة ام التبادل الاقتصادي.

الا ان الأزمة الحاصلة،جاءت نتيجة مسار من السياسات والممارسات الخاطئة التي اتبعتها السلطة الحاكمة في لبنان، فـ "منذ تسلم 8 آذار الحكم في لبنان انقلبت الدفة في العلاقات بين لبنان والخليج، وبات لبنان يتبع المنحى الايراني بالتعاطي مع السعودية وسائر دول الخليج وهو منحى تصاعدي وتصادمي".

ويضيف عبدالله: "حزب الله لا يهتم بمصلحة لبنان فهو بالنسبة اليه مجرد منصة على الخريطة لتنفيذ سياسات ايران في المنطقة  فالمبدأ بالنسبة اليه هو تحسين ظروف ايران وموقعها حتى لو حصل ذلك على حساب لبنانوشعبه او حتى على حساب دول الخليج. ونرى ان لبنان منصة سواء من خلال خطابات امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله او من خلال تدريب الحوثيين في لبنان او تدريب الميليشيات العراقية، او عبر تدريب الحوثيين داخل اليمن ضد السعودية".

ويتابع: "كل هذه الممارسات التي لا تمت بصلة الى لبنان والى سيادته، وهي كانت ستؤدي حتماً الى تدهور العلاقة، اما تصريح  وزير الاعلام جورج قرداحي فكان "النقطة التي طاف من خلالها الكوب".

وحول مصير اللبنانيين في الخارج والسيناريو المرتقب حول العلاقة اللبنانية الخليجية عموماً والسعودية خصوصا، يشير عبدالله الى ان ردة الفعل السعودية وسائر الدول، لا سيما من ناحية سحب سفيرها من لبنان، كانت بحسب التراتبية، من أخفض ردات الفعل الممكنة.

ويضيف: "اذا اختار لبنان المنحى الايجابي واعلن الحياد، لن يسجل اي منحى تصاعدي من قبل الدول العربية، اما اذا بقي مصراً على موقفه، فقد نشهد عقوبات على شخصيات سياسية معينة، باعتبار تصنيف  حزب الله منظمة ارهابية بحسب الدول العربية، او قد يتم اعتماد سياسة منع السفر او ترحيل شخصيات موجودة على اراضيها يتعارض موقفها مع السياسة المتبعة مما يخلّ بمصالحها.

وعدا عن التداعيات السلبية على الاقتصاد، يستبعد عبدالله السيناريو اللاحق الذي قد يكون عقوبات على الطبقة الحاكمة ككل ومنع التحويلات المالية من والى لبنان.

الا ان عبدالله يطمئن ان المملكة العربية السعودية لن تعاقب اللبنانيين عبر ترحيلهم، لأنها تعلم ان "السلطة الحاكمة في مكان والشعب بمكان آخر"، وان الشعب لا يشبه هذه المنظومة ولا يريدها، ولكن من الاجراءات التي قد تقوم بها هي منع قدوم المزيد من اللبنانيين الى ارضها واستبدال اليد العاملة اللبنانية بالأردنية على سبيل المثال او المصرية ذات الكفاءة عينها.