المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
السبت 27 تموز 2024 14:35:56
بعد ثلاثة أشهر يطفئ الفراغ الرئاسي شمعته الثانية. وعلى رغم غزارة المبادرات الداخلية والخارجية المطروحة إلا أنها وُضعت جميعها في ثلاجة الإنتظار أو تم ترحيلها بقرار من الثنائي الشيعي.
فمن مبادرة الإعتدال إلى مبادرة اللقاء الديمقراطي ثم مبادرة التيار الوطني الحر وصولا إلى مبادرة المعارضة الرئاسية التي شكلت خارطة طريق تبلور الطروحات التي كان أفرقاء المعارضة قد طرحوها بشكل متفرق، وقد وُضعت في وثيقة واحدة وأُضيفت بعض النقاط الإيجابية إليها، بهدف إحداث خرقٍ في النقاش لإيجاد سبل للوصول إلى جلسة انتخاب دستورية، لكن بدورها لم تلق الصدى.
قد يكون من المبكر وضع مبادرة المعارضة الرئاسية في دائرة السلف. فثمة من يؤيد وهناك من يريد الذهاب إلى أبعد من الطروحات الواردة فيها في حين أن البعض يحاول التخفيف من وقع أي محاولة للوصول إلى انتخابات رئاسية ضمن الدستور. وما بين الحدين رفع النائب السابق فارس سعيد الصوت ودعا فريق المعارضة إلى " قراءة احداث المنطقة خصوصا بعد كلام بنيامين نتنياهو، وتقدير الموقف والمبادرات والاحتمالات، والارتقاء إلى مستوى الاحداث". فهل تخطت مواقف المعارضة أطر الدعوات التي يطرحها سعيد؟.
استطرادا يجيب عبر"المركزية" "نحن لا نطرح أنفسنا على أننا ندرك أكثر من غيرنا، ولا نهدف من خلال ما طرحناه إعطاء النصائح لفريق المعارضة. لكننا لمسنا أن العالم يهتم بلبنان اليوم بسبب وجود حزب الله كونه يشكل شوكة في خاصرة إسرائيل وليس كقيمة وطنية وثقافية وتاريخية. وعليه تسعى الدول إلى استرضاء الحزب لردع أخطاره عن الدول وتحديدا عن إسرائيل إنطلاقا من مصالح الدول المشتركة أو عبر إدخال حزب الله في تفاهمات المنطقة".
خطاب رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو أمام مجلس الشيوخ منذ يومين دق ناقوس الخطر، ورفع منسوب الخطر من توسيع رقعة الحرب على لبنان مع ارتفاع وتيرة الضربات التي وجهها حزب الله إلى عمق المستوطنات الإسرائيلية. في السياق يقول سعيد" نتنياهو يريد غزة منزوعة السلاح، ويرفض أي حل على قاعدة الدولتين والقدس لن تكون عاصمة لفلسطين ، كما يراهن على وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. في المقابل هناك إيران التي تقاتل بالعرب حتى تصبح نووية،والعرب نيام! لكن ماذا عن لبنان؟ في العام 1982 كان الإهتمام الدولي باقتلاع أبو عمار من بيروت، واليوم يركز اهتمامه على حزب الله .وما بين الأعوام 1982 و2006 كانت هناك قوى قادرة على الدفاع عن مصلحة لبنان، والمطلوب أن تعيد تشكيل ذاتها لمصلحة لبنان . فنحن امام لحظات تاريخيّة وفي عين العاصفة بسبب الحرب التي فتحها حزب الله في الجنوب لنصرة غزة .والعالم لا يعطي قيمة للتجربة اللبنانية، إنما للإستقرار وضمان الأمن في المنطقة، وهو يتعاطى مع جميع الأفرقاء ومن ضمنهم حزب الله".
إنطلاقا من هذه المشهدية التي لا تؤشر إلى التفاؤل يدعو سعيد "المعارضة الى الوعي والخروج من محليّتها خصوصا أن كل الإحتمالات مشرّعة وقد تؤدي إلى مزيد من التردي".
ما تقوم به المعارضة من مبادرات لا يخرج عن مضمون الطرح الذي يتقدم به سعيد وكل المواضيع تطرح بين القوى السياسية المعارضة من دون شروط مسبقة. لكن الأمر يواجه في كل مرة من قبل الفريق الآخر الذي يمسك بمفاتيح مجلس النواب والذي لم يقدم أي خطوة باتجاه تذليل العقبات لانتخاب رئيس، إنما يصر على مرشح معين وإجراء حوار كشرط مسبق للانتخابات الرئاسية. وهذا ما عبر عنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عندما اتهم الرئيس نبيه بري بتطيير الانتخابات الرئاسية في رده عما نُقل عن الأخير بقوله إن حل الأزمة الرئاسية جاهز عبر ثلاثية "تشاور فتوافق فانتخاب"، وإنه لا مجال لانتخاب رئيس للجمهورية من دونها.وهذا المنطق يشكل ضرباً كاملاً للدستور.. من هنا حتمية إجراء الانتخابات الرئاسية كما ينص عليها الدستور، وليس ربط إتمامها بتوافق مزعوم قوامه الفعلي موافقة الجميع على مرشح حزب الله".
إذا في الصميم لا خلاف على الجوهر ويقرّ سعيد " بالمحاولات الحثيثة التي قام بها فريق المعارضة ولا يزال للتصدي لمحاولات وضع اليد على لبنان. لكن هناك خطوات يجب أن تقوم بها أحزاب وشخصيات معارضة لإحداث توازن وهي تدرك ذلك، لا سيما بعد خطاب نتانياهو أمام مجلس الشيوخ لأن احتمالات إدخال لبنان في آتون الحرب باتت أكبر وأصبح من واجب المعارضة التمسك بالأولويات التي تحمي لبنان وهي التمسك بالدستور والطائف وقرارات الشرعية العربية والدولية وتشكيل نصاب وطني قادر على انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وإطلاق ورقة بهذه الثوابت للفت انتباه العالم لها. أما أن تبقى المعارضة في السجال، مع التقدير الكامل لكل ما قامت به حتى اليوم، فإنه غير كاف".
بالنوايا والمبادرات العملانية لا بد من الإقرار بأن ما تقوم به المعارضة لا يخرج عن إطار الدعوة التي أطلقها سعيد، لكن المطلوب "طرحها داخل التجمعات والأحزاب لوضع مانيفست سياسي يحددّ مصلحة لبنان في ظلّ الواقع والدفاع عن لبنان الحرّ والسيّد والمستقلّ والعربيّ الهويّة والانتماء لأن استراتيجية حزب الله تقوم على تغليب مصلحة إيران. وحدها المعارضة تدافع عن مصلحة لبنان وهي قادرة على ذلك إذا توحدت حول هذه الأولويات "يختم سعيد.