المصدر: النهار
الكاتب: وجدي العريضي
الاثنين 9 تشرين الأول 2023 08:14:50
يُنقل عن مرجعيات سياسية وما يُسرّب في مجالسها، أن لا رئيس في لبنان قبل ترتيب الوضع في المنطقة وتحديداً مثلث لبنان – سوريا – العراق، وربطاً بالحوار الأميركي الإيراني وما سيصل إليه بمعنى أن طهران و"حزب الله" يريدان ثمناً باهظاً لتمرير الاستحقاق الرئاسي وحصراً سحب رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية. ولكن ما جرى في الأيام الماضية في سوريا أعاد إيقاظ الحرب عبر تفجير الكلية الحربية في حمص، الى ما يحصل في غزة وما بينهما من الأحداث المتنقلة بين مواطنين لبنانيين ونازحين سوريين، فهذه التطورات مجتمعة وما قد يعقبها من إشكالات تقع على الساحة اللبنانية بفعل الفلتان الأمني، ستكون لها تداعيات واضحة على الاستحقاق الرئاسي وأوضاع البلد عموماً، إذ ثمة خلط أوراق سياسياً ورئاسياً بدأت ملامحه بالظهور نتيجة التطورات الواضحة من الداخل الى المنطقة.
في السياق، تشير مصادر سياسية متابعة الى تراجع حركة الموفدين الفرنسي والقطري بانتظار القرار الأميركي وما ستؤول إليه الأجواء في الإقليم، إذ لذلك صلة وارتباط وثيقان بالمجريات اللبنانية التي تُعدّ أكثر من يتلقف ويتأثر بما يحدث في سوريا وفلسطين، ومن الطبيعي أن لذلك انعكاسه على المسار الرئاسي وما يقوم به الموفد القطري جاسم آل ثاني "أبو فهد"، وصولاً الى الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان الغائب عن السمع، وثمّة تأكيد أن آخر اتصال أجراه مع المسؤولين اللبنانيين كان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويترقب انتهاء مهمة "أبو فهد" ليبني على الشيء مقتضاه. بمعنى أوضح، إن الموفد القطري خلال لقاءاته الأخيرة لم يطرح أي اسم على من التقاهم لكنه شدّد على الخيار الثالث فيما الأسماء التي تتبناها الدوحة معروفة وتحديداً قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، لذا فإن لودريان إن لم يلمس أي تقدم في مهمة "أبو فهد"، فلن يعود الى بيروت إلا عبر وجود مؤشرات أو خرق يمكن البناء عليه، والمؤكد أن وزير الخارجية الفرنسي السابق، أضحى من رواد الخيار الثالث بعد التواصل والتنسيق الفرنسي – السعودي وآخرهما لقاء الرياض الذي جمعه مع وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بحضور المستشار نزار العلولا والسفير وليد بخاري.
وتتابع المصادر لافتة إلى أن التباينات على خط الخماسية أُزيلت بعد اقتناع الجميع بأن الخيار الثالث هو الأنجع للخروج من الستاتيكو والاصطفافات بين الممانعة والمعارضة ومعادلتهما أضحت خارج التداول، إضافة – خلافاً لما ينشره البعض – إلى أن التنسيق بين الدوحة والرياض جارٍ على قدم وساق، وهو ما تبدّى من خلال زيارة السفير القطري سعود آل ثاني للسفير السعودي وليد بخاري، وكان الاستحقاق الرئاسي وما وصلت إليه اتصالات ومساعي اللجنة الخماسية الطبق الرئيسي بينهما، ولا يخفى على أحد أن الكلمة الفصل هي في واشنطن وقد سبق لـــ"النهار"، قبل أكثر من أسبوعين، أن أشارت إلى أنها من عاد ليُمسك بالملف اللبناني ومن ثم الدخول بقوة على الخطين السوري والعراقي في إطار ما يجري في المنطقة ولفرض أجندتها في المفاوضات مع إيران وصولاً الى الحرب الروسية – الأوكرانية، بمعنى الإمساك بأكثر من ورقة إقليمية ودولية، ولهذه الغاية ثمة استحالة بانتخاب الرئيس دون الموافقة الأميركية بالتمام والكمال، والمسألة العالقة تكمن في الإخراج أكان على صعيد الثنائي الشيعي حول كيفية سحب مرشحه فرنجية والثمن الذي يريده الثنائي وصولاً الى إيران، وهذه العناوين لها صلة مباشرة وأساسية لإنهاء الشغور الرئاسي الذي يوماً بعد يوم يسبّب خسائر هائلة للبنان على كافة المستويات.
وتخلص لافتة إلى أنه إزاء هذه الأحداث المتلاحقة في المنطقة الى الدوران في حلقة مفرغة داخلياً، فالأمل ما زال قائماً أن تحقق اللجنة الخماسية خرقاً لن يكون سهلاً بحيث كل المكونات السياسية تريد ضمانات وتعهدات ومكاسب، لكن حين تأتي اللحظة الإقليمية والدولية المؤاتية، عندها ليس بوسع أي فريق مهما كان حجمه أن يستمر بالمناورة والغرق في ترف الوقت.
في المحصّلة، وهنا بيت القصيد، المخاوف تتعاظم حيال ما يجري في سوريا وفلسطين وانعكاسها على الساحة اللبنانية التي تبقى منصة للرسائل من هذا الفريق الإقليمي وذاك، فضلاً عن موضوع النازحين الذي بدأ يأخذ أشكالاً متعددة الجوانب سياسياً وشعبوياً دون الإدراك أنه قنبلة موقوتة وقد يُستغل غب الطلب في الصراع الدائر محلياً وخارجياً.