لبنان لم يعد معلقاً بالملف النووي الإيراني؟

لم يكن الموقف الذي اعلنه مستشار المرشد الايراني علي اكبر ولايتي، بخصوص استمرار ايران بدعم وتمويل حزب االله ، الموقف الوحيد الذي يصدر عن النظام الايراني مؤخراً، ويعبّر عن التدخل الايراني الفاضح بالشؤون الداخلية اللبنانية، واستباحة لبنان لمصلحة ايران، بل توحي التصريحات والمواقف التي يدلي بها المسؤولون الايرانيون تباعاً وعلى اعلى المستويات، وآخرهم رئيس مجلس الامن القومي علي لاريجاني خلال زيارته للبنان، باعلان رفض بلاده قرار الحكومة اللبنانية، بنزع سلاح حزب الله،  وكأن لبنان، ليس دولة مستقلة قائمة بحد ذاتها، وانما  ساحة مستباحة، وولاية تابعة لايران، يحلو لهم التصرف بها كما  يشاؤون من خلال دعم وتمويل وتسليح حزب االله، كما بعض الفصائل والتنظيمات الفلسطينية، بحجة مقاومة اسرائيل تارة ،ومؤازرة الشعب الفلسطيني والدفاع عنه بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي تارة اخرى، في حين يعلم القاصي والداني ان تبنِّي هذا الدعم، هو لمصادرة القضية الفلسطينة لمصالح ايران اللهيمنة على المنطقة العربية، وإبقاء لبنان ساحة لنفوذها ومقايضة صفقاتها مع الغرب عموما. 
 
سقطت ذريعة النظام الايراني بدعم حزب االله لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي بعد تحرير لبنان من الاحتلال في العام الفين، وتحول سلاح الحزب ضد اللبنانيين بالداخل، لمصادرة القرار السياسي ومقدرات الدولة واغتيال الوطنيين المعارضين، وبعدها عبور الحزب الحدود اللبنانية، لقتل السوريين المعارضين لنظام  الرئيس بشار الاسد، والمشاركة بالحروب المذهبية بالعراق، واليمن وتهديد دول الخليج العربي لمصلحة ايران. 
 
اليوم تبدلت الظروف التي استقوى بها النظام الايراني بالتناغم مع الولايات المتحدة الاميركية  وغض النظر منها،للسيطرة على المنطقة العربية، واستغلال لبنان ساحة لتحقيق مصالحه ومقايضة صفقاته مع الغرب، ولم تعد الظروف السائدة اليوم كما كانت كانت من قبل، بعد خسارة حزب الله المدوية، لحرب «الاسناد» التي شنّها ضد اسرائيل قبل عامين، واضطراره للتوصل لوقف الاعمال العدائية مع اسرائيل وقبوله بتنفيذ القرار١٧٠١، وبسط سيطرة الدولة اللبنانية على كل الاراضي اللبنانية، وبعدها سقوط نظام بشار الاسد ، حليف ايران وحزب الله وقيام سلطة سورية معادية لهما، وتعرُّض ايران لضربة عسكرية اسرائيلية اميركية، قتلت كبار قادتها العسكريين والخبراء النوويين  ودمرت العديد من المواقع النووية فيها.
 
اليوم هناك سلطة مكتملة في لبنان، اسقطت القرار السياسي عن سلاح الحزب، بعد قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة وحدها،واصبح  السلاح مجرداً من الغطاء السياسي الذي كان يتلطَّى وراءه، ويستقوي به لاستباحة لبنان لمصلحة ايران، وملاحق من الدولة والخارج لتسليمه، بالرغم من كل التهويلات بالتصادم العسكري والحرب الاهلية وما شابه، واصبح التدخل الايراني لتعويم سلاح الحزب ، معنوياً ، بسبب رفض السلطة السياسية، لمثل هذا التدخل ، وإصرارها على تنفيذ حصر السلاح بيدها، بدعم شعبي واسع  وتأييد عربي ودولي، والاخطر من ذلك تواصل تهديدات اسرائيل بغطاء اميركي ، لنزع السلاح بالقوة، وربط  المجتمع الدولي قيامة لبنان من عثراته، والمساعدة في حل ازماته المتعددة بإغلاق ملف نزع سلاح الحزب قبل ذلك.