المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: يوسف دياب
الأربعاء 17 كانون الثاني 2024 07:17:06
طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات اللبنانية بإطلاق سراح هنيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي السابق المحتجز في لبنان منذ نهاية عام 2015، وقالت في بيان إنه «يتعين فوراً على السلطات اللبنانية إطلاق سراح القذافي المحتجَز ظلماً». فيما رفض الجانب اللبناني هذه الاتهامات، وأكد أن هنيبال «موقوف بملفّ قضائي مرتبط بإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين»، معتبراً أن «الضغوط التي تمارَس على القضاء لن تؤدي إلى الإفراج عنه قبل تحديد مصير الصدر ورفيقيه».
واختُطف هنيبال في لبنان منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) 2015 بعد استدراجه من سوريا إلى البقاع اللبناني، بعملية دبّرها النائب السابق حسن يعقوب نجل الشيخ المغيّب محمد يعقوب، الذي أوقفه القضاء اللبناني مع أربعة آخرين لمدة ستة أشهر، فيما أُحيل هنيبال إلى المحقق العدلي في قضية خطف وإخفاء الصدر ورفيقه القاضي زاهر حمادة الذي استجوبه وأصدر بحقه مذكرة توقيف بتهمة «كتم معلومات» تتعلق بهذه القضية ومسؤوليته عن الإشراف على السجون السياسية في عهد والده معمر القذافي.
ووجهت «هيومن رايتس ووتش» انتقادات قاسية إلى القضاء اللبناني، وقالت المديرة المساعدة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المنظمة الدولية، حنان صلاح، إن «الاحتجاز التعسفي المفترض لهنيبال القذافي بتهم ملفقة بعد إمضائه ثماني سنوات في الحبس الاحتياطي، يثير السخرية من النظام القضائي اللبناني الضعيف أصلاً». ورأت أن «السلطات اللبنانية استنفدت منذ فترة طويلة أي مبرر للاستمرار في احتجاز القذافي، وينبغي لها إسقاط التهم والإفراج عنه». وقالت حنان صلاح: «ندرك أن الناس يريدون معرفة ما حدث للإمام موسى الصدر، لكن من غير القانوني إبقاء شخص رهن الاحتجاز الاحتياطي لسنوات كثيرة لمجرد ارتباطه المحتمل بالشخص المسؤول عن ارتكاب الخطأ».
وردّ مصدر رسميّ لبنانيّ معنيّ بالقضية على «منظمة هيومن رايتس ووتش»، معتبراً أن «هناك تساؤلات كبيرة حول المعايير التي تتّبعها المنظمة في معرض متابعتها لقضايا حقوق الإنسان في العالم». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن المنظمة «بنت تقريرها على معلومات استقتها من فريق الدفاع عن هنيبال القذافي، ولم تأخذ برأي الطرف الآخر، أي عائلة الصدر ورفيقيه». وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه، إن التقرير «أفاد بأن حال القذافي الابن، كما حال الكثير من اللبنانيين الذين تتأخر محاكماتهم، وهو محقّ في هذه النقطة وذلك بسبب بطء الإجراءات القضائية في لبنان كما في كلّ دول العالم، ما يعني أن القذافي ليس مستهدفاً بشخصه على الإطلاق». وأضاف: «لم نلقَ تعاوناً جدياً من الجانب الليبي، والمحقق العدلي أرسل مذكرة طلب فيها تبليغ 13 مسؤولاً سابقاً في نظام معمر القذافي بينهم عبد السلام جلّود وموسى كوسا، لكن لم تتم الاستجابة لهذا الطلب حتى الآن».
ويحمّل لبنان نظام الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي، مسؤولية خطف وإخفاء الصدر منذ عام 1978 وعدم الكشف عن مصيره. وجزم مصدر قضائي لبناني بأن «ملفّ هنيبال قضائي بامتياز وتوقيفه لا يخضع للاعتبارات السياسية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «القضاء اللبناني لا يستهدف هنيبال لغاية الانتقام والتشفّي، بل استناداً إلى جرائم ارتكبها تتعلّق أولاً بكتم معلومات عن مصير الصدر، وثانياً لأنه كان مسؤولاً عن السجون السياسية في فترة حكم والده، بينها السجن الذي كان يُعتقل فيه الصدر»، كاشفاً عن أن «المحقق العدلي زاهر حمادة وضع يده على مستندات وفيديوهات محفوظة في الحاسوب الشخصي العائد للقذافي الابن، عن المعتقلات السياسية وعمليات التعذيب التي تحصل فيها، وأدلة تبيّن أن هنيبال يكنّ العداء للإمام الصدر».
وفي يونيو (حزيران) 2023، بدأ القذافي إضراباً جزئياً عن الطعام، للضغط على السلطات اللبنانية لإطلاق سراحه. لكنَّ المصدر القضائي أشار إلى أن هنيبال يتمتع الآن بصحة جيدة ويُعرض على المعاينة الطبية بشكل منتظم، وأن حالته الصحية والنفسيّة تحسنت بشكل كبير بعد أن سمحت السلطات اللبنانية لأولاده بالإقامة في لبنان وتسجيلهم بمدارس لبنانية بعد أن كان ممنوعاً على أحد من عائلة القذافي أو القريبين منه دخول لبنان منذ ما بعد اختفاء الصدر»، لافتاً إلى أن «زوجة هنيبال وأولاده يزورونه في السجن بشكل دوري».
وتسلم لبنان في أغسطس (آب) الماضي رسالة من وزيرة العدل الليبية تبدي فيها استعداداً للتفاوض من أجل التوصل إلى حل يُفضي لإطلاق سراح نجل القذافي، وكشف المصدر القضائي اللبناني عن أن «وفداً من وزارة العدل الليبية سيزور بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة، لإجراء محادثات مع وزارة العدل اللبنانية ولجنة المتابعة لملفّ الصدر، في إطار تفعيل مذكرة التفاهم الموقَّعة بين الجانبين في عام 2014». وقال إن «هذه الزيارة تأتي ترجمة للقاء الذي جمع وزير العدل اللبناني هنري الخوري ونظيرته الليبية في بغداد في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي».