لجنة الرقابة على المصارف.. حمود: نمطها لم يعد صالحاً

لم يمض الكثير على تعيين مجلس الوزراء لجنة الرقابة على المصارف، ولم يحن بعد أوان تقييم أدائها، أو المهمات التي اضطلعت بها وفق الصلاحيات الممنوحة لها بموجب قانون النقد والتسليف.

فأعمال اللجنة لم تنطلق جدياً حتى اليوم، وتقتصر على الملفات الروتينية المعتادة، والمشاركة في وضع أطر للإنقاذ المصرفي والمالي في انتظار إبصار "قانون الفجوة المالية" النور الذي سيسمح بوضع "قانون الإصلاح المصرفي" قيد التنفيذ، بعدما ربط المشرع تطبيقه بإقرار الأول.


بيد أن ما ينتظر لجنة الرقابة، لا تُحسد عليه. فما آلت إليه أوضاع مصارف لبنان، لن يمنحها أي غفران على "مسايرة" أو تلكؤ، أو رضوخ "للواسطة" في التغاضي عما قد تضع يدها عليه من مخالفات أو شوائب في القطاع.
أناط "قانون إصلاح المصارف" في المادتين 17 و23 منه، باللجنة، القيام بمهام أساسية في معالجة أوضاع القطاع المصرفي، ومنحها حق "إرسال تقرير إلى الهيئة المصرفية العليا حول نتائج التقييم" الذي ستجريه اللجنة للمصارف، يمكنها أن تقترح فيه "شطب" أي مصرف أو دفعه "مجبراً" إلى الاندماج بمصرف آخر، لا تجد فيه وفق "التقييم" الأهلية والملاءة اللازمة للاستمرار في السوق.
ولكن من يحاسب اللجنة إذا تلكّأت في مهامها؟ وما المهام التي تنتظرها؟


علة وجود لجنة الرقابة على المصارف ليست ضبط القطاع، ومنع جنوحه نحو المغامرة، أو المقامرة بودائع الناس فحسب، بل بإظهار الحزم والتشدد وفرض "هيبة" القانون، لإعادة الثقة الوطنية والدولية مجدداً بمصارف لبنان التي تشوّهت صورتها كثيراً، وخسرت – إلى الثقة – رؤوس أموالها، وجنى أعمار مودعيها، لأسباب عدة، منها وفق ما تؤكد مصادر مصرفية "تقاعس الرقابة، وتفرّد الحاكم السابق بالقرار".


أمام اللجنة تحديات عدة، أولها إعادة سلطة الرقابة على المصارف إلى دورها التاريخي، الذي شارك في بناء مجد الصناعة المصرفية اللبنانية سابقاً. والثاني، تفعيل مشاركتها في إعادة إنتاج الثقة بالقطاع المصرفي، ومنحها فرصة ممارسة الوظيفة الاستثنائية التي منحها إياها "قانون الإصلاح المصرفي".
ويوضح رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود لـ"النهار" أن "اللجنة تقوم بإعداد تقارير أو عمليات تدقيق وتحقيق، وترسل نسخة منها إلى المصرف المعني، ونسخة أخرى إلى الحاكم. وعندما تكون هناك ملاحظات جوهرية، يتخذ القرار بشأنها في المجلس المركزي.


ووفق القانون، فإن الجهة الوحيدة التي يمكن أن يكون لها رقابة على اللجنة أو أن تقيّم أعمالها هي الحاكم. فالقانون أعطاه صلاحية تنبيه الرئيس أو أي عضو لا يقوم بمهامه بالشكل الصحيح. وهذا التنبيه يمكن أن يتطوّر لاحقاً إلى إنذار، وإن لم يتم الامتثال، يمكن للحاكم أن يصدر قراراً بإقالته ويبلغ مجلس الوزراء. وإن لم يتخذ مجلس الوزراء أي إجراء خلال شهر، يُعتبر قرار الحاكم نافذاً.
ولكن هل حدث مثل هذا الأمر سابقاً؟ يقول حمود "في الواقع، لم يحصل هذا الأمر في السابق، ولا أعتقد أنه سيحصل لأسباب تتعلق باحترام التوازن بين موقع الحاكمية وموقع لجنة الرقابة على المصارف، خصوصاً أن كليهما تعيّنهما السلطة نفسها".


أما عن الدور الرقابي الحالي للجنة، فيشير حمود "اعتدنا على نمط رقابي تقليدي يعتمد في النهاية على تقارير دورية تعدّها اللجنة للمصارف، استناداً إلى المستندات والأرقام التي تصلها، دون الحاجة إلى الحضور الميداني. لكن، لكي تؤدي اللجنة دوراً فعالاً، يجب أن تخرج من النمط القديم. الرقابة اليوم يجب أن تكون مختلفة، فنمط العمل القديم الذي يعتمد على نسب السيولة والملاءة ومراكز القطع لم يعد كافياً. وما نحتاج إليه هو رقابة تتابع الحركة اليومية للحسابات، كيفية إصدار الشيكات، عمليات البيع والشراء، تغطية المدفوعات، وكل التفاصيل المتعلقة بالودائع والموجودات".


فهل من الضروري تعديل القانون أو آلية عمل اللجنة؟ القانون المتعلق بالإصلاح المصرفي وضع، ولكن تطبيقه معلق إلى حين تحديد حجم الفجوة المالية. وحين يتم تحديدها يتطلب من اللجنة جهداً لا يقلّ عن سنتين، لأنه يلزمها بتقييم كل بنك من حيث قدرته على تغطية التزاماته واستمراريته. وبعدها تعد اللجنة تقريرها، ويُبنى عليه القرار بشأن ما إن كان البنك قابلاً للحياة أم لا".