لجنة تقصي الحقائق في رخص السير والسَّوق: أي سبب لجمع التلزيمات في شركة واحدة؟

لم يخرج الاجتماع الأخير للجنة تقصي الحقائق في مشروع النظام المتكامل المتعلق بإصدار رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية والملاحقات الإلكترونية ولوحات التسجيل، بنتائج حاسمة، على الرغم من الاستماع إلى أكثر من وزير داخلية.


فما النتائج الأولية التي خلصت إليها اللجنة؟


من يستمع إلى أعضاء لجنة تقصي الحقائق في "المشروع المتكامل المتعلق بإصدار رخص السوق والسير..."، يعتقد أن الأمر في حاجة إلى الكثير من الوقت للوصول الى حقيقة ما جرى بعد تلزيم رخص السير والسوق وأرقام السيارات لشركة واحدة.


عندما تولى العميد مروان شربل وزارة الداخلية في حكومة الرئيس نجيب مياقتي الثانية عام 2011، أعدّ مشروعاً لتلزيم شركة "أرقام السيارات" بهدف تنظيم إعطاء الأرقام ومنع الاستنسابية لدى بعض موظفي هيئة إدارة السير (النافعة).

لم يكتب لمشروع شربل النجاح بسبب استقالة الحكومة وبالتالي تجميد ذلك المشروع وغيره من المشاريع المتعلقة بتحسين أداء النافعة. ثم جاءت حكومة جديدة برئاسة الرئيس تمام سلام وعيّن نهاد المشنوق وزيرا للداخلية.


ويعود تاريخ المناقصة التي أطلقتها هيئة إدارة السير والآليات والمركبات في لبنان لتلزيم مشروع "رخص سوق ورخص سير المركبات الآلية ولاصقات إلكترونية ولوحات التسجيل الآمنة وبرامج مكننة مصلحة تسجيل السيارات الآلية" إلى تشرين الاول 2014.

النقاش في لجنة تقصي الحقائق التي يرأسها النائب ابرهيم منيمة يركز على جمع المشاريع المتعلقة برخص السوق والسير واللاصقات الإلكترونية فضلاً عن تصنيع لوحات السيارات وتركيبها وكذلك نظام مكننة أعمال مصلحة تسجيل السيارات والآليات.


تلك النقطة شكلت الأساس الذي انطلقت منه لجنة تقصي الحقائق. ولكن بعد اجتماعات بدأت في أيلول الفائت وحتى مطلع الشهر الحالي، ماذا حققت؟

التصميم لا يكفي...
يحرص رئيس لجنة تقصي الحقائق النائب منيمنة على التأكيد أن الجهد ينصب على كشف التجاوزات إذا وجدت، ومن ثم إجراء المقتضى. إلا أن التجاوزات في حال التأكد منها تعود إلى ما قبل شروع الشركة "المتعددة الخدمات" في عملها.

وبحسب النقاش الذي جرى في الجلسة الأخيرة للجنة، فإن الأسئلة تركزت على أسباب جمع الخدمات الخمس في شركة واحدة وعدم الاستمرار في مشروع الوزير شربل الذي أعد مناقصة لأرقام السيارات وأرسلها إلى دائرة المناقصات، ولكن بسبب استقالة الحكومة لم يتسنّ له متابعة الأمر.

وما حدث لاحقاً كان دمج الخدمات الخمس في مناقصة واحدة، وهنا السؤال عن السبب، عدا عن أنه لا يمكن شركة واحدة أن تكون مختصة بتقديم كل تلك الخدمات بمفردها، وأي خلل أو إشكال مع الشركة سيؤدي حتماً إلى توقف الخدمات الخمس وبالتالي إلحاق الضرر بخزينة الدولة وبمصالح المواطنين. وهذا الأمر ظهر جلياً في أكثر من مناسبة.
إلى ذلك، يستعيد بعض النواب من أعضاء اللجنة ما سبق تلزيم الشركة الحالية ولا سيما لجهة قصر المدة الزمنية بين الإعلان عن المناقصة وفض العروض، وان الفترة لم تكن تتجاوز الاسبوعين، ما يعني أنه لم يكن أمام الشركات المهتمة متسع من الوقت لتحضير المستندات القانونية والفنية وغيرها، وهي حتماً يصل تعدادها الى العشرات، وذلك يمثل المدخل القانوني للمشاركة في المناقصة، فضلاً عن أن دفتر الشروط كان طويلاً ويتجاوز الـ185 صفحة.

كل ذلك يفضي بحسب الوقائع الى أن المناقصة كأنها أعدت لتلائم شركة واحدة هي التي فازت بها وشرعت في تقديم الخدمات، ما طوى مع ذلك المرحلة التي سبقت فوزها.

ويلفت عضو لجنة تقصي الحقائق النائب أنطوان حبشي إلى أن "الأمر يحتاج إلى مزيد من الوقت"، ويوضح لـ"النهار" أن "اللجنة لا تزال في طور الاستماع إلى المعنيين وأن هناك الكثير ممن يجب الاستماع إليهم، وهناك قرارات قضائية في هذا الصدد، ما يعني أن المشوار طويل والمداولات سرية ولا يمكن كشف ما يجري داخل اجتماعات اللجنة".
فهل تخرج اللجنة بنتائج ملموسة، أم أن ما تقوم به لن يتجاوز حدود الاستماع على قاعدة "عفا الله عما مضى؟".