لقاء أميركي فرنسي عسكري وسياسي: الأخذ بيد حكومة لبنان والجيش

رسمت إيران خطها الأحمر في لبنان، وهو دعم حزب الله وكل حلفائها ورفض تسليم السلاح، مع رفع عنوان واضح هو "الحوار والتوافق" لمعالجة هذا الملف. هذا كان في اللقاءات الرسمية. أما في اللقاءات السياسية التي عقدها مع قوى ومجموعات على علاقة تحالفية مع طهران، فقد أكد علي لاريجاني أن طهران لم تخرج مهزومة مع الحرب مع إسرائيل، وأنها تعمل على تطوير قدراتها وتقنياتها، وستسعى إلى توفر كل مقومات الدعم ووفقاً لطريقتها. لكن السؤال الذي طرحه كثيرون هو حول كيفية إيصال هذا الدعم، لا سيما بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتضييق الخناق بشكل كامل على الحزب عسكرياً ومالياً. غداة هذه الخلاصة التي تكونت إيرانياً، أو بالأحرى بعدما قالت طهران كلمتها على الساحة اللبنانية، كان الملف اللبناني حاضراً في العاصمة الفرنسية باريس على طاولة الفرنسيين والأميركيين. 

اجتماع باريس 

شهدت فرنسا يوم الخميس اجتماعاً سياسياً، ديبلوماسياً وعسكرياً لمسؤولين فرنسيين، أبرزهم مسؤولة ملف الشرق الأوسط آن كلير لوجاندر مع قادة في الجيش الفرنسي، إلى جانب قادة عسكريين أميركيين ضمن قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي (سنتكوم) والموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان توم باراك. عملياً ناقش الاجتماع كل ملفات المنطقة، ولكن بالأخص الملف اللبناني من دون إبعاده عن الملف السوري، خصوصاً أن النظرة الدولية للبنان لا تنفصل عن النظرة إلى سوريا، في ظل حجم الترابط بين الملفات، وبالنظر إلى أن دمشق هي نقطة الوصل مع لبنان ونقطة القطع مع حزب الله وطرق إمداده. 

للاجتماع الفرنسي الأميركي أهداف عديدة، أبرزها البحث في مسار التمديد لقوات اليونيفيل، لا سيما أن فرنسا هي التي ستعمل على إعداد المقترح المكتوب، وتحاول باريس إقناع واشنطن بالتمديد لقوات الطوارئ الدولية، والحفاظ على ميزانيتها وعديدها، مع توسيع صلاحياتها ونطاق عملها، بينما في واشنطن هناك اتجاهات عديدة بعضها يشير إلى تخفيض الميزانية والعديد وتقصير مدة الولاية، فيما وجهة نظر أخرى تشير إلى أن يكون التمديد لسنة تكون أخيرة، إذ يفترض بعدها أن يتم الاستغناء عن عمل اليونفيل في لبنان. 

مواكبة الحكومة

هدف آخر يتصل بالتعاون الأميركي الفرنسي في سبيل تفعيل عمل لجنة مراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية وتكثيف الاجتماعات من أجل ضمان تطبيق الاتفاق، بالإضافة إلى تطبيق ورقة الموفد توم باراك التي أقرتها الحكومة اللبنانية. في هذا السياق، تعتبر باريس أن واشنطن تبدو مستعدة لمنح فرنسا دوراً أكبر في هذا المجال. كما أن النقاش الأساسي يتركز على فكرة الشرط الإسرائيلي الموضوع بأنه في حال قررت إسرائيل الانسحاب من جنوب لبنان، فهي تريد لقوات فرنسية وأميركية أو قوات متعددة الجنسيات الانتشار في هذه النقاط والتلال، لا سيما أن إسرائيل ترفض دخول الجيش اللبناني أو قوات اليونيفيل إلى هذه النقاط. 

الهدف الثالث هو العمل على مواكبة القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية لحصر السلاح بيد الدولة وسحب سلاح حزب الله، ولمتابعة الخطة التنفيذية التي سيعمل الجيش اللبناني على وضعها من الآن وحتى نهاية الشهر الجاري، وكيفية البدء بتنفيذها، مع ما يمكن أن تقدمه واشنطن من مساعدات وضغوط على إسرائيل، من أجل وقف ضرباتها وخروقاتها، تسهيلاً لعمل الحكومة، بالإضافة إلى البحث في الدعم الذي سيتم تقديمه للجيش اللبناني، كي يتمكن من تطبيق الخطة. وهذا الدعم لا بد أن يكون مالياً، وعسكرياً، ولوجستياً، وسط معلومات عن بدء التشاور بين عواصم عديدة لرفع نسبة مساعداتها للجيش. 

الأحوال السورية وزيارة باراك

الهدف الرابع، هو التواصل الأميركي الفرنسي بشأن الوضع السوري، خصوصاً أن باراك يبدو مهتماً إلى حدود بعيدة في نجاح تجربة الإدارة السورية الجديدة، وهناك رهان أميركي على سوريا لقطع كل خطوط الإمداد عن حزب الله. أما فرنسا، فهي الدولة التي تبدي اهتماماً تاريخياً في سوريا، وفازت بعدد من الاستثمارات هناك، كما أنها تستضيف اجتماعات بين القيادة السورية الجديدة وقسد للوصول إلى تسوية وتفاهم، واستضافت من قبل اجتماعاً سورياً إسرائيلياً للوصول إلى تفاهم حول الترتيبات الأمنية في الجنوب السوري. 

سيكون لبنان الإثنين على موعد مع الموفد توم باراك، ترافقه فيه مورغان أرتاغوس. ويترقب اللبنانيون هذه الزيارة وإذا كانت ستحمل مساعدات سياسية للبنان أم المزيد من المطالب والشروط، خصوصاً أن هناك وجهات نظر في واشنطن وتل أبيب، تشير إلى أنه لا يجب النقاش في أي ملف قبل أن يبدأ الجيش اللبناني بخطته في سحب السلاح. هذه الخطة لا يزال الجيش يعمل عليها، وكانت مدار بحث في الجولة التي أجراها قائد الجيش رودولف هيكل على الرؤساء الثلاثة، واستعرض أمامهم الوضع العسكري بشكل عام، ما حققه الجيش حتى الآن وما يحتاج إليه لتحقيقه وكيفية مواكبة ذلك سياسياً، من خلال تحصين الجيش وتوفير كل ما يلزم من مقومات بشرية وعسكرية ومالية ومعلوماتية، إلى جانب توفير الظروف كي يتمكن من مواصلة انتشاره للوصول إلى بسط الدولة سيطرتها على كامل أراضيها.