المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: محمد شقير
الاثنين 14 آذار 2022 07:04:00
كتب محمد شقير في الشرق الاوسط:
حملت عطلة الأسبوع الفائت مفاجأة لم تكن متوقعة تمثلت في لقاء عُقد بعيداً عن الأضواء بين الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري ورئيس «جمعية التنمية في بيروت» أحمد هاشمية، وبين نائب الرئيس السابق للتيار النائب السابق مصطفى علوش، هو الأول من نوعه بعد استقالة الأخير من منصبه على خلفية عدم موافقته على القرار الذي اتخذه زعيم التيار الأزرق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعزوفه عن خوض الانتخابات النيابية، وإصراره على عدم إخلاء الساحة للقوى التي تدور في فلك محور الممانعة الذي يتزعمه «حزب الله».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللقاء عُقد بطلب من الحريري في محاولة منه لتوضيح موقف قيادة تيار «المستقبل» من الحملة التي استهدفت علوش في أعقاب قراره بالاستقالة من منصبه في التيار من دون أن يستقيل من دوره السياسي، خصوصاً أن الدوافع التي أملت على الحريري عزوفه عن خوضه الانتخابات لم تكن كافية، وأن هناك حاجة لتوضيحها. وتأكد أن الحريري أبلغ علوش، في حضور هاشمية، بأن لا علاقة لقيادة التيار الأزرق بالحملة التي استهدفته عبر مواقع التواصل الاجتماعي رداً على تعليقه على عزوف الحريري، ونقلت عنه قوله بأنها ردود فعلية ليست منظمة، ولا تعبر عن رأي قيادة «المستقبل» التي تكن له كل تقدير واحترام.
ويأتي هذا اللقاء، بحسب المعلومات، في سياق إعادة التواصل من موقع الاختلاف حول عزوف الحريري، ويشكل أول محاولة جدية لإنهاء القطيعة، على أن تبقى نتائجه عالقة إلى ما بعد انتهاء المهلة المحددة منتصف ليل غدٍ الثلاثاء للتقدم بطلبات الترشيح لخوض الانتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، للتأكد من إمكانية مواصلة اللقاءات، خصوصاً أن علوش يستعد لخوضها عن دائرة طرابلس - الضنية - المنية التي تُعتبر من الدوائر الانتخابية الكبرى في محافظتي طرابلس وعكار.
كما أن اللقاء أدى إلى كسر الجليد بين علوش وبين قيادة «المستقبل»، وجاء بعد عودة «الأحمدين» الحريري وهاشمية من أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقيا الرئيس الحريري، وبحثا معه في مرحلة ما بعد عزوفه عن خوضه الانتخابات في ضوء ردود الفعل على قراره سواء من محازبي التيار الأزرق وجمهوره أو من منافسيه، خصوصاً أن «الأحمدين» هما على تواصل مع النواب الأعضاء في كتلة «المستقبل» من غير المنتمين إلى التيار، وبعضهم من تضامن مع الحريري واتخذ قراره بعزوفه عن الترشح، فيما بعضهم الآخر يستعد لخوض الانتخابات.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن حصيلة ردود الفعل الشعبية على عزوف الحريري جاءت متفاوتة وإن كانت تُجمع على التضامن معه لما ألحق به الحلفاء من مناوئيه من مظلومية، وإن كان جميع هؤلاء يبدون قلقهم حيال إخلاء الساحة ولا يخفون الإرباك الذي هم فيه الآن، خصوصاً أن الحريري، وإن كان لم يطلب من جمهوره ومحازبيه مقاطعة الانتخابات، فإنه في المقابل أحجم عن مصارحتهم بما يُفترض فيهم القيام به في خلال اليوم الانتخابي الطويل في 15 أيار.
ويُفترض أن تحضر مرحلة ما بعد إجراء الانتخابات على جدول أعمال المؤتمر العام لـ«المستقبل» الذي يُعقد في تموز المقبل لرسم التوجهات السياسية العامة لتفعيل دوره في الحياة السياسية، لأن قرار الحريري بتعليق العمل السياسي بالمفهوم الرسمي للكلمة لا يعني الإحجام عن مواصلة دوره بين جمهوره من موقع المعارضة، برغم أن إنجاز الاستحقاق النيابي في موعده سينسحب حتماً على انتخاب رئيس جمهورية جديد خلفاً للحالي ميشال عون الذي تنتهي ولايته الرئاسية في 31 تشرين الأول المقبل.
فغياب «المستقبل» عن البرلمان لا يعني استقالته من الحياة السياسية وسيبقى حاضراً، كما يقول مصدر قيادي فيه، لأن إخلاء الساحة يعني الانسحاب من المعادلة ما يؤدي للإخلال بالتوازن وصولاً لإخلاء الساحة لـ«محور الممانعة»، برغم أن العزوف عن خوض الانتخابات سيؤدي إلى رجحان كفة الأخير من جهة، وإلى طرح أسئلة حول خطة المواجهة التي ستُناقش في المؤتمر العام الذي ينعقد بصورة استثنائية وفي ظروف بالغة الخطورة تتعلق بمستقبل لبنان من جهة ثانية.
من جهة ثانية، كان لافتاً أيضاً في عطلة الأسبوع الفائت استمرار التواصل بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبين رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة اللذين التقيا أول من أمس بحضور الوزير السابق أحمد فتفت، وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللقاء شكل بداية للبحث في الملف الانتخابي المتعلق بمحافظتي الشمال وعكار بدءاً بدائرة طرابلس - الضنية - المنية على أن يُستأنف لاحقاً فور إقفال باب الترشح لخوض الانتخابات.
وبرغم أن الأجواء التي سادت اللقاء بقيت طي الكتمان، فإن مصادر شمالية وصفتها بالإيجابية، وقالت إن للبحث صلة، وإن ميقاتي أبدى كل انفتاح في رعايته لتشكيل لائحة توافقية انطلاقاً من التوافق على أن تشكل من مرشحين لا يشكلون تحدياً للرئيس الحريري، في إشارة، بحسب المصادر نفسها، إلى أنه لا نية للتحالف مع الوزير السابق اللواء أشرف ريفي المتحالف حتى الساعة مع حزب القوات اللبنانية في هذه الدائرة.
ولفتت إلى أن علوش على تواصُل دائم مع السنيورة وفتفت، وقالت إنه لن يتفرد بأي قرار يتعلق بتحالفاته الانتخابية من دون التنسيق معهما، وإن اللقاء خُصص لاستعراض العناوين السياسية الرئيسية كأساس لقيام تحالف انتخابي من دون الدخول، وبالتفصيل في جوجلة نهائية لأسماء المرشحين، لأن هناك ضرورة لحسم الأسماء، وإنما بعد إقفال باب الترشح.