لماذا تخسر الأندية ماليا رغم نجاح صناعة كرة القدم؟

على رغم نجاح صناعة كرة القدم، وزيادة الاهتمام بها من جانب الجماهير، فإن هناك جانباً مظلماً تعانيه معظم الأندية الأوروبية، وهو وجود خسائر مالية، على رغم الطفرة الكبيرة في عالم كرة القدم.

وهناك مصادر دخل عديدة لأندية كرة القدم، وتتنوع بين حقوق البث، ومبيعات التذاكر، وعقود الرعاية، ومبيعات القمصان والمنتجات، وسوق انتقالات اللاعبين، وعلى رغم كل هذا لا تحقق الأندية المكاسب الكبيرة والطائلة.

كما يوجد عدد كبير من الأندية الأوروبية تشارك أسهمها في البورصات المالية كشركات مساهمة، ويتأثر سعر أسهم النادي ارتفاعاً وانخفاضاً بالمردود الذي يقدمه في المسابقات المختلفة التي يشارك بها محلياً وقارياً.

وثمة استحواذ كبير من جانب رجال الأعمال على الأندية من جنسيات مختلفة في جميع القارات، وبالنظر إلى إنجلترا على سبيل المثال فتستحوذ مجموعة RedBird Capital Partners الأميركية على ملكية نادي ليفربول.

فيما تملك أسرة غليزر الأميركية أيضاً غالبية الأسهم في نادي مانشستر يونايتد، مثلما هو الحال مع رجل الأعمال الأميركي تود بويلهي الذي استحوذ أخيراً على نادي تشيلسي، فينما تمتلك مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار نادي مانشستر سيتي، بجانب استحواذ صندوق الاستثمار السعودي على نادي نيوكاسل، أما مجموعة قطر للاستثمار الرياضي فتستحوذ على نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، حيث يمثل هذا الأمر استثماراً إضافياً لهذه المجموعات ورجال الأعمال يضمن لهم مزيداً من النجاح بجانب أعمالهم الأساسية.

وبحسب ما تم نشره من تقارير اقتصادية خلال العام الماضي في الدوري الإنجليزي على سبيل المثال نجد أن هناك أربعة أندية فقط من بين أندية المسابقة العشرين حققت مكاسب مادية، وهي تحديداً ليفربول، تشيلسي، نيوكاسل ونورويتش سيتي، على رغم هبوط الأخير في نهاية الموسم الماضي للقسم الأدنى، مع وصول ناديين آخرين هما

بيرنلي وأستون فيلا لنقطة التعادل بتساوي الإيرادات مع المصروفات، مما يعني أن 80في المئة من أندية المسابقة أنهت الموسم بخسائر مادية.

وبالنظر إلى باقي الأندية في الدوريات المختلفة نجد أيضاً أنها لم تحقق أرباحاً، وعلى رغم أنه نظرياً تبدو هناك زيادة في قيمة المدخلات، فإن المصروفات المتنامية بدورها مع زيادة نسبة التضخم تجعل من تحقيق أرباح مادية أمر صعب لهذه الأندية.

وبشكل عام، وبحسب المراجعات المالية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فإن أكثر من نصف الأندية الأوروبية، عانت خسارة في الميزانية مقارنة بالعام السابق.

وتستطيع نسبية قليلة من هذه الأندية التعامل مع الأمور وتعويض خسائرها لأسباب مختلفة، من بينها ثروة المالكين وزيادة قيمة الأسهم ارتباطاً بأداء الفرق في المسابقات المختلفة، إلا أن هناك نسبة قد تتجاوز الـ20 في المئة من الأندية معرضة لخطر مالي حقيقي.

ودائماً ما تسعى الأندية التي يصيبها الضرر من خلال المدير الرياضي والمدير المالي لإيجاد حلول من أجل إنقاذها من أزمات كبيرة محتملة، وتعتمد هذه الحلول على تقييم الإيرادات والكلفة الخاصة بالأندية، وإدارة رواتب وانتقالات اللاعبين، والحفاظ على نسبة متوازنة بين المبيعات والمشتريات.

وقد تلجأ بعض الأندية للتخلي عن لاعبيها في سوق الانتقالات، للتخلص من فاتورة الرواتب العالية من ناحية، والاستفادة من قيمة الانتقال من ناحية أخرى لموازنة الأمور المالية داخل الفريق، وهو ما حدث مع ليونيل ميسي نجم برشلونة في عام 2021 عندما لم يتمكن النادي من التجديد له بسبب الراتب، فضلاً عن قانون اللعب المالي النظيف، ليرحل مجاناً إلى باريس سان جيرمان.

تعقيدات ماليو في كرة القدم 

وتحاول الأندية التغلب على هذا الأمر بالاهتمام باكتشاف وتطوير اللاعبين بجانب الاعتماد على أكاديميات النادي الخاصة لخروج لاعبين تتم الاستفادة منهم في الفريق الأول أو حتى بيعهم بمقابل مادي كبير، ومن أبرز الأندية التي تعتمد على هذا الأمر خلال الأعوام الأخيرة فريق أياكس أمستردام الهولندي وبوروسيا دورتموند الألماني.

وهناك عديد من الأندية التي عانت أزمات مالية في السنوات الأخيرة، وتسبب هذا الأمر لخصم نقاط وهبوطها لدرجات أدنى، وهو ما حدث في اسكتلندا مع رينغرز، حيث هبط لأدنى درجات الدوري في عام 2012 بسبب تراكم الديون وعدم نجاح النادي في توفيق أوضاعه، إضافة إلى فريق بارما الإيطالي الذي هبط في عام 2015، بجانب فيورنتينا الإيطالي في عام 2010.

وأبرز الأندية التي تعرضت لأزمة مالية أخيراً كان فريق ديربي كاونتي الإنجليزي الذي أدت أزمته المادية لخصم 21 نقطة من رصيده على مرحلتين بعد فشله في توفيق أوضاعه، ليهبط في النهاية من دوري الدرجة الأولى الإنجليزي إلى القسم الثالث.