لماذا لا يريد حزب الله حربا شاملة مع إسرائيل؟

خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأ الصراع الشامل بين إسرائيل وحزب الله يبدو أكثر احتمالا، في وقت يدرك حزب الله أن حربا واسعة النطاق من شأنها أن تعرض مستقبله ومكانته الإقليمية للخطر.

وتنقل مجلة "فورين أفيرز" أنه في مايو، ألمح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن البلاد قد تستخدم "وسائل عسكرية" موسعة لسحق حزب الله، ووضع الجيش الإسرائيلي خططا لهجوم بري محدود لفرض منطقة عازلة على حدوده الشمالية مع لبنان. 

ودعا كل من وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتشدد، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، علنا إلى غزو لبنان. 

ويميل القادة والمحللون إلى التركيز على إسرائيل باعتبارها الجهة الفاعلة التي قد تثير سياساتها الحرب أو تتجنبها. ولكن بالنظر إلى نجاح واشنطن المحدود في التأثير على استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الحرب مع حماس في قطاع غزة، يجب على الراغبين في خفض التصعيد أن ينظروا عن كثب إلى حسابات حزب الله، وفق المجلة.

ويواجه الحزب معضلة تحد من خياراته، إذ يجب أن يستعيد قدرته على ردع إسرائيل، بعدما فقد بعضا من هذه القدرة في الأشهر التي أعقبت هجوم حماس في 7 أكتوبر. وبعد فترة وجيزة من الهجوم، أطلق حزب الله صواريخ على إسرائيل في استعراض مقيد لدعم حماس، وردت إسرائيل بحملة اغتيالات في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك في معقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت. ولكن بسبب هشاشة لبنان، لا يزال حزب الله يريد تجنب صراع شامل مع إسرائيل.

ومن المرجح أن يؤدي وقف إطلاق النار الدائم بين إسرائيل وحماس إلى تجنب حرب في لبنان، إذ لا يزال الحزب ملتزما بوقف الأعمال العدائية إذا أبرمت إسرائيل اتفاقا لوقف إطلاق النار مع حماس في غزة. 

ووسط الحرب الطويلة هناك والتوترات المتزايدة في الضفة الغربية، من المرجح أن تفضل إسرائيل حلا دبلوماسيا للتوتر على حدودها الشمالية. 

وقام المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوكستين، بست رحلات إلى لبنان منذ أكتوبر في محاولة للتفاوض على إنهاء الصراع بين حزب الله وإسرائيل. وكانت خطته هي مطالبة حزب الله بالضغط على حماس لقبول وقف إطلاق النار لكسر الجمود في المنطقة. وعلى الرغم من أن الحزب نفى علنا موافقته على طلب هوكستين، إلا أن مرونة حماس الأخيرة في المفاوضات مع إسرائيل تشير إلى أن اقتراحه كان له بعض التأثير.

لكن من غير المرجح أن يأتي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة قبل أن تتصاعد التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية. 

ويمكن لحزب الله أن يستفيد من وقف إطلاق النار قبل حماس ويتجنب الغزو الإسرائيلي مع استعادة الحياة الطبيعية داخل لبنان. لكن هذا لن يكون خيارا سهلا. إذ أن اتفاقا مع إسرائيل يتجاهل مصير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية قد يضع حدا مؤقتا للعنف على الحدود الإسرائيلية اللبنانية والضربات الإسرائيلية داخل لبنان لكنه لن يمنعه من الظهور مرة أخرى في غضون عام أو عامين. 

ويعتمد وضع حزب الله داخل لبنان والمنطقة الأوسع على الدور القيادي الذي يلعبه في "محور المقاومة" المدعوم من إيران. وسيفقد مصداقيته مع حلفائه الفلسطينيين وغيرهم من حلفائه في الشرق الأوسط، خاصة وأن حركة الحوثيين  أحد شركاء حزب الله قد تحملت غارات جوية إسرائيلية في اليمن. وتريد إسرائيل كسر هذا التحالف.

ولن تكون المصداقية الخسارة الوحيدة لحزب الله في مثل هذه الصفقة. ويمكن لوقف إطلاق النار أن يسلط الضوء على نقاط ضعف الحزب. وخلال صراعه مع إسرائيل، نشر حزب الله قدرات جديدة بما في ذلك طائرات بدون طيار وصواريخ دقيقة ومضادة للدبابات لتحذير إسرائيل من غزو بري مكلف. 

ومع الضغط الصحيح الذي تمارسه عليها الجهات الفاعلة الخارجية مثل المبعوث الخاص للولايات المتحدة، يتمتع الحزب بنفوذ كاف لإثارة صراع إقليمي أوسع  أو المساعدة في تجنب صراع.

وتخلص المجلة إلى أنه إذا شنت إسرائيل عملية برية ضد حزب الله لإنشاء منطقة عازلة ومنع المزيد من الهجمات من قبل الجماعة، فمن شبه المؤكد أن الصراع سيطول. ومع ذلك، يدرك حزب الله أن حربا واسعة النطاق مع إسرائيل من شأنها أن تعرض مستقبله ومكانته الإقليمية للخطر.