المصدر: النهار
الكاتب: منال شعيا
الخميس 9 كانون الثاني 2025 06:43:43
من حيث المبدأ، فإن وضع الطائف قيد النقاش لناحية روحية الاتفاق كنظام تشاركي شبه توافقي، قد يكون غير قابل للبحث. ولكن من حيث إدارة حكم السلطات، ثمة حاجة ضرورية إلى معالجة الكثير من الاختلالات، وفي مقدمها المهل الدستورية.
من ضمن المهل، انتخاب رئيس للجمهورية، وهو ما بات يبدو، مع كل استحقاق، كأنه معضلة. فلمَ لا يسمح الدستور مثلا، لرئيس البلاد، بولاية ثانية متتالية، فيما يسمح لرئيس مجلس النواب بولايات لا تُعدّ؟
يجيب الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين "النهار": "هذا الأمر يعود إلى طبيعة النظام البرلماني، حيث يُنتخب رئيس الجمهورية من البرلمان لولاية ثابتة، وهو غير مسؤول تجاهه إلا في حالة الخيانة العظمى أو خرق الدستور".
وإذ يلفت إلى أن "ولايته غير قابلة للتقصير ولا للتمديد"، يشدد على أن "هذا الأمر كان مقصودا في متن الدستور، كي يبقى الرئيس رمزا لوحدة البلاد ومترّفعا عن الابتزاز السياسي وفوق الحسابات الضيقة، والأهم ألا يكون مرتهنا أو متوجسا لمراضاة الكتل النيابية".
ذمة المجلس
ولكن هذا التقصد، ألا يضرّ برمزية الموقع الأول في البلاد، مع خشية "التطبع" مع الفراغ عند كل استحقاق؟
"بالتأكيد نعم". يقول يمين: "لا يكفي أن نترك مسألة انتخاب الرئيس للمجلس وللنواب، أي أن يكون الأمر على ذمة المجلس، ولاسيما أن البعض يرى أن الدستور لم يحتط لهذا الأمر، لكونه بديهيا، وفي الأساس لا يجوز ألا ينتخب النواب رئيسا. إلا أن هذا التفسير هو تنظير في غير محله، ولا بد أن تعالَج ثُغَر كثيرة في دستور الطائف، استباقا لأي أزمة فراغ، ولاسيما أنها تتجدد دوريا".
كيف السبيل إلى هذه المعالجة؟
يوضح يمين: "صحيح أن الطائف أداة لإدارة التنوع في لبنان ويعتمد على المناصفة في الحكم، إلا أنه لا يجوز أن يبقى غائبا عن الحلول المتعلقة بالمآزق المتصلة بتكوين السلطة، ومن بينها عجز البرلمان عن انتخاب الرئيس، من دون أن يضع حلولا بديلة في حال تمادي العجز، فضلا عن عدم تقييد رئيس الحكومة المكلّف بمهلة زمنية، أو في حال اعتذاره".
وفي انتخاب الرئيس، يرى يمين أن "الحل الجذري لهذه المشكلة يتمثل في اعتماد الانتخاب الرئاسي المباشر من الشعب مع ضمانات ميثاقية، بحيث يحوز المرشح تأييد النواب، أقله 50 نائبا مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، بتوقيعهم عريضة تأييد تعتبر بمثابة رضى أو موافقة له، قبل أن يطرح الاقتراع أمام الشعب لانتخابه".
وحتى نصل إلى هذا "الحل الجذري"، لا يجوز أن تبقى مسألة انتخاب رئيس البلاد بلا ضوابط، كأن ثمة إفراغا لها من مضمونها. ووفق يمين، "لا بد من آلية برلمانية واضحة تتخطى إشكالية نصاب الثلثين، بحيث يكون هناك خطة "ب" تتمثل في إفساح المجال أمام البرلمان لإيجاد حل بديل، فإذا مرّت ثلاثة أشهر على عجز النواب عن انتخاب رئيس، فعندها يعتبر البرلمان منحلا حكما، فتُجرى انتخابات نيابية مبكرة لإعادة تشكيل مجلس نواب جديد قادر على انتخاب رئيس. لا يجوز أن يكون الدستور غائبا عن الحل البديل، وكأن البلاد تعتاد غياب رئيس للجمهورية".