المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الخميس 5 تشرين الثاني 2020 14:19:44
لم يتغيّر شيء في السياسة اللبنانية ليكون استحقاق تشكيل الحكومة علامة فارقة في اللعبة السياسية. فالبلد الذي اعتاد على حلّ ازماته ومشاكله بتسويات عنوانها "لا غالب ولا مغلوب" تُرجمت بحكومات الوحدة الوطنية التي جمعت المعارضة مع الموالاة، يسير على طريق التسويات ضارباً عرض الحائط الدستور والقوانين.
وكما في استحقاقات دستورية سابقة كذلك في مسار الحكومة العتيدة الذي كُلّف تشكيلها الرئيس سعد الحريري منذ اكثر من اسبوعين، حيث عادت المحاصصة ورفع الشروط والشروط المتبادلة لتحطّ رحالها على مشاورات ومباحثات التشكيل وهو ما يؤخّر ولادتها في وقت لبنان في امسّ الحاجة الى حكومة فاعلة توصله الى برّ الامان السياسي والاقتصادي والمالي وتلجم السوق السوداء التي تتحكّم بلعبة سعر صرف الدولار.
وفي الاطار، اوضحت اوساط معارضة لـ"المركزية" ان تشكيل الحكومة سيكون نتاج تسوية سياسية بين افرقاء سياسيين فاعلين هم الثنائي الشيعي، "تيار المستقبل"، "التيار الوطني الحر" والحزب "التقدمي الاشتراكي".
فهذا الرباعي الحزبي المتحكّم بمفاصل السلطة في لبنان منذ العام 2005 وحتى اليوم يتعامل مع الاستحقاقات الداخلية بمنطق التسوية القائم على لمّ شمل الجميع على طاولة حكومية واحدة تضمّ المعارضة والموالاة معاً، وهو ما شبّهه البطريرك الماروني الراحل نصرالله بطرس صفير بالعربة التي يقودها حصانان، واحد من الخلف وآخر من الامام، ما يُقلّص حجم الإنتاجية والعمل بسبب جمع "الاضداد" في تركيبة حكومية واحدة.
من هنا، اشارت الاوساط الى "ان هذه القوى والاحزاب السياسية لا تريد حكومة تشكّل احراجاً لها وتزيد الضغط عليها بتفتح ملفات المحاسبة، لذلك تفضّل الاتيان بحكومة واجهتها اختصاصي ومضمونها سياسي بإمتياز، وذلك لقطع الطريق على اي محاسبة او فتح ملفات قد يلجأ اليها بعض الوزراء إستجابةً لمطالب الثوار المنادين بالاصلاح".
هذه القوى السياسية التي حمّلها الثوار مسؤولية ما وصل اليه البلد من انهيارات على المستويات كافة، ووصفها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بـ"الخونة" لن ترضى الا بحكومة تتمثّل فيها كي تكون على بيّنة من القرارات التي تتخذها والتي قد لا تكون في مصلحتها، من هنا تلوّح بسلاح الثقة البرلمانية اذا ما تم إقصاؤها عن التركيبة الحكومية.
وعليه، اعتبرت الاوساط "ان القوى المشار اليها تريد حكومة جامعة، لانها محشورة محلياً وداخلياً، وبالتالي تسعى لولادة حكومة مماثلة كي تُشكّل لها مظلة تحميها من اي محاسبة لاحقة او فتح ملفات متورّطة فيها".
وبما ان سيف المحاسبة بات مسلّطاً فوق رؤوسها بحسب الاوساط المعارضة، فان الحكومة التي ستتشكل برئاسة الحريري لن تختلف عن سابقاتها لجهة المحاصصة وتوزيع الحقائب". ولم تستبعد "ان تستمر الى نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون وليس ستة اشهر كما يقول الرئيس الحريري من اجل تنفيذ ورقة الاصلاح الفرنسية".
فبرأي الاوساط "لو كانت الحكومة لمدة ستة اشهر لما وضعت هذه القوى شروطاً مُسبقة لمنح الثقة ولما فتحت شهيتها على المشاركة فيها، ولما سمّت اصلاً الرئيس الحريري للتأليف. كما ان الرئيس الحريري الذي كان يريد حكومة فريق عمل من اختصاصيين مستقلين غير سياسيين والا تسمّي الكتل الوزراء تراجع امام اصرار هؤلاء وقدم المزيد من التنازلات حتى لقوى لم تسمه في الاستشارات، لان حكومته ستبقى حتى نهاية العهد لا تحاسب الطبقة السياسية، الممثلة فيها، خصوصا ان المنطقة تمرّ بمرحلة دقيقة ومقبلة على تحولات اساسية".