لو توقفت الحرب غدا... ما المعوقات أمام القروض المصرفية؟

... وماذا عن اليوم التالي، بعد أن تصمت المدافع وتنكفئ القاذفات عن "ترميد" البيوت والقرى وأحياء المدن المكتظة؟ ماذا لو توقفت الحرب غدا؟ ما هي الخطط الطارئة التي حضرتها الحكومة لاستيعاب هول الصدمة الاجتماعية والاقتصادية، بعد انكشاح دخان العدوان وجلاء المشهد الكارثي لأحياء سوّيت بالأرض في المدن والقرى؟

"أضعف الإيمان" أن يجد النازحون ممن خسروا بيوتهم ومساكنهم، قوانين ترعى عملية الشروع في إعادة إعمارها، أو جهات قادرة على تمويل ذلك، إما من خلال المساعدات المحلية والدولية المباشرة، وإما عبر برامج إقراض ميسرة، من المؤسسات المصرفية والمالية.

أما الاستدانة من المصارف فلا تزال أسيرة عدم تعديل قانون النقد والتسليف، لجهة إلزام المقترض تسديد ما استلفه بالعملة عينها التي استدان بها، وهي عقبة أساسية لا تزال تعوق النشاط المصرفي وتمنع عودته إلى وظيفته ودوره.

هل تعاود المصارف التسليف؟

طرح حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أخيرا عودة القطاع المصرفي إلى التسليف لتحفيز النمو الاقتصادي، وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي.

القطاع المصرفي لم يتأخر في الرد، إذ رحب الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف بالاقتراح باعتبار أنه يعزز الحركة الاقتصادية ويزيد السيولة في المصارف، بما يسهم تلقائيا في المساعي الرامية إلى رد أموال المودعين. لكنه أكد في المقابل أن "المصارف لن تقدم على أي خطوة لمنح القروض والتسليفات للأفراد والمؤسسات ما لم تؤمن لها القاعدة القانونية الكافية والكفيلة بحماية هذا المسار بتفاصيله كافة".

 

فالاقتراح، وفق ما قال لـ"النهار" يتطلب خطوتين. الأولى من المجلس النيابي عبر إقراره قانونا يضمن سداد القروض بعملة الاقتراض، وخصوصا أن الأموال المقترح استخدامها للتسليف هي من ودائع الـ"فريش دولار". فالمصارف تحاذر التسليف بالدولار من دون قانون يحمي أموال المودعين على خلفية أن بعض المقترضين قد يسددون قروضهم عبر إيداع فعلي بشيك بالعملة الوطنية عند كاتب العدل.

الخطوة الثانية تقتضي من مصرف لبنان إجراء تعديل على التعاميم التي أصدرها وطلب فيها من المصارف إيداع ودائع الـ"فريش دولار" بنسبة 100% لدى المصارف المراسلة، ليصبح في إمكان المصارف البدء بمنح القروض لطالبيها". فالأموال الفريش الموجودة لدى المصارف وفق ما يقول خلف غير كافية لتمويل القروض والتسليفات، وتُخصص لتسديد متطلبات التعميم 158، إضافة الى بعض المصاريف التشغيلية.

مصادر مصرفية أكدت أن المصارف متوقفة عن منح القروض في انتظار معالجة المشكلات الأساسية المتعلقة بفجوة مصرف لبنان وما يسمى الدولار المصرفي وغيرها من الإصلاحات.

وفي حين أن ثمة مصارف بدأت تمنح قروضا محدودة جدا لأصحاب الحسابات "الفريش"، أكدت المصادر أن "الطريق أمام عودة المصارف لمنح القروض في شكل طبيعي لا تزال طويلة. وثمة إجراءات يفترض القيام بها حيال تنفيذ الخطة الحكومية ومرورها بمجلس النواب والمضي بالإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد وغيرها من المعالجات"، معتبرا أن "كل المؤسسات المالية الدولية، في حال تحقُّق الإصلاحات الموعودة، مستعدة لمدّ المصارف بخطوط تمويل لبرامج القروض للمؤسسات والأفراد".

على مقلب مصرف الإسكان، يؤكد رئيس مجلس الإدارة المدير العام أنطوان حبيب أن المصرف لم يتوقف عن منح القروض، لكنه في انتظار دفعة جديدة من الصندوق العربي الذي منح المصرف قرضا بقيمة 50 مليون دينار كويتي (165 مليون دولار) لمدة 5 سنوات، يدفع منها كل 6 أشهر 5 ملايين دينار كويتي، أي ما يعادل 17 مليون دولار، لافتا الى أن عدد المستفيدين من قروض الإسكان بلغ نحو ألف لبناني.

وتحضيرا لفترة ما بعد الحرب، يجري مصرف الإسكان محادثات مع صندوق أبو ظبي والصندوق الكويتي للحصول على قروض جديدة، وخصوصا أن الكثير من اللبنانيين سيلجأون إلى المصرف للحصول على قروض لمباشرة إعادة ترميم منازلهم أو إعادة إعمارها، لافتا إلى أن "ثمة صناديق عربية على استعداد لمدّ مصرف الإسكان بقروض، خصوصا أنه كسب الثقة العالمية والعربية ولديه البنى التحتية الجاهزة لاستقبالها".