المصدر: اللواء
الاثنين 17 آذار 2025 07:59:54
في الاسبوع ما قبل الاخير من رمضان المبارك، وقبل سفر الرئيسين جوزف عون إلى باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (الجمعة الاخيرة من الشهر 28/3/2025) وكذلك سفر الرئيس نواف سلام إلى المملكة العربية السعودية نهاية الشهر، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن زيارة الرئيس عون إلى فرنسا هي أول زيارة له إلى دولة أوروبية ، فهي المدخل إلى هذه الدول وهي تندرج في إطار التأكيد على عمق العلاقة التي تربط لبنان بفرنسا وشكرها على الوقوف إلى جانبه ومعلوم أن الرئيس ماكرون زار بيروت أكثر من مرة.
وأشارت إلى أن هذه الزيارة من شأنها أن تحضر لزيارة أوسع النطاق لرئيس الجمهورية إلى باريس ومؤتمر الدعم الذي يعقد في أواخر الربيع، معلنة أن رئيس الجمهورية راغب في زيارة الدول التي وقفت إلى جانب لبنان من أجل إنهاء الشغور الرئاسي على أن يستكمل جولته إلى باقي دول اللجنة الخماسية بعد أن زار المملكة العربية السعودية،وعلمت اللواء أن زيارته الى فرنسا ستكون سريعة.
وضاعفت اسرائيل من اعتداءاتها، سواء عبر الاغتيالات الصباحية والمسائية والتهديدات بمضاعفة الضربات على خلفية اطلاق رصاصة (تقول المصادر الاسرائيلية أنها وقعت عن طريق الخطأ أثناء تشييع شهيد لحزب الله في احدى القرى المجاورة)، فيما كان الحدث اللبناني في المختارة، إحياء لذكرى استشهاد مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط، بحضور رسمي، تقدمه الرئيس سلام وسياسي وحزبي وشعبي من مختلف المناطق اللبنانية.
وتأتي كل هذه التطورات عشية جلسة مجلس الوزراء اليوم في السراي الكبير للاتفاق على آلية التعيينات في سائر وظائف الدولة، واستبقها رئيس الحكومة بزيارة لعين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري لمدة ساعة، مع الإشارة إلى جلسة ثانية في بحر الاسبوع الطالع الخميس المقبل، لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، ويبدو أن الوزير السابق جهاد أزعور هو الأوفر حظاً من المرشحين الآخرين.
وتواصلت المشاورات خلال اليومين الماضيين اركان الحكم، والبارز فيها اللقاء امس الاول بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، حيث تم التداول فيه بالاستحقاقات بما فيها التعيينات المرتقبة اذا انعقدت الخميس جلسة مجلس الوزراء.
كما ناقش الرئيسان حسب المعلومات تشكيل ثلاث لجانٍ لترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة في مفاوضات غير مباشرة. لكن ما يهم لبنان في هذه «المعمعة» الاميركية – الاسرائيلية هو إيجاد خط تفاوض غير مباشر تقني لا سياسي او دبلوماسي كما ترغب واشنطن وتل ابيب واعلنتا ذلك اكثر من مرة، بينما كان الجواب اللبناني لا تفاوض دبلوماسي ولا سياسي حول امور لا تتعلق بمسائل تنفيذ آليات اتفاق وقف اطلاق النار، وان التفاوض العسكري – التقني يفترض ان يتناول فقط وكما اعلنت الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس المسائل العالقة الثلاث: الانسحاب من النقاط المحتلة ووقف التعديات الاسرائيلية، وتحرير الاسرى لدى الاحتلال الاسرائيلي، وتثبيت الحدود البرية وفق اتفاق الهدنة فقط لا غير، لأن لبنان التزم بما عليه حسب آليات اتفاق وقف اطلاق النار بينما لم تلتزم اسرائيل. اما البحث لاحقاً كما يتسرب من المصادر الاعلامية الاميركية والاسرائيلية عن مفاوضات لها طابع دبلوماسي حول امور سياسية و»تطبيعية»، فهو أمر تأكد رفض لبنان رسمياً له وانطوى البحث فيه.
وينتظر لبنان عودة اورتاغوس ورئيس لجنة الاشراف الخماسية اللواء الاميركي جاسبر جيفرز الى بيروت او تل ابيب، وترقّب ما سيحملانه حول تشكيل اللجان الثلاث، وبخاصة اللجنة المعنية بترسيم الحدود، في ظل المعلومات الاسرائيلية عن نية اسرائيل عدم الانسحاب من النقاط المحتلة وتعليمات وزير الحرب يسرائيل كاتس للجيش «بالإستعداد للبقاء فيها اطول فترة ممكنة»، ولو كان من قبيل الضغط المسبق على لبنان للتنازل عن بعض النقاط المحتلة لمصلحة بقاء الاحتلال فيها، وهوامر يرفضه لبنان الرسمي والشعبي.
لكن مصادر رسمية اكدت لـ «اللواء» ان لا موعد بعد لزيارة اورتاغوس الى بيروت وهي لم تحدد موعداً لزيارتها، وبالتالي لا موعد حتى الآن لإجتماع لجنة الاشراف ربما بإنتظار ان يكون قائد الجيش الجديد العماد رودولف هيكل قد امسك ملفات الموضوع بتفاصيله وشكل فريق عمله خلال ايام قليلة.
وبدا من المواقف الاميركية ان الضغط العسكري الاسرائيلي يتواكب مع ضغط سياسي اميركي، وآخر هذه المواقف توصية نائب مدير الوكالة الاميركية للتنمية الدولية بيتر ماروكو للرئيس الاميركي، «بإلغاء المساعدات المخصصة للبنان تدريجياً»، ومشروع القانون الذي يعده نواب اميركيون جمهوريون لوقف المساعدات للبنان اوربطها بشروط سياسية معروفة. فيما سبق واعلن موفد الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، انه «متفائل بإنضمام السعودية إلى «الاتفاقات الإبراهيمية» لتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال ما يتيح لاحقاً انضمام سوريا ولبنان اليها.
وفي المحصلة تصب كل هذه الضغوط المرتبطة بجوهرها بالمشروع الاميركي – الاسرائيلي لتطويع لبنان من ضمن تطويع كل دول المنطقة تمهيداً للتطبيع، ومن الارجح ان تكون الادارة الاميركية التنفيذية لا التشريعية قد انتبهت الى ان مثل هذا المشروع قد يوتر الوضع اللبناني الداخلي بما لا يخدم أجندتها، التي تقول انها تهدف الى تحقيق استقرار لبنان، لكن ضمن شروط كثيرة ابرزها تقييد حركة حزب الله والمقاومة إن لم يكن ممكناً القضاء عليها نهائياً، وهو ايضاً امر صعب في ظل التوازنات اللبنانية الداخلية الدقيقة والتي تعرفها اميركا كما تعرفها فرنسا أكثر.