ليونة في إدخال الملاحظات المفيدة...قانون الإنتظام المالي والودائع يشقُّ طريقه إلى الإقرار

ما خلا العملية الكبرى لإعادة الانتظام المالي الى الحياة، وسداد أموال المودعين العالقة في المصارف، المعترضة على مشروع قانون الحكومة، بقي الوضع السياسي والأمني على رتابته: جهود لإنهاء العدوان الاسرائيلي المفتوح على الجنوب والبقاع وسائر المناطق اللبنانية او على الاقل إلزام دولة الاحتلال اسرائيل، بالالتزام بما وقعت عليه، وقبلت به في قرار وقف اطلاق النار العام الماضي.

وبحث في ملء فراغ «اليونيفيل» التي بدأ العد العكسي لانسحابها او اقله التقليل من تواجد جنودها، عبر قوات اممية ليست تحت علم الامم المتحدة، فضلاً عن الاستعداد للانتقال الهادئ لسنة جديدة، من شأن تراكم انجازاتها ان تعيد الامل للمواطن اللبناني الطامح الى الاستقرار والهدوء والأمن والسلم الاجتماعي ورعاية عائلته وتوفير ما يلزم لتلبية احتياجات الحياة التي لا تتوقف.

وقالت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان جملة الملاحظات التي ابداها مجلس الوزراء اعتراضا على قانون الفجوة المالية تؤشر الى انه سيخضع للتعديل، وأوضحت ان رئيس الجمهورية كرر القول انه مع حماية اموال المودعين وهذا ما كان قد اشار اليه في مرات عدة.

ولفتت الى انه ليس مستبعدا ان يخضع المشروع للتصويت في ظل غياب توافق لا سيما ان عددا لا بأس به من وزراء القوات والاشتراكي وبعض الوزراء ليسوا مع القانون في واقعه الراهن وتحدثوا عن اضراره على القطاع المصرفي، مؤكدة ان البحث يستكمل اليوم في جلسة تعقد في السراي الكبير.

الى ذلك، بدت لافتة اشارة رئيس الجمهورية تسهيل الوزير عمل المرافق العامة وليس تعطيله مسهباً في شرح مهمة الوزير وفق اتفاق الطائف، وكأنه يوجه رسالة الى احد الوزراء.

واقر مجلس الوزراء 4 مواد من مشروع الانتظام المالي وتسديد الودائع، بعد ادخال تعديلات عليها، على ان يستكمل البحث اليوم في جلسة ثانية للحكومة في السراي الكبير، على ان يشق المشروع طريقه في اجتماع اليوم، ويخرج الدخان الابيض من السراي، إيذاناً بتحويله الى مجلس النواب..

وانقسم مجلس الوزراء بين متبنٍ بالكامل لمشروع القانون، ويضم بصورة مباشرة الرئيس سلام، والوزيرين جابر والبساط، وبدا حاكم مصرف لبنان كريم سعيد متحمساً للمشروع.

وبين اكثر من فريق وزاري: فوزيرا اللقاء الديمقراطي فايز رسامني، ونزار هاني اللذين شاركا في اجتماع كتلة اللقاء الديمقراطي اعلنا انهما سيقترحان ادخال تعديلات على مشروع قانون الفجوة المالية ولن يصوتا على الصيغة المقترحة.. في حين سجّل اكثر من تدخل لوزير العدل د. عادل نصار في معارضة نقاط في المشروع، وكذلك وزير الاعلام بول مرقص.

وذكرت المعلومات ان وزراء «القوات اللبنانية»: جو صدي، ويوسف رجي والوزير كمال  شحاذة ووزير الصناعة جو عيسى الخوري طالبوا بادخال المساءلة الشاملة والمحاسبة كبند اساسي في قانون الفجوة المالية، والا لن يصوتوا لصالح المشروع، فسارع الرئيس سلام الى التأكيد: عندما نصل الى المادة الخاصة بهذا الموضوع نضيف هذه الملاحظة، واعتبر الوزراء ان المشروع لن يعيد الودائع.

واعتبر الوزير البساط ان 85٪ من المودعين سينالون اموالهم كاملة، وان الباقين سيحصلون على اموالهم ولو بفترات متباعدة، وكشف عن غرامات وضعت على التحويلات التي حصلت قبل وبعد الازمة والقانون أتى لكي يصلح.

وفي السياق الاجرائي للقوانين التي اقرها المجلس النيابي بدءاً من 29 ايلول الى الجلسة الاخيرة الخميس الماضي، وقَّع رئيس مجلس النواب نبيه بري هذه القوانين وعددها 14 قانوناً، واحالها الى رئاسة مجلس الوزراء.

إذاً، انشغل لبنان الرسمي امس بمناقشة الحكومة مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع وسط اعتراضات داخل الحكومة وخارجها ادخلت عليه بعض التعديلات في اربع مواد تمت مناقشتها امس، على ان يستكمل النقاش في جلسة اخرى اليوم في السراي الكبير، واستمرار التهديد ضد لبنان، وسط تساؤلات كيف ستمر اعياد الميلاد ورأس السنة، لا سيما بعد لقاء الرئيس الاميركي دونالد ترامب برئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو نهاية هذا الشهر بين الميلاد ورأس السنة. 

لكن برغم ذلك كان ثمة كلام مطمئن لرئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء حول نشاط الحركة الداخلية خلال الاعياد وتوافد المغتربين والاشقاء العرب. وقال: «اطلعنا على ارقام اكثر من مشجعة عن الوضع في لبنان بعد نحو 10 اشهر على تشكيل الحكومة، وذلك على الرغم من كل التهويل والشائعات عن اندلاع حرب قريبة». 

مجلس الوزراء

إلتأم مجلس الوزراء عند الثانية من بعد ظهر أمس في القصر الجمهوري، برئاسة الرئيس جوزاف عون، وبحضور الرئيس نواف سلام والوزراء.، وانضم الى الجلسة لاحقا حاكم مصرف لبنان كريم سعيد.. وسبق الجلسة اجتماع بين الرئيسين. 

وبحث مجلس الوزراء في جدول أعمال من ثلاثة بنود أساسية، يتصدرها مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع، إضافة إلى تعيين رئيس مجلس الإدارة – المدير العام للمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال) وأعضاء مجلس إدارتها. كما يناقش المجلس مشروع اتفاقية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية حول تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، إلى جانب التطرق إلى أمور طارئة واتخاذ القرارات المناسبة في شأنها. 

وأفادت المعلومات أن الرئيس عون اعلن انه لن يقبل بأيّ قانون يمسّ بحقوق المودعين. 

ولوحظ ان الرئيس عون قدَّم مداخلة تطرَّق فيها الى الحملات على العهد فقال: يجب احترام ما نص عليه اتفاق الطائف لجهة تسهيل الوزير عمل المرافق العامة وليس تعطيله، وانه لا يمكن لوزير إيقاف مراسيم وقرارات يتخذها مجلس الوزراء، بل يجب ان تسلك هذه المراسيم مسارها اللازم، وان تذيّل بإمضاء رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزير المختص. من صلاحية الوزير وحقه ان يناقش ويعترض ويتحفظ خلال المناقشات في مجلس الوزراء، انما بعد اتخاذ القرار عليه ان يتقيّد بمضمونه، ولا يجب تعطيل عمل المؤسسات. 

اضاف: لا بد من الإشارة الى ان نظامنا ديمقراطي برلماني، وبالتالي فإن النقاش يجب ان يتم تحت قبة البرلمان، وانا لا اقف طرفاً مع احد ضد الآخر، انما ما أقوله هو ان المجلس النيابي يمثل النظام الديمقراطي ويجب ان يكون الكلام والنقاش داخل المجلس.

وحسبما اعلن وزير الاعلام بول مرقص بعد الجلسة: اقرّ معظم بنوده ولا سيما تعيين رئيس مجلس إدارة المدير العام المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان «ايدال»، وأعضاء مجلس ادارتها وجاءت على النحو التالي: ماجد منيمنة رئيساً، زينة زيدان وعباس رمضان وفادي حلبي وروني سرياني وريم درباس وحسن حلبي أعضاء. كذلك اقر المجلس مشروع اتفاقية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اللبنانية حول تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بعد الاخذ بملاحظات هيئة التشريع والاستشارات. 

وقال الوزير:انتقل المجلس لدراسة مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع فأقر عدداً من المواد وقرر ارجاء الجلسة الى الغد (اليوم) لاستكمال النقاش في جلسة خاصة في السراي الحكومي تعقد عند الساعة 10 صباحاً». 

واوضح رداً على سؤال: تم إقرار 4 مواد، إضافة الى المبادئ الأساسية للقانون التي استغرق نقاشها وقتا طويلا. في هذه المبادئ تم توصيف شامل الازمة. وكان هذا التوصيف للأزمة ولأوجه حلولها مقدمة أساسية تمهيدا للدخول في المواد. ما من مشروع يرضي الجميع. فهناك عدة افرقاء، اولهم المودعون، والدولة اللبنانية، والمصرف المركزي، والبنك الدولي، وكل الدائنين، والمصارف. ولن يعجب كل فريق كل ما هو موجود في هذا المشروع. لذا علينا ان نصل الى نواح توافقية. 

وحول النقاط التي اعترض عليها بعض الوزراء قال: النقاش كان تقنيا، ولم يكن نقاشا بالمعنى السياسي. كان نقاشا حول بعض العبارات والمعاني لتؤدي غرضها الصحيح، وبعض المكامن والاحكام بالقانون كي تنصف هذه الفئات، وخصوصا المودعين، ولا تكون على حساب الثقة بالقطاع المصرفي، لأنه اذا لم نستعد الثقة بهذا القطاع، فكأننا لم نفعل شيئاً. علينا ان نأخذ كل هذه الهواجس بالاعتبار. 

وهل تحصل تعديلات على المشروع؟ أجاب مرقص: هذا غير صحيح، والدليل اننا تناقشنا حتى بالعنوان، وعدلنا المواد الثانية، والثالثة، والرابعة. وسنكمل في التعديلات. 

وافيد ان عددا من الوزراء ايد مشروع القانون مع تعديلات وهناك وزراء اعتبروه شائكا وغير مفهوم لا سيما حول كيفية اعادة الودائع. واقترح بعض الوزراء تشكيل لجنة وزارية لدرس المشروع بدقة لكن الرئيس سلام رفض ذلك مصرا على انهاء النقاش بأسرع وقت وتحويل المشروع الى مجلس النواب. 

وخلال جلسة مجلس الوزراء، تجمع المودعون على طريق القصر الجمهوري، رفضاً لمشروع قانون الفجوة المالية، رافعين لافتات أكدوا فيها الحق في ودائعهم والحصول عليها كاملة. وشارك في الاعتصام عضو «لقاء جمعيات المودعين» الوزير السابق عصام شرف الدين والمودعون من مختلف المناطقوتحدث عدد من المودعين فأجمعوا على «رفض هذا القانون جملة وتفصيلا لما يحمله من انتهاك صارخ لحقوق المودعين، داعين الى «اعتماد النسبية في احتساب الودائع، واعطائهم سندات ذهبية بدلا من الورقية، ومحاسبة كل مسؤول عن هذه الأزمة المالية». 

وكان مشروع الفجوة والانعكاسات المرتقبة على المستوى الاقتصادي، مدار بحث امس بين وزير المال ياسين جابر والسفير الاميركي في لبنان ميشال عيسى، وجرى ايضاً عرض للأوضاع بشكل عام وللمواضيع الاصلاحية.