المصدر: الديار
الكاتب: ندى عبد الرزاق
الثلاثاء 25 حزيران 2024 08:20:22
في حياتنا اليومية، بتنا نجد أنفسنا نتناول الفواكه والأطعمة الفاسدة أو المحتشئة بالديدان رغما عنا، علما ان ذلك قد يكون مضرا بصحتنا في كثير من الأحيان. فقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر ان بعض الأكلات مثل الكرز والايس الكريم وقوالب الحلوى والشوكولاتة محتشئة بالديدان، ناهيكم بالمكسرات التي تعج بالسوس، والزعتر المنتهي الصلاحية ويباع في احد المتاجر الكبرى في منطقة الاشرفية. فمضغ هذه الانواع دون الانتباه لمحتواها ، يعرض المواطن الى مجموعة من المشكلات الصحية، لان الديدان الكائنة في الاطعمة يمكن أن تكون من أنواع مغايرة، وتشمل ديدان الأرض والديدان الطفيلية، مثل الديدان الشريطية والديدان الأسطوانية. ومن المؤكد ان ري الفواكه والمزروعات بالمياه غير النظيفة أو الملوثة يؤدي إلى تلوث المحاصيل بالديدان، وأيضا بمختلف أنواع البكتيريا والفيروسات والطفيليات.
دود وحشرات
وفي الإطار، أوضح الاختصاصي بأمراض الدم والتورم الخبيث في مستشفى الجعيتاوي الدكتور احمد خليل لـ "الديار" ان "المواطنين الذين يستهلكون الفواكه والخضراوات التي تروى من مياه الليطاني، هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض السرطانية. وهناك احتمالات اعلى بشكل ملحوظ لتعفّر المحاصيل الزراعية ببيوض الديدان أو الديدان الصغيرة، التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. ناهيكم بالحشرات مثل الذباب التي تسبب تلوثًا بالأطعمة عندما تلامسها أو تضع بيوضها عليها. بالإضافة الى ان استخدام مياه الصرف الصحي في اعمال السقاية، ينجم عنه تكاثر وانتشار الأوبئة والامراض المستعصية".
البكتيريا تتكدّس والاسقام بالجملة!
من جهتها، قالت اختصاصية التغذية كريستال باشي لـ "الديار": "تتباين انواع الحشرات التي نراها بالعين المجرّدة في الفواكه والخضروات، كما تتمايز بطريقة وصولها الى المنتجات. لكن إذا أردنا التحدّث عن تلك التي تأتي من التربة، لا سيما بالنسبة للثمار التي تلامس الأسمدة او "الروث" او "السواد"، مثل الفريز او الشمام، ففي هذه الحالة تزول هذه الطفيليات عن طريق الغسل".
ولفتت الى "ان "FDA" لم تحدد المعدل المسموح به من عدمه بالنسبة للديدان التي قد تكون داخل الفواكه، لان هذه الدودة الصغيرة لا تلحق الأذى بالصحة وخالية من المهلكات. ومنذ القدم يتناول البشر المأكولات دون فحصها، رغم ان هذا الامر مقزز، لكنه غير مؤذ إذا كانت حاضرة بشكل طبيعي، أي غير ناتجة من عوامل بيئية أخرى. بينما يختلف الموضوع كليا إذا كانت النباتات تُسقى بمياه المجارير، فعندئذ لا يمكن معرفة كم هي نسبة البكتيريا التي لا تُرى، واكيد بلا ريب تلحق الضرر بصحتنا".
وقالت: "من المهم اطلاع الناس على الخفايا ومدى خطورة هذا الوضع، فخلو المحاصيل التي تباع في الأسواق الداخلية من الدود، لا يعني انها غير محملة بالسموم إذا كانت تروى بمياه غير صالحة، وتبدو في هيئة جيدة، اذ قد تكون مشبعة بالبكتيريا الأكثر خطرا على الصحة من الدود، الذي يمكن ملاحظته بالعين المجرّدة. وفئة واسعة لا تعي ان البكتيريا والسموم تتكدس في الجسم، ومع الوقت تبدأ بعض الامراض بالظهور وقد يصاب الشخص بالفشل الكلوي بسبب التسمم الغذائي، والمرء قد لا يدرك مساوئ هذه الاشياء غير المباشرة ومدى خطورتها".
واستكملت "وفقا لتقرير "FAO" فان ارقام حالات التسمم في لبنان كانت قليلة جدا، وذلك يعود الى استخفاف الناس في ما يتصل بالتبليغ عن قضايا التسمم الغذائي، لاعتقادهم ان هذا الانذار سخيف، لكن المرعب حقا هو ان الأمور التي لا نراها مخيفة أكثر من تلك التي يمكن مشاهدتها".
مياه "الصرف الصحي" الطامة الكبرى!
وختمت "إذا تثبتنا من ان هذا الدود ناتج من خلط الأسمدة مع التربة، أو بذور النبات أو الرش او من مياه الري الملطخة، فساعتئذ لا يجب السكوت عن هذه الحالة وعلينا رفع الصوت، لان هذه القضية تهدد صحة الانسان بسبب بعض البكتيريا والطفيليات الخطرة".
البنية القوية محصنة الا اذا!
من جانبها، شرحت اختصاصية التغذية العلاجية والمشرفة على السلامة الغذائية لين الياس سبانخ لـ "الديار" ان "بعض الديدان مؤذية وأخرى لا، ومؤخرا سمعت ان الكرز في لبنان "مدود"، مشيرة الى "ان الاجسام تتفاعل مع هذه الحشرات بحسب قوتها، بيد ان الأشخاص الذين يتمتعون ببنية متينة لا تؤثر هذه الديدان في صحتهم، وقد يعاني البعض من حالات تسمم غذائي، لكن هذا الوضع بالإجمال لا يعد خطرا".
كيفية حدوث التلوث
وفي هذا المجال، أكد خبير في المجال الزراعي لـ "الديار" ان "ري الفواكه والخضروات بمياه ملوثة يتسبب في تلوثها بالديدان، والامر كذلك بالنسبة الى سوء التخزين غير السليم للطعام حيث تتنامى الديدان، خاصة في الأجواء الحارة والرطبة، وتبدأ الحشرات بوضع بيوضها على الفواكه والشوكولاتة والآيس كريم، مما يؤدي إلى تكاثر الديدان في هذه الأصناف".
وفي هذا الخصوص، أشار اختصاصي التغذية طه مريود في حديث لـ "الديار" الى "الآثار الصحية لأكل غذاء محتشئ بالدود الذي يسبب عدوى معوية، تؤدي إلى أعراض مثل الإسهال وألم البطن والغثيان والتقيؤ"، معتبرا ان "هذه الحشرات قد تمتص العناصر الغذائية من الأمعاء، مما يؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية، وتناول الديدان الحية أو بيوضها يحدث تسمما غذائياً ويكون شديداً في بعض الحالات".
وختم لافتا الى"ان استعمال مياه ملوثة في الري يوسّخ التربة، التي بدورها تدنس النباتات المزروعة فيها. وينشأ ذلك من خلال تلامس الأجزاء الصالحة للأكل من المزروعات، مما يؤدي إلى انتقال الديدان أو بيوضها مباشرة إلى المحصول".
مسؤولية الجهات الرقابية!
بالموازاة، قالت مصادر مراقبة لـ "الديار" ان "الإشراف على سلامة الأشجار المثمرة وضمان خلوها من الملوثات والديدان تتولاها عادة عدة جهات رسمية، لضمان سلامة الغذاء وحماية صحة المستهلكين، حيث تأتي وزارة الزراعة في الطليعة والى جانبها الإدارات المعنية مثل إدارة الرقابة على المحاصيل، إدارة الإرشاد الزراعي وإدارة الوقاية النباتية. وترصد هذه الهيئات عمليات الزراعة والري، وتعطي الإرشادات للمزارعين حول الممارسات الزراعية السليمة وفحص المحاصيل، للكشف عن التلوث أو الإصابة بالآفات.
اضافت المصادر لا يجب استثناء وزارة الصحة وإدارة الصحة العامة وإدارة سلامة الأغذية، المسؤولة عن التأكد من سلامة الأغذية المتداولة في الأسواق، بما في ذلك إجراء فحوصات دورية على المنتجات الزراعية، للتحقق من خلوها من الملوثات، وتشديد الشروط الصحية المتعلقة بسلامة الغذاء".
وتابعت المصادر "بالإضافة الى هيئات الرقابة على سلامة الأغذية، التي تتألف من روابط مستقلة أو تابعة لوزارات الصحة أو الزراعة، ومن مهامها إجراء الفحوصات المخبرية على المنتجات الغذائية، ووضع وتطبيق القوانين والتشريعات المتعلقة بسلامة الغذاء، وإصدار الشهادات والمعايير الخاصة بجودة وسلامة المنتجات الزراعية".
وقالت المصادر "لا يجب ان ننسى دور البلديات والمجالس المحلية، بما في ذلك إدارة الصحة العامة والبيئة، ومن اختصاصها حفظ الأسواق المحلية، والتأكد من تطبيق المزارعين والتجار للمعايير الصحية في تداول المحاصيل، ومتابعة الشكاوى المتعلقة بسلامة الأغذية".
وختمت المصادر "الى جانب كل ما تقدم، فان من وظيفة المختبرات والمراكز البحثية تنفيذ الأبحاث والدراسات المتعلقة بسلامة الأغذية، وتنمية طرق جديدة للكشف عن الطفيليات والآفات، وتقديم التوصيات العلمية للجهات الحكومية".