ماذا تخفي جولة التصعيد المتجدد في الجنوب ؟

في الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار والاهتمامات اللبنانية مجددا نحو ملفات الداخل الطارئ منها مثل تداعيات توقيف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة او المزمن مثل الازمة الرئاسية والحديث عن تحريك جهود اللجنة الخماسية في شأنها، برزت جولة تصعيدية عنيفة في الواقع الميداني في جنوب لبنان منذرة بتطورات قد تتجاوز اطار القلق والخطر المعتادين. والواقع ان التصعيد الحاد والواسع نسبيا الذي طبع الغارات الإسرائيلية منذ الجمعة الماضي على البلدات الجنوبية الأمامية ومواقع "حزب الله" اتسم بدلالات قد تتجاوز الإطار الميداني المباشر وتطورات المواجهة الدائرة بين إسرائيل و"حزب الله" منذ 8 تشرين الأول من العام الماضي الى إظهار متعمد لاستعدادات إسرائيلية لرمي كرة التحدي بقوة في وجه لبنان و"حزب الله" من خلال رفع وتيرة العمليات الحربية وصولا الى حرب واسعة .


وهذه المؤشرات اثارت مزيدا من الغموض والقلق حيال المرحلة الطالعة في لبنان اذ على رغم حالة استبعاد حرب واسعة في لبنان بعد رد "حزب الله" على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر فان المجريات الميدانية والتصعيد الذي طبع تكثيف الغارات الإسرائيليةفي الأيام الأخيرة بالإضافة الى عودة التهديدات الإسرائيلية بالانتقال الى مرحلة هجومية في لبنان ، كل هذا شكل معالم تطور جديد يتعين مراقبته ورصد دلالاته بدقة شديدة.

وما عزز هذه الانطباعات المقلقة ان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب كشف في مقابلة مع قناة "الجزيرة" الإنكليزية أن "إسرائيل نقلت لنا رسالة عبر وسطاء مفادها أنها غير مهتمة بوقف إطلاق النار في لبنان حتى بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة".

كما انه في اطار التهديدات اعلن رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي أن قواته تستعد لاتخاذ خطوات هجومية داخل لبنان. وقال هاليفي، خلال جولة تفقدية في الجولان، إن الجيش الإسرائيلي يركّز على مواجهة "حزب الله"، وإن الهجمات التي شُنت خلال الشهر الأخير، وعدد عناصر الحزب الذين قُتلوا كبير للغاية. وتابع هاليفي بأن الجيش الإسرائيلي يسعى لتخفيف التهديدات التي يتعرض لها سكان المنطقة الشمالية وهضبة الجولان، وذلك تزامنًا مع الاستعداد للهجوم في مرحلة لاحقة، دون أن يذكر تفاصيل إضافية.

اما على الصعيد الديبلوماسي وبناء على تعليمات وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، وبعد التنسيق والتشاور مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وجهت بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، رسالة إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ردا على الرسالة المتطابقة الإسرائيلية حول تطبيق قرار مجلس الأمن ١٧٠١ (٢٠٠٦) والمقدمة من المندوب الإسرائيلي بتاريخ ١ أيلول ٢٠٢٤، وأشار الوزير بوحبيب بموجبها إلى أن بوابة الحل الدائم هي من خلال التطبيق الشامل والكامل لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ بكافة بنوده ومندرجاته، وليس بصورة انتقائية كما يحاول الطرف الآخر.


واضافت الرسالة ان التطبيق الشامل للقرار ١٧٠١ يعني انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف اعتداءاتها على سيادة لبنان واستهدافها للمدنيين اللبنانيين والأهداف المدنية، وانخراطها في عملية إظهار الحدود اللبنانية الجنوبية البرية المعترف بها دولياً، والمؤكد عليها في اتفاقية الهدنة لعام ١٩٤٩، بإشراف ورعاية الأمم المتحدة. كما طالب لبنان الدول الأعضاء في مجلس الامن والمجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتطبيق القرار ١٧٠١ بكافة بنوده، وجدد التزامه الكامل بالقوانين الدولية وبالشرعية الدولية، مشددا على الدور الأساسي والفاعل لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، بحسب الولاية الممنوحة لها، بهدف مساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها على كامل أراضيها من خلال تقوية القوات المسلحة اللبنانية.


وعلى الصعيد الميداني تواصل القصف الاسرائيلي جنوباً، وأغار الطيران الحربي الاسرائيلي على أحراج كونين بصواريخ جو-أرض، تزامنا مع تحليق لطيران مسير واستطلاعي في أجواء القطاعين الغربي والأوسط . واستهدفت مسيرة إسرائيلية أحد بساتين الوزاني بثلاثة صواريخ بالتزامن مع رشقات رشاشة يطلقها الجيش الاسرائيلي في اتجاه منطقة الميسات في أطراف الوزاني. كما ألقيت قنابل مضيئة على سهل مرجعيون. وتعرضت أطراف علما الشعب واللبونة في القطاع الغربي لقصف بقذائف هاون، ونفذ الجيش الاسرائيلي عدوانا بغارتين على قبريخا وغارة على بني حيان.

وقد سقطت مسيرة تابعة لـ"حزب الله" أمس في منطقة عين إبل، وعمل فريق الهندسة في الجيش اللبناني على الكشف عليها. وأفادت معلومات عن سقوط مسيّرتين انقضاضيتين تابعتين لحزب الله كان ينوي إطلاقهما باتجاه اسرائيل في بلدة عين إبل .

وأعلن "حزب الله" أمس أنه "ردا على ‌‌‌‏اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة خصوصاً الاعتداء الأخير ‏على بلدة فرون، قصف مجاهدو المقاومة ‏الإسلامية مقر ‏قيادي كتائبي تشغله حالياً قوات من لواء غولاني بصليات من صواريخ الكاتيوشا. كذلك أعلن أنه استهدف موقع حدب يارون ‏بقذائف المدفعية. كما استهدف أيضاً موقع الراهب وانتشاراً للجنود في محيط مستوطنة "منوت" .

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق 30 قذيفة من الأراضي اللبنانية في اتجاه الشمال. ودوت صفارات الإنذار في الجليل الغربي تزامناً مع إطلاق صواريخ من جنوب لبنان. ونتيجة إطلاق صواريخ، تمت إصابة مبنى في شلومي واندلاع حريق في منطقة ليمان. وظهرا، أفادت وسائل إعلام إسرائيليّة ان "حزب الله" استهدف قاعدة عسكريّة استراتيجيّه قرب صفد تضم مجمّعات عسكريّة حسّاسة.

ولاحقا استمرّ التصعيد وأدى القصف الاسرائيلي الى استشهاد ثلاثة مسعفين من الدفاع المدني وجرح مسعفين آخرين خلال قيامهم بإخماد حرائق في بلدة فرون . ورد حزب الله بقصف صاروخي لمقر الاستخبارات الرئيسية في قاعدة ميشار .

قبل ذلك، تجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة على الجنوب، حيث قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن سلاح الجو شن سلسلة غارات استهدفت منصات إطلاق صواريخ في بلدات عدة جنوب لبنان، من بينها بيت ليف وعيترون والضهيرة وكفر كلا.
كما شنت المدفعية الإسرائيلية هجمات متزامنة مع القصف الجوي.

في السياق، قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي، أن "الجيش الاسرائيلي استهدف أكثر من 15 منصة صاروخية وبنية عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان؛ بالاضافة إلى عدة منصات كانت جاهزة لإطلاق فوري نحو الأراضي الإسرائيلية". وأفاد أدرعي، بأنه "بعد استهداف المنصات التي كانت جزء منها جاهزة للإطلاق بشكل فوري نحو الأراضي الاسرائيلية ، تم رصد انطلاق عدة قذائف من المنصات حيث سقطت داخل الأراضي اللبنانية".