ماذا عن مصير السجناء في لبنان إذا تزايدت المخاطر العسكرية؟

كتب انطوان الفتى في وكالة اخبار اليوم:

بمعزل عن إلقاء القبض على مساجين فرّوا من سجن جزين أمس، وعن "قصّة إبريق زيت" السجون في بلادنا، وعن الارتكابات أو الأعمال التي أدّت الى توقيف أو إصدار أحكام بالسجن على فلان أو فلان... يبقى المسجون إنساناً، ويحق له بكامل الحماية التي ينعم بها أي إنسان آخر.

تحذير بضرورة الإخلاء...

وهنا نسأل عن الخطط المحلية الرسمية الممكنة، في ما لو تمّ إصدار أي بلاغ أو تحذير بضرورة إخلاء مناطق أو مبانٍ ستتعرّض للقصف، وهي قريبة من سجون لبنانية، وضمن أمتار تجعل السلطات الأمنية مُجبَرَة على إخلائها، وبمدّة زمنية قليلة جدّاً؟

ففي تلك الحالة، ماذا يمكن أن يحصل؟ هل من خطط جاهزة لهذا النوع من الظروف؟ وإذا كانت (الخطط) موجودة، ماذا عن مجالات تنفيذها بالسرعة اللازمة، وبالنجاح المطلوب؟

لا سوء تقدير

ما نمرّ به الآن، وما قد نصل إليه أكثر بعد، خلال الأيام أو المرحلة القليلة القادمة، يجعل لبنان كلّه في قلب المخاطر الشديدة. وهذا يشمل كل فئات الشعب اللبناني، ومن ضمنهم السجناء الذين هم بشر في النهاية، ويستحقون كل أنواع الاهتمام والرعاية والحماية.

وكما أن تعذيب المسجون، أو حجز إنسان من دون محاكمة، وغيرها من الممارسات... هي قضايا ممنوعة، فإن ترك أي إنسان في دائرة الخطر، ولو من باب الاحتمال، هو مسألة ممنوعة أيضاً، لا سيما أن المخاطر الأمنية والعسكرية التي نحن فيها الآن تُجبر الجميع على وضع كل أنواع الاحتمالات أمامهم، وتمنعهم من تبرير أي نوع من سوء التقدير.

وانطلاقاً مما سبق، وكما أنه لا يجوز فتح أبواب السجون وإخراج المساجين منها على هواهم تحت ضغط الخطر، وكأنهم لم يرتكبوا شيئاً، ومن دون قدرة فعلية على تتبّعهم كما يجب بعد انقضاء التهديد، فإنه لا يجوز أيضاً تركهم حيث هم تحت الخطر، أو تحت إمكانية الخطر.

أعداد كبيرة

كشفت مصادر أمنية أنه "كان تمّ إخلاء معظم "النظارات" الموجودة في عمق الجنوب أصلاً، فيما اعتُبِر أن جزين غير معنية بخطر أمني شديد".

وأكدت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أنه "إذا توفّرت تحذيرات بحصول قصف في أماكن قريبة جداً من سجون معيّنة، فعندها يتوجب نقل المساجين الى أخرى آمنة. ولكن مع الأسف، لا توجد أماكن بالمعنى الفعلي قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من مساجين في باقي السجون، إذا تمّ نقلهم".

ازدحام

وذكّرت المصادر الأمنية "بأننا لطالما رفعنا الصوت، وقُلنا على مدى سنوات إن هناك قنبلة موقوتة إسمها السجون في لبنان، وإنها تهدّد بمشاكل كبرى، وقادرة على التسبّب بأزمات كبيرة، وهي بحاجة الى حلّ استثنائي وسريع. ولكننا لم نجد الآذان الصاغية بما يكفي، ولا من يُجيبنا كما يجب".

وختمت:"المشكلة التي قد تُعيق إخلاء السجناء من سجن الى آخر في ما لو احتجنا الى ذلك، لا تقتصر على أن السجون الأخرى غير مجهّزة كما يجب فقط، بل تتعلّق أيضاً بأنه لا توجد أماكن فارغة أصلاً لتستوعب المزيد في أي سجن آخر. فالقدرة الاستيعابية لكل سجن لبناني مضغوطة بمقدار الأضعاف حالياً، بينما لو اتُّبِعَت المسارات القضائية في الماضي كما يجب، لما كنّا وصلنا الى كل هذا الازدحام غير الطبيعي الآن، ولا الى المشكلة الواضحة على هذا الصعيد في الظروف الحالية".