ماهر ومملوك و"النمر" و"جزار داريا".. إلى أين ذهب رجال الأسد؟

خلال السقوط السريع لنظام الأسد، وتهاوي أركانه، عقب الهجوم الخاطف الذي شنته فصائل المعارضة المسلحة، غاب عن الأنظار كبار معاونيه وقادة أجهزته الأمنية والعسكرية، وسط حالة من الفوضى والارتباك، ترك فيها عناصر النظام السوري مراكزهم، وتفككت كافة المؤسسات التي كانوا يديرونها.

بقي مصير أولئك المسؤولين غامضاً، ودارت تكهنات بمغادرتهم لسوريا، فيما راجت أخبار أخرى حول عودة بعضهم إلى بلداتهم ومسقط رأسهم.

وفي الساعات والأيام القليلة التي تلت السقوط المدوي لنظام الأسد، عبر الآلاف من السوريين إلى لبنان، ووصل عددهم طبقاً للأرقام التي صرحت بها أجهزة الأمن اللبنانية، إلى 8 آلاف شخص، عبر معبر المصنع الحدودي.

وتشير الأرقام التي حصلت عليها وكالة الأسوشيتد برس، من مصادر أمنية لبنانية وقضائية طلبت عدم الكشف عن أسمائها، إلى أن 5 آلاف مواطن سوري، مروا عبر مطار بيروت الدولي، خلال الأيام القليلة التي تلت سقوط نظام الأسد.

وزير الداخلية اللبناني، بسام مولوي، كان قد نفى دخول أي مسؤول سوري رفيع إلى أراضي بلاده، وتم تداول أخبار عن تلقي الضابط المسؤول عن معبر المصنع أمراً بالدخول في إجازة مفتوحة، بسبب الاشتباه بعلاقته الوثيقة بشقيق الأسد.

لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمان، يقول إن هناك مسؤولين سوريين رفيعي المستوى، نجحوا بالفعل في دخول الأراضي اللبنانية، مستخدمين هويات مزورة.

وعقب حالة الغموض التي سادت بشأن مصير بشار الأسد، أكدت موسكو أنه موجود على أراضيها، وتوجهت الأنظار إلى مصير باقي أركان نظامه.

يقول رامي عبد الرحمن، إن ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق، قد وصل فعلاً إلى روسيا. ويواجه ماهر الأسد تهماً تتعلق بالأوامر التي أصدرها بصفته قائداً لفرقة الرابعة المدرعة، التي ذاع صيتها خلال الحرب الأهلية السورية.

وتشمل تلك التهم التعذيب والقتل خارج إطار القانون، والابتزاز، وتصنيع المخدرات والاتجار بها على نطاق واسع.

كما يواجه ماهر الأسد سلسلة عقوبات أميركية وأوروبية، صحبة عدد من كبار الضباط السوريين، بسبب تهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، عقب الهجمات الكيميائية ضد المناطق المدنية عام 2013.

وتضم قائمة المطلوبين المستشار الأمني والعسكري للأسد، اللواء علي مملوك. وهو مطلوب في كل من لبنان وفرنسا. إذ يتهم مملوك بالوقوف وراء التفجيرات التي شهدتها مدينة طرابلس شمال لبنان.

كما يواجه مملوك تهما جنائية في فرنسا بسبب تورطه في إيقاف وتعذيب مواطن فرنسي من أصول سورية صحبة ابنه، قتل كلاهما بسبب التعذيب الذي تعرضا له.

مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان تشير إلى أن مملوك دخل إلى الأراضي اللبنانية، لكن لا يعرف بعد ما إذا كان لازال يتمتع بحماية حزب الله، أم أنه غادر لبنان إلى وجهة أخرى.

ومن أبرز المسؤولين السابقين المطلوبين للعدالة، اللواء سهيل الحسن، والذي كان قائداً للفرقة 25 للقوات الخاصة في جيش نظام الأسد، والتي كانت تعرف بقوات النمر.

وكان الحسن قد تلقى شكرا خاصاً من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عام 2017، إثر سلسلة "النجاحات" التي حققتها فرقته خلال مواجهة المعارضة المسلحة، خصوصاً في ريف دمشق ومنطقتي حلب وإدلب شمال البلاد.

ورغم علاقات الحسن الوثيقة بروسيا، لا يزال من غير المعروف ما إذا كان قد نجح في الذهاب إلى موسكو، أم أنه لا يزال في سوريا.

ومن الوجوه غير المعروفة إعلامياً من كبار مسؤولي نظام الأسد، يبرز اللواء حسام لوقا، الذي تدرج في سلم العمل داخل أجهزة الأمن، ليصل إلى منصب رئيس شعبة المخابرات السورية.

لوقا عرف بقمعه الشديد لكل الحركات الاحتجاجية أو المعارضة السياسية، طيلة مسيرته المهنية، التي تضمنت تعيينه في منصب رئيس فرع أمن الدولة في حلب، ثم رئيسا لفرع الأمن السياسي في حمص، عام 2004.

يعتبر لوقا من المقربين من الأسد، وأشرف على ما عرف بعمليات المصالحة، في المناطق التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة السورية.

يواجه لوقا عقوبات أميركية وبريطانية، لدوره الكبير في قمع التظاهرات والاحتجاجات، ولا توجد معلومات موثوقة حول مكان تواجده حالياً.

ومن الأجهزة الأمنية التي روعت السوريين، تبرز إدارة المخابرات الجوية، التي كان يقودها اللواء، قحطان خليل، المسؤول عن الهجوم الدامي على منطقة داريا، الذي نتج عنه مقتل المئات من المدنيينن ما جعل المراقبين ينعتون خليل بأنه "جزار داريا".

وعقب سقوط نظام الأسد، وترك العناصر الأمنية والعسكرية لمراكزها، توارى خليل عن الأنظار، ولا يعرف مكان تواجده إلى حد الآن.

ولف الغموض كذلك مصير القائد السابق للمخابرات الجوية، اللواء جميل الحسن، الذي يواجه تهما جنائية في فرنسا في نفس القضية التي شملت المستشار الأمني والعسكري للأسد، اللواء علي مملوك.

ولايعرف إلى حد الآن مصير وزير دفاع نظام الأسد، الفريق علي عباس، ومدير مكتب الرئيس السوري السابق، الفريق بسام الحسن، الذي خدعه بشار الأسد وغادر البلاد دون إعلامه، حسب الرويات التي بدأت تظهر إلى العلن مؤخراً.