ما حصل الاثنين كان بروفا إسرائيلية...لبنان بلا أي دعم حتى ولو اندلعت الحرب الشاملة!

فيما كان الجنوب يشتعل أمس على وقع قصف إسرائيلي، وتضارُب كبير في المعلومات المتناقضة، سُجِّلَت مجموعة من المؤشّرات السلبيّة، أبرزها:

* غياب أي اتّصال عربي أو دولي وازن مع أي مسؤول لبناني، يُبدي تعاطفه أو دعمه، حتى من جانب الدّول الأكثر صداقة للبنان.

* غياب أي مؤشّر دولي ملموس وواضح يدعو إسرائيل الى ضبط النّفس، وكأن تبنّي الرواية الإسرائيلية لما حصل، دولياً، هو من باب "التحصيل حاصل".

* أن ما حصل أتى على مسافة زمنيّة قريبة من الوصول الى الخواتيم النّهائية لتحديد مصير قوات "يونيفيل" في الجنوب اللّبناني.

* أن ما جرى ستكون له تداعياته السياسية على الدّاخل اللّبناني، وعلى الحكومة اللّبنانية حتماً، سواء قام "حزب الله" بعمل عسكري في القادم من الأيام أو لا، لأنها (الحكومة) تبقى في نظر شريحة دولية واسعة، حكومة يسطو "الحزب" على الجزء الأكبر والأهمّ من قراراتها.

 

مناخ مشحون

رأى الوزير السابق فارس بويز أنه "من الواضح أن المناخ الدولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية بضغط إسرائيلي، وهو مشحون ضدّ لبنان بسبب وجود المقاومة فيه. وهذا المناخ يمتدّ الى بعض الدول العربية التي تعتمد سياسة تحميل لبنان كلّ المسؤوليات، في كلّ الظروف، سواء بسبب حساباتها الخاصة مع إيران، أو من ضمن علاقاتها مع الأميركيين".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "غموض وتناقض المعلومات الأمنية أمس تجسّد عربياً ودولياً بصمت هو أقرب الى موقف "قبّة باط" حيال ما تقوم به إسرائيل. فهذا الصّمت الدولي والعربي المريب، وصل الى درجة أنهم لم يُظهروا أي محاولة لمعرفة الحقيقة. وهذا مؤشّر سيّىء جدّاً للسياسة الدولية المنحازة".

 

صمت فرنسي

وردّاً على سؤال حول أن أسباب ذلك تعود الى أن العرب يعتبرون أن الصّراع هو إسرائيلي - إيراني، ولا دخل لهم به، وأن جبهة الجنوب أفلتت من أيديهم منذ وقت طويل، أجاب بويز:"طبعاً، هذا ما يعتبرونه، بمعزل عمّا يحصل واقعياً على الأرض، وعن أي اعتداء إسرائيلي، وهذا واضح جدّاً. وهُم يغلّبون هذه الحسابات على تلك العادلة والمُحقَّة".

وعن الصّمت الفرنسي تحديداً، بعدما كانت فرنسا مدافعاً أساسياً ودائماً عن لبنان، قال: "السياسة الأوروبية عموماً، بما فيها سياسة باريس، التي كانت مستقلّة ومميّزة منذ عهد الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول، أصبحت اليوم سياسة تأخذ في الحسبان التوجّه الأميركي بوضوح. ولذلك، أتى طرح الحياد كمخرج لفرنسا التي لم تَعُد تستطيع دعم لبنان بالكامل، والتي تريد أن لا تصطدم بالسياسة الأميركية".

 

معزول

وحول الإنعكاسات السياسية لما حصل في الجنوب، على لبنان عموماً، والحكومة خصوصاً، رأى بويز أن "لبنان بات معزولاً سياسياً، حتى من قِبَل أقرب أصدقائه التقليديّين. ومن هنا ضرورة أن تقوم السلطة بإعادة النّظر في تموضعها، وفي علاقاتها الخارجية. ونذكر أن لبنان بات مكشوفاً إقتصادياً أيضاً، وهو ما يوضحه رفض أي جهة خارجية وازنة، دعمه ومساعدته. كما أنه مكشوف سياسياً إذ إن أي شيء يحصل، يُحمَّل (لبنان) مسؤوليّته حتى ولو لم يَكُن مسؤولاً عنه. وهذا الأمر يتطلّب التوجّه نحو تموضع جديد لا بدّ منه، للخروج من العزلة، وديناميكية معينة تقوم بها السلطة اللبنانية لمحاولة فكّ هذه العزلة الخطيرة جدّاً، لأنها تحمّل لبنان مسؤولية أي شيء يحصل حتى ولو كان هو على حقّ".

وختم:"المرحلة صعبة للغاية بسبب هذا الطّوق المضروب على لبنان، وفي ظلّ غياب دولة تسعى الى فكّه. وهذا يعرّض البلد لكلّ الإحتمالات في ظلّ هذا المناخ الدّولي المضطّرب. فما حصل بالأمس كان "بروفا" قامت بها إسرائيل لامتحان ردود الفعل الداخلية والدولية، وكأنها تحضّر لشيء معيّن".