المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الثلاثاء 8 نيسان 2025 07:58:16
يعود مجلس الوزراء اليوم مجددا، إلى مناقشة مشروع قانون "إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها" بعد تأجيل بته في الجلسة السابقة، لمزيد من الدراسة والمشاورات.
وقد يكون "الأمر" الأميركي والنصيحة "الأورتاغوسية" المباشرة بالإسراع في الإصلاحات، حافزين أساسيين للتعجيل في إقرار المشروع وتجنب الغوص في تعديلات جوهرية، قد تذهب به إلى حيث لا يلتقي مع الرغبات الأميركية من جهة، ومع إرشادات صندوق النقد الدولي من جهة أخرى.
المشروع ذاهب حتما إلى الإقرار، والإحالة على مجلس النواب لتشريعه قبل 14 يوما من موعد الاجتماعات التي سيعقدها الوفد اللبناني مع صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن من 21 نيسان الجاري إلى 23 منه، ومع مسؤولين حكوميين ومنظمات دولية غير حكومية.
وبالرغم من أن لبنان يحتاج إلى ذلك بقوة، تبقى هناك ثغرات والتباسات وفق خبراء قانونيين ومصرفيين. فالمصارف ستخضع وفق المشروع لعملية تقييم في موجوداتها وملاءتها، للحصول على "إذن" بالبقاء قيد العمل، أو الذهاب إلى التصفية والشطب. مضمون المادة 39 من المشروع، والتي تحدد آلية تقييم المصارف، لم تستسغها لجنة الرقابة على المصارف بداية، ومن ثم لجنة التقييم المستقلة. إذ كيف سيتم تحديد القيمة السوقية للمصرف، وملاءته المالية، قبل تحديد مصير ودائعه لدى مصرف لبنان، وديونه على الدولة (اليوروبوندز)، وقبل تحديد المسؤوليات عن الودائع أو توزعها بين أفرقاء الأزمة الثلاثة، الدولة ومصرف لبنان والمصارف؟
وتاليا، فإن التقييم الذي اشترطته المادة 39 لن يكون سليما أو علميا، ما دام المصرف واللجنة المنوط بها إجراء التقييم، يجهلان معا مصير ودائع المصرف المعني في مصرف لبنان، وكم سيعود منها إلى خزائنه ومتى، ووفق أي جدول زمني، أو آلية مالية؟ أضف إلى ذلك تساؤلات عن مصير سندات اليوروبوندز التي يحملها المصرف المعني بالتقييم، وأسعارها السوقية، برغم اقتناع سائد لدى عاملين في القطاع المصرفي، يضع خسائر اليوروبوندز في عهدة حامليه، بحيث أنها استثمارات أقدم عليها المصرف، مع معرفته بالمخاطر التي تحيط ببيئة الاستثمار اللبنانية.
وفيما توقعت مصادر عملت على إعداد المشروع إقراره في مجلس الوزراء اليوم وإحالته على مجلس النواب، أكدت لـ"النهار" أن مناقشته لم تفض إلى تعديلات جوهرية عليه. بيد أنها أوضحت أن التعديل طال المادة 37 التي تتعلق بسريان مشروع القانون لتصبح كالآتي: "يعمل بهذا القانون فور صدوره في الجريدة الرسمية". بمعنى آخر، لم يتم تعليق نفاذه على إصدار القانون الذي بعده، علما أن النسخة الاخيرة من المشروع قبل التعديل كانت تنص على الآتي: "يسري هذا القانون لدى نشره في الجريدة الرسمية ويعدل وفقا لمضمون كل من "قانون إعادة التوازن للنظام المالي في لبنان"، و"القانون المتعلق بوضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحويلات المصرفية والسحوبات النقدية" (فور إقرار أي منهما أو كلاهما)".
الى ذلك، كشفت المصادر أن ثمة تعديلات طرأت على المادة 39 "إنصافا للمصارف وليس إكراما لها أو مسايرة، فيما تبقى مسؤولية المصارف قائمة للمحافظة على نفسها من دون إلزامها أي متطلبات، آخذة في الاعتبار المحافظة على رساميلها وفقا لمتطلبات بازل".
ووفق المشروع، فإن المادة 39 تفرض تقيد المصارف بمتطلبات الحدود الدنيا للأموال الخاصة، "على أن تُعتبر موجودات المصارف لدى مصرف لبنان ضمن القيمة الدفترية قبل أي مؤونات للخسائر المحتملة للإيداعات لدى مصرف لبنان، وتُعتبر التوظيفات في سندات اليوروبوندز على أساس القيمة الصافية بعد اعتبار نسبة الخسارة المتوقعة التي يحددها مصرف لبنان".
وقد أورد أحد محامي جمعية المصارف إيلي شمعون في ملاحظاته أن "المطلوب من المصارف تحمل خسارة تخلف الدولة عن تسديد اليوروبوندز، وتاليا لا يعقل مرة أخرى أن تتحمل المصارف نتيجة أي تخلف من مصرف لبنان والدولة اللبنانية عن تسديد التزاماتهما، وأن تحجز في المقابل أملاك القيمين على إدارتها وتحميلهم مسؤولية هذا التخلف. ويقتضي تمديد المهلة الممنوحة للمصارف للتقيد بالمتطلبات المشار إليها في هذه المادة لغاية ستة أشهر على الأقل، إفساحا لها لتأمين هذه الشروط".
بيد أن مصادر قانونية سألت: "كيف يمكن التقييم إذا كان ما تنص عليه المادة 39 عناصر أساسية في التقييم؟" وذكرت أن "ثمة أكثر من 10 مصارف حسابها الجاري لدى مصرف لبنان يغطي كامل ودائعها، فكيف سيتم التعامل معها؟ وهل يُطلب منها ضخ رساميل جديدة، فيما هي أودعت كامل أموالها في مصرف لبنان؟ وإذا أرادت ضخ رساميل جديدة، فأي مستثمر سيكون لديه الثقة بألا تضيع أمواله كما السابق؟"
وأكدت أنه "لن يكون في مقدور مصرف لبنان إعادة الأموال من الحساب الجاري للمصارف (مجموع الحساب الجاري الحر لجميع المصارف في لبنان يبلغ 30 مليار دولار)، لكونه أنفق هذه الأموال لمصلحة الدولة، بدليل أن المركزي استطاع جمع مبلغ 3 مليارات دولار في عام واحد، بعدما رفض الحاكم السابق لمصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري تمويل الدولة".
وإذ لم تستغرب المصادر استجابة الدولة للضغوط الدولية، "إذ أصدرت قانونا لا يعالج في جوهره مسألة الودائع التي استحوذت عليها"، سألت "كيف ستصنف لجنة الرقابة على المصارف المصرف الذي اكتفى بوضع ودائع المواطنين في مصرف لبنان، ولم يوظف أمواله في اليوروبوندز ولم يقم بأي مضاربات؟ كيف يمكن تصنيفه؟ هل يمكن اعتباره في حالة عجز؟"