محمد البشير أوّل وجوه المرحلة الانتقالية السورية.. ومساران للعملية السياسية الجديدة

بعد سقوط نظام بشّار الأسد، تتجه الأنظار في سوريا والمجتمع الدولي نحو النظام الجديد وقادته، وشكل الحكم وآلياته. مساران محتملان مرتقبان، المسار الأول يقوم على عملية انتقالية ومن ثم استحقاقات انتخابية جديدة لتشكيل السلطة، والمسار الثاني الفوضى وتشكيل إدارات حكم ذاتي مدنية وعسكرية في الأقاليم المختلفة، مع احتمال الانزلاق نحو حرب أهلية جديدة.

المؤشرات الأولية تشي بأن العملية الانتقالية السياسية تأخذ مسارها، إذ كلّف قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع (المعروف بأبو محمد الجولاني) ورئيس وزراء حكومة نظام الأسد محمد الجلالي رئيسَ حكومة الإنقاذ السورية التي كانت تدير إدلب محمد البشير، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية، في خطوة هدفها تثبيت المسار السياسي التنظيمي والابتعاد عن مسارات الفوضى.

 
يُعرف عن البشير قربه من الشرع، ما يعني أن الأول سيكون انعكاساً سياسياً للثاني، خصوصاً أنّه مقبل من تجربة سياسية في إدلب، لكن الأنظار تتجه نحو العملية الانتقالية التي يتحدّث عنها مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية رضوان زيادة قائلاً إن "السنوات الـ13 السابقة كانت فرصة للمعارضة السورية للتفكير بالمرحلة الانتقالية وسيناريواتها".

وانطلاقاً من خبرته بدراسة العمليات الانتقالية السياسية، يُبدي زيادة في حديث لـ"النهار" تفاؤله إزاء المؤشرات الأولية المرصودة في سوريا، مشيراً إلى "اتجاه نحو عملية انتقالية ديموقراطية تتبعها انتخابات للمجلسين الدستوري والبرلماني لإقرار الدستور والقوانين وانتخاب رئيس للجمهورية، وهي عملية تنتج منها دولة مدنية وديموقراطية".

السياسي والإعلامي السوري الأميركي أيمن عبد النور يتحدّث عن خطّين موازيين يتم العمل عليهما، "الأول داخلي يقوم على تنظيم القوى العسكرية نفسها وتشكيل جسم أو هيئة سياسية"، أي كما حصل مع تكليف البشير، لكنّه يُشدّد لـ"النهار" على أهمية إصدار نص قانوني من خلال قانون طوارئ أو إصدار إعلان دستوري موَقت أو تشكيل مجلس ثوري من أجل تحصيل اعتراف سياسي وقانوني داخلي ودولي.

أما الخط الثاني وفق عبد النور، "فهو مسار يعمل عليه المجتمع الدولي يقوم على القرار الأممي 2254 الذي يتحدّث عن انتقال سياسي، مع استبدال ممثلي الأسد بممثلي كتل من نظامه من أجل ضمان حقوق أكثر للأقليات، وضمان دور للدول الفاعلة في الملف السوري والأمم المتحدة، ومن ثم تشكيل لجنة خبراء من مختلف القطاعات تقدم الخبرات البيروقراطية والفنية والاختصاصية غير المتوافرة الآن للقيادة السياسية".

في المحصّلة، فإن سوريا أمام استحقاق قد يكون الأهم بتاريخها السياسي الحديث، و"فرصة ذهبية" للانتقال نحو نظام ديموقراطي ذي آليات حكم متطوّرة. وإذ تشي المؤشرات الأولية بأن فصائل إدارة العمليات العسكرية تسعى إلى عملية انتقالية سلمية وديموقراطية تبدّد خلالها المخاوف من حكم ديني متطرّف، فإن المرحلة المقبلة ستكون بمثابة اختبار لهذه المشهدية.