المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: طوني جبران
الأحد 19 كانون الثاني 2025 12:34:49
قبل ان تنطلق الخطوات التي قرر الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة نواف سلام اتخاذها بالتنسيق مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في اللقاء الذي جمعهما عصر أول من أمس الجمعة في قصر بعبدا، لن يظهر بوضوح حجم التفاهم الذي تحقق بين الرئيس المكلف ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ليس بصفته كرئيس للسلطة التشريعية فحسب، ولا بصفته الحزبية رئيسا لحركة امل انما باعتبار انه ما زال مفوضا من قبل "حزب الله" باستكمال المهمة التي انيطت به منذ التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار الذي انهى حرب "الالهاء والإسناد" التي ألقت بأثقالها على الدولة ومؤسساتها المنهكة وحياة اللبنانيين بمختلف وجوهها.
وعلى هذه الخلفيات، تلاقت مصادر نيابية واخرى سياسية وحزبية تواكب حركة الاتصالات الجارية لتوليد الحكومة الجديدة في قراءتها لـ "المركزية" ان ما تحقق حتى اليوم لا يوحي بأن الأمور ستكون سهلة. ولا يكفي ان تم التفاهم على بعض العناوين السياسية والحرص على تمثيل الثنائي في الحكومة بأي طريقة . ذلك أنه لم يكن هناك أي نية بعزل أي مكون لبناني عن الحكومة الجديدة ما لم يكن هذا الطرف قد قرر ذلك طوعا ومن طرف واحد. فمثل هذا الامر لم يكن مطروحا ولو للحظة قبل الاستشارات النيابية التي قاطعها الثنائي بشكل فاضح وفيها وبعدها، فسيان إن انتهت بتكليف القاضي نواف سلام كما تحقق، أو لو بقي الأمر في عهدة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.
واضافت: كما ان الحديث عن تفاهم بين سلام وبري والذي قيل انه انتهى الى ابقاء حقيبة المالية بيد الشيعة ليس كافيا. لا بل فقد كانت له نتائج سلبية بسقوط حتمي لاولى التعهدات الرئاسية التي أشار إليها رئيس الجمهورية في خطاب القسم لجهة المداورة بين المواقع القيادية، ذلك أنها لم تعد قابلة للتطبيق على مستوى الحقائب السيادية الاربع على الاقل كما درجت العادة مع بداية تشكيل اي حكومة جديدة.
والدليل، قالت المصادر عينها لـ "المركزية" ان الرئيس المكلف واصل في الساعات القليلة الماضية مشاوراته بعيدا من الاضواء والتي لم يتسرب منها سوى انها شملت من يمثل "الثنائي الشيعي" في لقاء عقده مع النائب علي حسن خليل ومسؤولين آخرين من الحزب تردد ان من بينهم المستشار السياسي للأمين العام السابق السيد حسين خليل قبل ان يقال انه التقى رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد للغاية عينها. ولكنّ ايا من هذه الاتصالات لم يتأكد رسميا ولم تتوفر اي اشارة الى نتائجها.
وتزامنا مع هذه التحركات فقد أفيد ان المفاوضات لم تنته الى اي تفاهم بعد، وأن الثنائي يبحث عن التوجهات الحكومية التي يمكن ان تقود اليها الحكومة. فتمسكه بمصير السلاح غير الشرعي يثير القلق والمطلوب حصر ما قال به تفاهم 27 تشرين الثاني الماضي بمنطقة جنوبي الليطاني، يعني بلا مواربة ان البحث بمصير جمع السلاح غير الشرعي خارجها ليس اوانه وان المطلوب من الحكومة تقديم التعهدات المسبقة لوقف النقاش حول الموضوع لينضوي تحت عباءة الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية بمفهوم يختلف تماما عن الصيغة التي اشار اليها رئيس الجمهورية في خطاب القسم التي اسقطت الحديث عن اي سلاح غير شرعي من قاموس النقاش.
واستطردت المصادر الى القول ان هذه المعلومات تلاقت ومضمون خطاب الامين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي اشار الى ان مقاتلي الحزب وان غادروا المنطقة الجنوبية ما زالوا يحتفظون بسلاحهم خارجها عملا بتفسيره الغريب العجيب للاتفاق على انه لا يتناول اي منطقة شمالي نهر الليطاني. وهو امر ان ثبت حصوله او نال اعتراف اي طرف آخر، لبنانيا كان ام اقليميا او من اي جهة كانت، سيشكل رفضا متأخرا للتفسير الدولي الذي يترجمه الرئيس الاميركي للجنة الإشراف على التفاهم ونائبه الفرنسي عدا عن الموقف الاسرائيلي المتشدد بهذا الشأن عندما يتصل بمصير سلاح الحزب او اي من الجماعات المسلحة على الاراضي اللبنانية. وهو امر نص عليه التفاهم في بند خاص لا يريد حزب الله البحث فيه ولا سيما باشارته الواضحة الى تفكيك مصانع الاسلحة من الصواريخ والمسيرات ومصادرة الاسلحة من المخازن التي تنتشر في مختلف المناطق اللبنانية اضافة الى ضبط الحدود البرية والبحرية والمرافق الجوية لمنع ادخال الاسلحة والممنوعات الى لبنان.
وختمت هذه المصادر لتقول انها تتمنى الا يكون كل ما تم الاشارة اليه آنفا صحيحا. فان العبث بالتفاهم وما قال به من محطات ينذر بسقوط الهيكل من جديد على رؤوس اللبنانيين كافة وان الحديث عن مشاريع للتعافي الاقتصادي والمالي وعن الاصلاحات المطلوبة بما يعزز الاستقرار في لبنان وبداية الخروج من مجموعة الأزمات لا يزال حلما بعيد المنال.