"مرحبا دولة"... بس دولة على مين؟

تُفاجئنا الدولة اللبنانية بقراراتها "السطحية" الحاضرة بين الحين والآخر والغائبة في الكثير من الأحيان، ففي الأمور الطارئة والضرورية نتوسّلها لتضرب بيد من حديد، وفي ملاحقة الصحافيين ووسائل الإعلام والبرامج الكوميدية الساخرة والحريات دائماً السبّاقة!

وفي آخر فصول "الدولة" الممثلة بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، تقدّم الأخير بوثيقة إلى النيابة العامة التمييزية، يطلب فيها تدخل القضاء اللبناني لوقف عرض برنامج تلفزيوني كوميدي، يُعرض على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، تحت اسم "مرحبا دولة"، وبملاحقة وتوقيف كل من هو على علاقة بهذا البرنامج بجرم الإساءة إلى الدولة اللبنانية برموزها ومؤسساتها لاسيما قوى الأمن الداخلي.

وهنا المفارقة، فمن المعلوم أن البرامج الكوميدية الساخرة نشأت لنقل الواقع ممزوجاً بأسلوب السخرية والفكاهة، لكن "الدولة" الواهمة أنها حامية للحريات لا تنفكّ عن ملاحقة كل ما يفضح أمرها ويكسر "التابوهات" التي اعتادت فرضها علينا.

فهذا البرنامج وإن كان يلقي الضوء وبطريقة لم تعجب السلطة الحاكمة عموماً والوزير خصوصاً فلسبب واضح وأكيد: هو لأنه نقل واقع بعض عناصر قوى الأمن الداخلي .

وفي حديث خاص لموقعنا، استغرب المخرج محمد الدايخ الهجوم الشرس الذي تعرّض له هذا البرنامج بعد الحلقة الأولى منه، وكأنه بات مقصوداً التهجّم على أعماله، فبرامجه الكوميدية السابقة تعرّضت أيضاً للملاحقات والانتقاد، وقال: "لم أنقل سوى الوقائع وما يعيشه عناصر قوى الأمن الداخلي، والكثير من البرامج الأخرى قد سبق وتعرّضت لهذه المؤسسة، نذكر منها: "ما في متلو" ومسلسل "الهيبة"، فلماذا لم يتم مهاجمتهم مثلاً؟"

ورداً على سؤال، أكّد الدايخ أن لا حسابات شخصية تدور في فلك هذا القرار، ولكنه بات مؤكّداً أن كل ما يقوم به وفريقه يحاول البعض إفشاله كونهم "الأجرأ".

وعن الإجراءات القانونية، كشف الدايخ أن المؤسسة اللبنانية للإرسال ستتابع الملف، لأنها كانت ولا تزال السند الأساسي له ولفريق عمله.

وبناءً على كل ما تقدّم، على هذه السلطة أن تكرّس عملها لإصلاح ما تبقى من هذا البلد ولملمة فسادها بـ "التي هي أحسن"،  وإعطاء القوى الامنية حقوقها التي تستحقها والاهتمام بها، فهي رغم كل شيء أمل اللبناني المتبقي، فمثل هكذا برامج وُجدت كردّة فعل على  الفساد المستشري في كل مؤسسات الدولة، وانزعاج السلطة من فضح المستور لا يعطيها حجة استمرارها في تطبيق أساليبها البوليسية.

ولا بد لنا أن نسأل، هل أصبح قمع الحريات وملاحقة وسائل الإعلام متاحاً لكل الوزارات؟ فإذا كان الجواب نعم... فـ "مرحبا دولة!"