مرحلة جديدة من الإخفاق أو حكومة مرحلة راوح مكانك

كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم":

"العرسان كتار"، رغم النّجاح في حصرهم، بنسبة كبيرة. والعروس واحدة، وهي حكومة بات لبنان بحاجة إليها اليوم، من أجل فكّ الحصار عن شعبه، بعدما كان يحتاجها العام الفائت من أجل البَدْء بتطبيق الإصلاحات المطلوبة من الدولة اللبنانية، دولياً.

"سندة"؟

"العرسان كتار"، ولكن العروس واحدة، فيما أهلها، وهم الشعب اللبناني، باتوا بلا أسنان، وبلا طعام، وبلا دواء، وبلا بنزين، وبلا عمل، وبلا مال، وباختصار، بلا حياة، بينما الإتّكال كلّه على أن يكون "الصّهر" الذي سيترأس الحكومة، "سندة" وليس "كسرة ظهر"، أي ذاك الذي يقدّم ضمانات للدّول الصّديقة للبنان، بأنه الشخصيّة القادرة على تحمُّل كل المواجهات التي تُحيط بتطبيق الإصلاحات، وعلى فرضها إذا اقتضى الأمر، مهما كانت الأثمان مُؤلِمَة. الى جانب تقديمه الضّمانات اللازمة للشّعب اللبناني، أي لأهل العروس، حول فكّ الحصار الإقتصادي والإنساني عنهم.

"أم البنت"

أما إذا لم يَكُن الوضع على تلك الحالة، فلا فائدة من الزواج من أساسه، و"كلّ واحد يبقى بيدارو" أفضل. فالشعب اللبناني شبع من وعود كثيرة، من مختلف القوى السياسية التي لطالما كانت تعرّف عن نفسها بأنها "أمّ الصّبي"، على مدى عقود وسنوات، وفي كل الملفات، وهو بات اليوم تحت الحصار الذي لا يُمكن المزاح مع مفاعيل إطالة مدّته.

وبالتالي، صار من الواجب القول إن الأزمة حوّلتنا كشعب، الى "أم البنت"، وبكلّ فخر، والتي لا يجب أن نقبل بتزويجها إلا لمن كان قادراً على "فتح البيت" اللبناني من جديد، الذي أقفله ويقفله الحصار، بالكثير من السوداوية والموت.

من ضمنها

دعا مصدر مُواكِب للأزمة الحكومية "للنّظر الى الإنطلاق الجدّي للمحادثات النووية مع إيران في فيينا، بعد مدّة، والى انتظار النتائج التي ستُسفِر عنها. فقبل تبلوُر هذا المسار أكثر، وظهور نتائجه سواء كانت إيجابية، أو سلبية، لا حلول للبنان، حتى ولو تمّ تشكيل حكومة، وحتى ولو كانت حكومة غير سياسية".

وشدّد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" على أن "الإتّجاه الذي ستسلكه إيران بعد مباحثات فيينا، بين تسوية أو مواجهة، وبين تسخين عمل أذرعها خارج حدودها، أو تحجيم وتقويض دور تلك الأذرع، هو الذي يمكّن من وضع الحلول على الطاولة في كل ساحات المنطقة، ولبنان من ضمنها".

أديب والحريري

وأوضح المصدر أن "المفاوضات الأميركية - الإيرانية بدأت منذ أشهر، وهي المدّة نفسها التي تأزّم فيها الملف الحكومي اللبناني، والأزمة اللبنانية. ولا يزال كل شيء مُجمَّداً حتى الساعة".

وأضاف:"الديبلوماسي مصطفى أديب ليس أقلّ شأناً من أحد، ورغم ذلك، لم يتمكّن من تشكيل حكومة. والرئيس سعد الحريري يمتلك القدرات اللازمة للإقلاع بحكومة في الظروف الراهنة، ورغم ذلك لم يتمكّن من فرض نفسه. والسبب هو أننا لسنا في مرحلة عادية، بل ضمن ظروف تصارُعية إقليمية - دولية، حلّها يسمح بالعمل والنّجاح، وتعقيدها يدفع الى الإخفاق أو الفشل، سواء في لبنان، أو في دول أخرى في المنطقة".

الحصار

وأكد المصدر أن "لا قرار دولياً ناضجاً بَعْد، حول وجوب حلّ الأزمة اللبنانية في وقت قريب. فليتذكّر الجميع جيّداً كيف أن الأميركيين أنهوا الإحتلال السوري للبنان، في عام 2005، في وقت قياسي، وبضغط سياسي وعسكري كامل على النّظام السوري، تحكّم بالإتّصالات وبكلّ ما كان يجري خلف الكواليس في ذلك الوقت. وهذا القرار غير متوفّر اليوم، وبالتالي لا مجال لتفاؤل بقُرب انتهاء الحصار عن الشّعب اللبناني، لأن لا بوادر جديّة وواضحة تؤكّد وجود قرار دولي في هذا الشأن، حالياً".

وختم:"نحن أمام مرحلة جديدة من الإخفاق في تشكيل حكومة على الأرجح. وإذا تمّ تشكيلها، فلن تكون أكثر من حكومة مرحلة "راوح مكانك". فالديبلوماسي نواف سلام نفسه، إذا تمّ التوافُق عليه، لن يُسهَّل عمله، وعهد رئيس الجمهورية ميشال عون سيُكمِل بعَدَم الإنتاجية الحكومية، وباستنزاف لبنان وشعبه بالحصار، طالما أن "العهد" غير جدّي في اتّخاذ القرار اللازم بتحرير لبنان من السياسات الإيرانية، وبإبعاده عنها".