المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الأربعاء 1 أيار 2024 16:52:05
مطلع السنة الحالية رعى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان توقيع مذكرة تفاهم بين المديرية العامة للأوقاف الإسلامية في دار الفتوى ممثلة بالمدير العام للأوقاف الدكتور الشيخ محمد أنيس الأروادي ومؤسسة مخزومي ممثلة برئيستها السيدة مي مخزومي وبحضور النائب فؤاد مخزومي. وتنص المذكرة على إنشاء صندوق صحي مموّل من المؤسسة لتقديم الدعم الصحي لائمة وخطباء المساجد ومساعديهم في بيروت .
هذه الاتفاقية شكلت بداية مرحلة للتعاون وليست نهاية التعاون بين المديرية العامة للأوقاف الإسلامية وبين مؤسسة مخزومي كما قال المفتي دريان، على أن يصار إلى توسيعها لتشمل باقي المحافظات وساهمت إلى حد كبير في سد جزء من المتطلبات المعيشية والإجتماعية التي يعانيها أئمة وعلماء السنة . لكن الحل بقي مرتبطا بعامل الزمن والمطلوب استدامة المساعدات . من هنا جاء إعلان دولة قطر عن استعدادها لتقديم الدعم والمساعدة لرجال الدين والعلماء السنة بمثابة خطوة لافتة وإيجابية تُضاف إلى المبادرة التي قدمتها مؤسسة مخزومي .وقد أبلغت دولة قطر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بالمبادرة مما اعتبرها البعض تخلي المملكة العربية السعودية عن دورها في الإمساك بملف رجال الدين السنة في لبنان.
الكاتب السياسي أحمد الأيوبي يوضح أن دخول قطر على خط مساعدة المشايخ وعلماء السنة في لبنان يأتي على خلفية التحول في الدور القطري بعد المصالحة السعودية – القطرية بحيث بات أكثر انسجاما في لبنان".
وفي مسألة دار الفتوى يشير الأيوبي إلى الصعوبات الكبيرة التي يعانيها العلماء على المستوى المعيشي مما يستدعي حلاً للأزمة "الخطيرة" خصوصا بعد التحركات التي بدأت تتظهر من قبل عدد من المشايخ في عكار وطرابلس. ومعلوم أن المبادرات التي كانت تصل إلى دار الفتوى على شكل منح سعودية وكويتية وقطرية واماراتية كانت تفي بالمطلوب لجهة تخطي الأزمات الإجتماعية والمعيشية. لكنها في غالبية الأحيان موقتة بحيث لا تتجاوز مدة السنتين مما فرض عدم تأمين اي استقرار معيشي" .
في تشرين الثاني 2023، زار وزير الإقتصاد أمين سلام دولة قطر وعقد سلسلة لقاءات مع وزير الطاقة الإماراتي. إلا ان الأبرز في جولة المباحثات كان اللقاء الذي جمع سلام مع وزير الأوقاف القطري وذلك بالتنسيق مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وبقي خارج الأضواء. إلا أن المباحثات تركزت على تأمين المساعدات لدار الفتوى.
نتائج اللقاء الإيجابية مهّدت للزيارة التي قام بها المفتي دريان إلى دولة قطر في أوائل السنة الحالية وأثمرت عن المبادرة التي تم الإعلان عنها بتقديم دولة قطر مساعدات للمشايخ وعلماء السنة. "لكن يبقى الأهم وهو تأمين سياسة مستدامة وهذا ممكن من خلال استثمار المصادر المهمة المتوافرة لدى الأوقاف الإسلامية إلا أن الجزء الأكبر منها ضائع بفعل قانون الإيجارات".
واستطرادا يلفت الأيوبي إلى "ضرورة تجاوز هذه العقبات لتأمين مصادر تمويل مستدامة وذلك عن طريق استثمار الأراضي التابعة للأوقاف الإسلامية من قبل رجال أعمال وإقامة مشاريع فيها وتحريرها من الجمود الإداري الذي فُرض عليها نتيجة التراكمات والتدخلات السياسية. بالتوازي، يستغرب المزايدات التي دخلت على الخط من قبل بعض"المنافسين" مع طرح مبادرات علمية تشمل التغطية الصحية للمشايخ والعلماء.
نقل ملف المساعدات لدار الفتوى من يد المملكة العربية السعودية إلى دولة قطر لا يعني تخلي السعودية عن دورها في لبنان يقول الأيوبي "فالمملكة اليوم منشغلة بالمصلحة الكبرى للبنان وهي تعمل على ترتيب الملفات في المنطقة وفي أولوياتها الملف الفلسطيني .وهناك معطيات عن وجود تنسيق سعودي-إيراني باتجاه فرض دولة فلسطينية على رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو، ويبدو أن هذه المبادرة لاقت تجاوبا أوليا من قبل شخصيات قيادية في حماس بحيث صرح عضو المكتب السياسي للحركة المقيم في اسطنبول باسم نعيم لشبكة "سي إن إن" أن الحركة مستعدة لنزع سلاحها إذا حصل الفلسطينيون على دولة مستقلة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وعاصمتها القدس مع الحفاظ على حق العودة للاجئين ومن الممكن دمج كتائب القسام في الجيش الوطني في إشارة إلى الجناح المسلح للحركة. وهذا تطور مهم ويؤكد ان الدور القطري لا يأتي من باب المنافسة أو المزايدات على المملكة العربية السعودية في انتظار الإنتهاء من مرحلة الإنتظار وبلورة المسار الفلسطيني بحيث يقتصر الدور السعودي على الإحاطة العامة بالملف اللبناني".
لا شك ان حال التشرذم السياسي الذي تعيشه الطائفة السنية منذ اعتكاف الرئيس سعد الحريري لم تنقذه نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة خصوصا في ظل عدم بروز أي زعامة سنية جديدة .لكن على الأرض الصورة مغايرة "فالحالة السنية تعمل على إعادة لملمة وتصويب نفسها بنفسها وألأهم أنها تسعى للتحرر من "حالة الشخصانية" التي ساهمت في إضاعة الفرص وشخصنة الصلاحيات كما حصل في الصفقة الرئاسية بين سعد الحريري وميشال عون. من هنا لا يتأسف السنة على ما مضى".
يوصِّف الأيوبي الحالة السنية اليوم ب"المرحلة الإنتقالية بعد مرحلة الأحادية والأكيد أن النواب السنة لن يقبلوا بعد اليوم بان يكونوا مجموعين تحت مظلة واحدة ويخضعون لقرار أحادي يسلب قرارهم الوطني ويقيّد دورهم وأداءهم النيابي" يختم الأيوبي.