مشاورات حاسمة قبل جلسة الحكومة لبحث السلاح وسط ضغط دولي

شهدت الأيام الأخيرة السابقة لجلسة مجلس الوزراء اليوم، لقاءات ومشاورات بعيدة من الأضواء بين الرئاسات الثلاث و"حزب الله"، اتصلت مباشرة بملف دقيق وشائك مدرج بندا في البيان الوزاري للحكومة وهو السلاح غير الشرعي، أو كما يصطلح عليه، "السلاح خارج الدولة".

هذه اللقاءات تعد تمهيدا لجلسة الحكومة المقررة غدا، والتي من المتوقع أن تشكل محطة مفصلية في مسار تعاطي الدولة مع هذا الملف، في ظل ضغوط خارجية متصاعدة تدفع باتجاه إصدار قرار حكومي واضح يكرس حصرية السلاح بيد المؤسسات الشرعية، ويضع جدولا زمنيا ملزما لتسليمه.

وقال مصدر ديبلوماسي في بيروت لـ"الأنباء": "اتخذ التحرك الدولي تجاه لبنان في هذا الملف طابعا أكثر جدية وإلحاحا منذ أسابيع، مدفوعا بالتصعيد الإقليمي المتنامي. كما أن جزءا من هذا الضغط ينبع من رغبة مانحين ودول فاعلة في ربط أي دعم مستقبلي للبنان، سواء كان ماليا أو سياسيا، بوضوح التزام الحكومة بمبدأ احتكار الدولة للسلاح. ومع أن هذه المطالب ليست جديدة، إلا أن وتيرتها وطريقة طرحها باتت أقرب إلى الإنذار السياسي، لاسيما في ظل الحديث عن ربط هذا الملف بمساعدات أساسية وملفات حيوية كإعادة الإعمار وترسيم الحدود وفتح أبواب الاستثمارات".

في المقابل، يدرك المعنيون في الداخل صعوبة الواقع اللبناني وصعوبة اتخاذ قرارات حادة من دون توافق شامل. ولهذا تحديدا، تتجه المقاربة نحو تفادي أي خطوة متسرعة قد تؤدي إلى انفجار داخلي سياسي أو أمني. فالمعلومات المتقاطعة تشير إلى أن النقاشات الجارية تدار بهدوء بين أطراف الحكم و"حزب الله"، في محاولة لبلورة موقف حكومي موحد يقوم على التدرج، ويؤمن الغطاء السياسي الكامل لأي قرار يصدر، بما يراعي الحساسيات الداخلية ويجنب التصعيد. الهدف هو التوصل إلى صيغة تراعي التوازن بين ضرورة الاستجابة للضغوط الدولية وبين الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتفادي أي انقسام حكومي من شأنه إضعاف الشرعية التنفيذية أو دفع البلاد إلى شلل إضافي.

وأوضح المصدر الديبلوماسي انه "وعلى رغم أن البيان الوزاري تضمن بندا عاما يتعلق بالسلاح، إلا أن ترجمة هذا البند إلى قرار تنفيذي اليوم قد يكون نقطة اختبار حقيقية لوحدة الحكومة وقدرتها على إدارة الملفات الخلافية بواقعية. فإصدار قرار بالإجماع، كما يعمل عليه في الكواليس، سيكون بمثابة رسالة مزدوجة: إلى الخارج بأن لبنان منخرط جديا في مقاربة ملف السلاح، وإلى الداخل بأن هذا الانخراط يجري في إطار توافقي لا إقصائي، ما يحفظ الاستقرار ويحاصر التأويلات والاتهامات".

لكن في حال تعذر التوافق، يرى المصدر "ان إحجام الحكومة عن اتخاذ قرار واضح سيزيد من عزلتها أمام المجتمع الدولي، ويكرس الانطباع بأن الدولة عاجزة عن فرض سيادتها، ما قد يفتح الباب أمام ضغوط أكبر أو حتى إجراءات عقابية. كما أن ذلك سيسهم في ترسيخ واقع الدولة المتعددة المرجعيات، ما يضعف ثقة اللبنانيين بها ويضاعف مناخ عدم الاستقرار".

من هنا، فإن الساعات المقبلة ستكون حاسمة، ليس فقط على صعيد ما سيخرج عن جلسة الحكومة، بل على مستوى اتجاهات الحكم في التعامل مع الملفات السيادية الكبرى. فإما أن تشكل الجلسة اليوم بداية مسار تفاهمي هادئ يمهد لإعادة بناء الثقة الدولية، أو تكون مناسبة أخرى يتأكد فيها أن القرار الوطني لايزال رهينة موازين قوى خارج منطق الدولة.