مصدر سياسي بارز: المهمة الأساسية أمام الحكومة والقوى السياسية والمجتمع المدني هي إعادة بناء الثقة بين المواطن ودولته

رأى مصدر سياسي بارز في حديث لـ«الأنباء» أن لبنان «لا يزال يمتلك مقومات النهوض والخروج من أزماته المتراكمة، مشددا على أن التاريخ اللبناني أثبت مرارا أن الشعب اللبناني، بإيمانه العميق بوطنه وإبداعه وإرادته الصلبة، كان دائما قادرا على تحويل المحن إلى فرص، والانهيارات إلى بدايات جديدة».

وأكد المصدر «أن ما يميز هذا الوطن عبر الأجيال، هو تلك القدرة المتجذرة في وجدانه الجماعي على القيام من كبواته، مهما بلغت حدتها، شرط أن تتوافر الإرادة المشتركة والعزيمة الوطنية».

وأشار المصدر إلى أن «الأزمة الراهنة، على قساوتها، لم تكن لتطيح بالكيان اللبناني، وأن الأزمات، بدلا من أن تضعف الشعوب، غالبا ما تكون الحافز الأهم لتغيير المسار وتصحيح الخلل. وما نعيشه اليوم هو لحظة اختبار، لكنها أيضا فرصة حقيقية لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة قائمة على العدالة والشفافية».

وذكر المصدر أن «المهمة الأساسية أمام الحكومة الحالية، ومعها القوى السياسية والمجتمع المدني، هي إعادة بناء الثقة بين المواطن ودولته، وهي مهمة لا تحتمل المماطلة أو المناورات، لأن إعادة لبنان إلى الخريطة الإقليمية والدولية تتطلب إصلاحا جذريا وسلوكا شفافا يعيد رسم صورة الدولة في نظر الخارج. وثقة العالم بلبنان لا تشترى بالوعود، بل تبنى عبر خطوات فعلية بدأت ملامحها بالظهور، لكنها تحتاج إلى استمرارية وجرأة في اتخاذ القرار».

وشدد المصدر على أن «الدعم الدولي للبنان لا يزال قائما، لكنه مشروط بإجراءات ملموسة تظهر جدية الدولة في مكافحة الفساد واستعادة هيبة المؤسسات، وأن الفرصة لاتزال متاحة أمام اللبنانيين، لكنها قد لا تتكرر إذا لم يتم استثمارها بالشكل الصحيح. وأن المسؤولية في هذا المجال لا تقع على طرف دون آخر، بل هي مسؤولية جماعية تبدأ من أعلى الهرم السياسي وصولا إلى المواطن العادي، وكل تقاعس اليوم قد ينعكس ندما في الغد».

واعتبر المصدر أن «مسار الإصلاحات يسير على السكة الصحيحة على رغم الصعوبات، لكنه يحتاج إلى بعض الصبر وإلى قدر كبير من الوعي الوطني، ما يوجب الترفع عن أحقاد الماضي والنظر إلى المصلحة العامة بوصفها الأساس لأي خطوة إنقاذية. والأحقاد لا تبني دولا، بل تهدم ما تبقى من جسور الثقة بين أبناء الوطن الواحد. إذا أردنا أن نبني دولة عادلة ومستقرة، فلابد من التخلي عن الحسابات الضيقة والانطلاق نحو مشروع وطني جامع».

وختم المصدر بالتأكيد على أن «أولوية المرحلة المقبلة يجب أن تكون في محاربة الفساد بكل أشكاله، وهي معركة لا يمكن كسبها من دون قضاء مستقل ونزيه قادر على المحاسبة وحماية المال العام، وأن هذه المهمة، رغم صعوبتها، ليست مستحيلة إذا تضافرت الجهود وخلصت النيات، وإذا تمسك اللبنانيون بأملهم وحقهم في وطن يليق بتضحياتهم».