المصدر: النهار
الكاتب: جاد فقيه
الجمعة 1 تشرين الثاني 2024 09:05:23
تغزو ظاهرة "الماركات المقلدة" السوق اللبناني بشكل حوّلها إلى جزء أساسي من الاقتصاد الموازي في لبنان، الذي يقوم على التهريب والتجارة غير الشرعية والسوق السوداء.
تُصنع السلع المقلدة محلياً في لبنان، أو تُستورد بطرق مختلفة، شرعية وغير شرعية. وتفيد معلومات خاصة بـ"النهار العربي" بأن العديد من المصانع تنتشر على الأراضي اللبنانية، تصنّع سلعاً مقلّدة للبضائع الأصلية، وتضع عليها شعارات خاصة بالماركات العالمية، متقنة التصميم والتنفيذ.
معامل "تحت الدرج"
يقول شارل عربيد، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي اللبناني، إن هذه المصانع "موجودة في مناطق كثيرة، منها ما يُعد محميات لا سلطة للدولة عليها، وهي غير مسجّلة، ولا تلتزم القوانين اللبنانية، وبالتالي فإن ملاحقتها مسألة صعبة"، فيما يصف محمد أبو حيدر، المدير العام لوزارة الاقتصاد في لبنان، هذه المصانع لـ"النهار العربي" بمصطلح "معامل تحت الدرج"، لأنها خفية تعمل متوارية عن الأنظار، "وبالتالي ليست مصانع تعمل عملاً طبيعياً ويُمكن مراقبة أدائها".
أما زهير برّو، رئيس جمعية حماية المستهلك، فيقول إن المزوّرين "يبتعدون عن العاصمة بيروت والمدن الكبيرة تهرّباً من الرقابة".
أي مخاطر؟
يكشف أبو حيدر أن محاولات التزوير تشمل الملابس والأحذية والمواد الغذائية، فيما يعدّد عربيد لـ"النهار العربي" مخاطر تقليد الماركات العالمية، فيقول: "في الدرجة الأولى، تغش هذه السلع من يشتريها، وفي بعض الأحيان قد تكون التبعات مميتة إذا كانت البضائع موادّ غذائية، كما أن تصدير هذه السلع خطير ويضرب سمعة لبنان التجارية، فيصبح دولة مصدّرة للبضائع المزوّرة".
يضيف عربيد: "لا إحصاءات دقيقة لهذه المصانع وإنتاجها، فهي غير مسجّلة في سجلات وزارتي المالية والصناعة"، إلّا أن خبراء اقتصاديين يُجمعون على أن البضائع المزوّرة في السوق تتخطّى بعددها السلع الأصلية، خصوصاً في مجال الملابس.
كيف نكافحها؟
القوانين التي تحكم الحدّ من انتشار السلع المقلّدة موجودة، محلياً وعالمياً، وبحسب أبو حيدر، فإن "مكتب الملكية الفكرية يكشف العديد من المخالفات ووزارة الاقتصاد تُلاحق سلاسل التوريد حتى تصل إلى المصنع لتتخذ بحقه المقتضى الإجرائي، وفي بعض الأحيان تستعين الوزارة بخبراء من شركات الماركات الأصلية لفحص البضائع والتأكد ممّا إذا كانت مزوّرة أو أصلية"، كما يكشف عن جهد مشترك مع وزارة الصناعة لإقفال المعامل المحلية التي تلجأ إلى التزوير.
"لكن المشكلة تكمن في غياب قرار محاربة التزوير"، كما يؤكد عربيد، "فهذه المصانع موجودة في محميات خارجة عن القانون لا يمكن إقفالها بسبب قوى الأمر الواقع".
من جهته، يحذّر برّو من تضخّم هذا السوق الموازي مع تقدّم الوقت "لأن الناس تلجأ أكثر فأكثر إلى البضائع ذات الماركات المقلّدة بسبب تراجع قدراتها الشرائية"، مشيراً إلى أن المعالجات الفرعية لهذه المشكلة لن تُجدي نفعاً، "فالتهريب مستمر والرقابة غائبة، ولبنان يحتاج إلى معالجات اقتصادية مالية جذرية".