المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: طوني جبران
الأحد 25 آب 2024 11:19:16
كتب طوني جبران في المركزية:
قبل ان تنتهي الجولة الثانية من مفاوضات القاهرة الخاصة بغزة والتي تعد الثالثة من مسلسل الجولات الجديدة التي أطلقتها المبادرة الاميركية – المصرية - القطرية بنسختها الجديدة، لا يمكن التكهن بما يمكن ان تكون عليه المرحلة المقبلة بالنظر الى حجم الغموض الذي يلف الكثير من الاقتراحات التي رست في آخر نسخة منها على ما قالت به مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن الاخيرة العائدة الى الاسبوع الاول من حزيران الماضي قبل ان يتبناها مجلس الامن الدولي في 10 منه بقرار أصدره ولم ينفذ الى اليوم على الرغم من الجهود التي بذلت على اكثر من مستوى من دون جدوى.
وعند قراءتها للتطورات الاخيرة وما توفرت لديها من معلومات بدائية لم يتسرب سواها من خلف الجدران المقفلة وما يمكن ان تحمله من تسريبات غير دقيقة، قالت مصادر ديبلوماسية لبنانية لـ "المركزية" ان المفاوضات التي استؤنفت في الجولة الاولى منها في الخامس عشر من آب الجاري في العاصمة القطرية قبل ان تنتقل الى العاصمة المصرية عدت منذ اللحظة الأولى انها مفصلية ان لم تكن مصيرية بالنسبة الى الادارة الاميركية التي وصفتها قبل محطاتها الاولى بانها "الفرصة الاخيرة". وأضافت المصادر - انها المرة الاولى التي يستشعر فيها المراقبون من مختلف القوى الاقليمية والدولية مدى الجدية الاميركية التي ترجمتها مواقف الادارة الاخيرة والجهود التي بذلها وزير الخارجية أنتوني بلينكن مدعوما بمواقف الرئيس جو بايدن المتشددة تجاه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في طروحاته الاخيرة. كما نقلها اليهما كل من رئيس جهاز المخابرات الاميركية وليم بيرنز ومعه كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكفورك اللذان يشاركان بفاعلية في اجتماعات الدوحة والقاهرة منذ استئنافها سعيا الى تقريب وجهات النظر بين مواقف نتنياهو ولاجل ما سموه "سد الفجوات" بين الطرفين.
وعلى الرغم من كل الجدية التي عبرت عنها الولايات المتحدة على اكثر من مستوى فان تقريرا غير رسمي وصل الى احد المسؤولين المعنيين بالمفاوضات تحدث عن الإطار الذي بلغته المفاوضات وهو يقول ان الحديث عن الخطوات الإيجابية مبالغ فيه بانتظار الجولة الجديدة .ولفت التقرير الى ان النقاط المختلف عليها ما زالت تتعلق بالعناوين الكبرى المعلن عنها حتى اليوم ومنها :
من الجانب الاسرائيلي ما زال نتنياهو يرفض الانسحاب من محوري "نتساريم" في وسط القطاع وجنوبه الممتد على محور فيلادلفيا امتداد من النقطة البحرية حتى معبر رفح وعدم اطلاق المحكومين السياسيين و الخطرين المعتقلين في اي عملية تبادل مع الاسرى الفلسطينيين وهم في حدود 67 شخصا على الأقل ومن بينهم قادة من فتح وحماس والجهاد الإسلامي. عدا عن مجموعة الشروط الاسرائيلية المتصلة بمعبر رفح وطريقة مراقبة حركة الدخول والخروج .
اما من الجانب الفلسطيني فقد ظهرت المواقف أكثر ثباتا . ذلك أن التعليمات التي نقلت من السنوار ما زالت تربط اي خطوة بالافراج عن الأسرى بالانسحاب الاسرائيلي الشامل يعززه وقف للنار وبرنامج لاعادة الإعمار. ولن تكون هناك خطوات "لتصفير" الاسرى قبل هذا الانسحاب الشامل من القطاع والتفاهم على الصيغة السياسية لادارة القطاع لاحقا وهي نقاط تناولتها ما تسميه "حماس" بـ "ورقة 2 تموز" التي قدمتها بقبولها اقتراحات بايدن بعد رفض اسرائيل تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي.
وبناء على ما تقدم، تعددت الاسئلة عن اهمية ما حققه الجانب الاميركي ان كانت هذه الخلافات ما زالت على هذا المستوى. وأشارت الى ان الحديث عن انسحاب إسرائيلي من نقاط محددة من محور فيلادلفيا لا يعني اي تقدم وخصوصا ان كانت تصر على الاحتفاظ بالنقاط القريبة من معبر رفح للامساك بحركة الإنتقال دون الالتزام بما يطالب به الفلسطينيون لجهة وقف النار الثابت.
وعلى هامش ما تسرب من حصيلة للاتصالات سخرت مراجع ديبلوماسية وسياسية عبر "المركزية" بطريقة متمادية من التقارير التي تحدثت عن خلافات نشبت حديثا بين نتنياهو والوفد المفاوض "بسبب إصراره على ألا تنسحب إسرائيل من محور فيلادلفيا في جنوب القطاع" وهو ما يرفضه الوفد الأميركي ومعه الوفد الاسرائيلي الذي تفاوتت مواقفه في مراحل المفاوضات المختلفة ولا سيما عندما استؤنفت في الدوحة على أمل معالجة الوضع في القاهرة ولكن ذلك لم يحصل".
وردت هذه المصادر سخريتها الى تثبتها بشكل لا يرقى اليه الشك من ان نتنياهو هو من يمسك بالمفاوضات من ألفها الى يائها. وعن يمينه المتشددين في الحكومة الذين يهددون بالاستقالة ان تهاون في هذه النقاط. في وقت لم يتجرأ فيه التخلي عن وزير دفاعه يوآف غالانت رغم حجم الخلافات بينهما لئلا يصبح مصيره معلقا على مواقف الوزراء المتشددين نهائيا.
وعليه، رهنت المصادر مصير المفاوضات على محادثات اليوم بعد أيام عدة من الاستراحة بعدما اكتمل عقد الوفود المفاوضة. فالى الجانبين الاميركي والاسرائيلي مع القطري والمصري فقد عاد إليها أمس السبت الوفد الفلسطيني الممثل لحماس برئاسة نائب رئيس الحركة في الداخل خليل الحية الذي بات مكلفا بالمفاوضات خلفا لاسماعيل هنية بعد اغتياله في طهران مطلع الشهر الجاري.
وبناء على ما تقدم يبدو ان جولات المفاوضات أنجزت مهاما عدة غير منظورة حتى اللحظة. فهي التي ارجأت ردات الفعل من طهران والضاحية الجنوبية(التي رد حزب الله اليوم في مرحلة اولى بمئات الصواريخ على اسرائيل) بعد اليمن على مجموعة الإغتيالات الاخيرة وقصف ميناء الحديدة منذ منتصف تموز الماضي وهو أنجاز يعتد به الاميركي بانتظار ما يمكن ان يحققه مباشرة من الجانب الاسرائيلي بعد تطمينات مصرية وقطرية بمرونة حمساوية على ان يبقى كل ذلك رهن ما يمكن ان تحمله الساعات المقبلة من متغيرات مع استبعاد المفاجآت الكبيرة.