ملايين الدولارات لتأمين حاجات النازحين: "مراكز بسمنة ومراكز بزيت"؟

تتحرَّك أكثر من جهة على خطّ تأمين احتياجات النازحين في مراكز الإيواء. جمعيات أهلية ومنظمات إغاثية دولية ومساعدات رسمية تأتي من دول شقيقة وصديقة... لكنّها على أهمّيتها، لا تستطيع سدّ الحاجات الحقيقية للنازحين، لاسيّما مع احتمالات استمرار الحرب لفترة زمنية أطول. ورغم ذلك، لا تملك الدولة سوى الرهان على الوقت علَّ دفقاً مالياً وإغاثياً يتسارع لتلبية احتياجات مراكز الإيواء، خصوصاً في ما يتعلَّق باحتياجات الكهرباء والمياه، وهو الملفّ الذي تتابعه وزارة الطاقة التي يأمل وزيرها وليد فيّاض أن تُتَرجِمَ منظمة اليونيسف وعودها على الأرض، بتولّي مسؤولية بين 400 إلى 500 مركز إيواء.

تأمين احتياجات نصف المراكز
تشكِّل خدمات الكهرباء والمياه ركيزة أساسية في احتياجات النازحين في مراكز الإيواء، لاسيّما وأن موسم الأمطار والبرد بات قريباً. وحتى الآن، لم ترصد الحكومة إيرادات واضحة لتأمين احتياجات تلك المراكز، ما يترك الباب مشرَّعاً على الاحتمالات.

بانتظار حسم الحكومة قرارها في هذا الشأن، حَصَلَ فيّاض على "جزم" من منظمة اليونيسف بأنها "ستكون مسؤولة في أوّل مرحلة عن 400 إلى 500 مركز إيواء لإعطائهم الخدمات الأساسية"، على أن تكون هذه العملية تحت إشراف الوزارة.

بين الوعد والتنفيذ، يؤكّد فيّاض في حديث لـ"المدن" أن النتيجة على الأرض "ستظهر بين أسبوعين أو ثلاثة أسابيع". وفي حال انطلاق عملية تأمين الخدمات، ستكون تلك المراكز أمام "ضخ كميات إضافية من المياه، إما عبر ما يمكن لمؤسسات المياه الرسمية تأمينه، أو عبر موزّعي المياه في المناطق، إلى جانب تامين ساعات تغذية بالكهرباء بالإضافة إلى تأمين مستلزمات تعنى بالصحة الجسدية والنفسية".


ماذا عن المراكز الأخرى؟
مراكز النزوح التي من المفترض أن تغطّي اليونيسف احتياجاتها "تشكِّل تقريباً نصف عدد المراكز في لبنان"، على حدّ تعبير فيّاض الذي يؤكّد أنه طرح مع اليونيسف تساؤلات حول تأمين كلفة احتياجات باقي المراكز، لكنّه لم يحصل على الإجابة. ولذلك، يرى فيّاض أن "على الحكومة التحرُّك لتأمين ما يتيسّر لديها من أموال لتأمين احتياجات الطاقة للمراكز". وبرأيه، إذا أمَّنَت الحكومة مبالغ مالية "يمكن توفير امدادات كبيرة من الكهرباء لمواجهة فصل الشتاء، إما عبر المولدات الخاصة أو زيادة حجم الإنتاج من معامل مؤسسة كهرباء لبنان وتخصيصها لمراكز الإيواء". ويكشف فيّاض أننا "بحاجة إلى بين 25 و30 مليون دولار تغطّي احتياجات سنة كاملة في حال استمرّت الحرب. ومن ضمن هذه الكلفة، احتياجات زيادة الطاقة للتدفئة لنحو 4 أشهر. أما في حال توقّفت الحرب، فبالتأكيد سنحتاج لكلفة أقلّ".

والكلفة المادية التي تتصوَّرها الوزارة تشمل كافة المراكز التي تشرف عليها لجنة الطوارىء، لكن حتى الآن لا بوادر ملموسة لتأمين الكلفة. وما هو ملموس، لا يتخطّى الوعود بتحمّل كلفة احتياجات نصف المراكز. ولم يتَّضِح بعد أيٌّ من مراكز الإيواء سيكون محظوظاً فيما لو التزمت اليونيسف بوعودها. لكن في جميع الأحوال، سيكون هناك "مراكز بسمنة ومراكز بزيت" وفق المَثَل الشعبيّ الذي يصوِّر تمييز طرف عن طرف آخر، أو جهة عن أخرى بلا وجه حقّ.

الأمور في مراكز الإيواء متروكة حتّى الساعة للصدفة، استناداً إلى ما يصل من مساعدات إغاثية وما تؤمِّنه المبادرات الفردية والجماعية. وفي المقابل، يتدفَّق المزيد من النازحين إلى مراكز الإيواء مع توسيع العدوّ عمليّاته العسكرية وتوجيهه إنذارات بالإخلاء الفوري للمنازل والمباني التي يحدّدها كأهداف، إما للاشتباه بوجود عناصر لحزب الله داخلها أو وجود مؤسسات تابعة للحزب داخلها أو قربها. وهذ النزوح الإضافي يعني ترتيب المزيد من الأعباء والاحتياجات، سواء على الأماكن أو على تأمين خدمات كافية لا تزال كيفية توفير كلفتها المادية غامضة.