ملف التفرغ بـ"اللبنانية" ولد ميتاً: المتعاقدون إلى الإضراب فوراً!

مع اقتراب انطلاق العام الدراسي الجامعي في الجامعة اللبنانية، عاد الأساتذة المتعاقدون بالساعة لرفع الصوت مجدداً، بغية إقرار ملف التفرّغ. واستفتوا رأي المتعاقدين لعدم الدخول إلى الجامعة من أجل تدريس الطلاب بعد نحو شهر، قبل إقرار الملف، ونالوا موافقة 600 أستاذ من أصل 650 متعاقداً شاركوا بالتصويت.

تعهد بعدم التدريس
فبعد مشاورات وأخذ ورد، اتفق جميع المتعاقدين "بأطيافهم كافّة، وبمبادرة من كافة أعضاء اللجان التي شُكّلت منذ ما بعد عام 2014 إلى اليوم، من لجنة الأساتذة المستثنين، إلى اللجنة التمثيلية، وصولاً الى اللجنة الرسمية بكافة أعضائها الحاليين والسابقين"، على إجراء استبيان رأي المتعاقدين. وورد في بيان صادر عنهم ما يلي: "نتعهد أمام الله، ثمّ أمام أنفسنا وزملائنا وكل من يعنيه الأمر أنّنا لن نبدأ التدريس في العام الدراسيّ الجديد إلا بصفة متفرّغين". ما يعني أنّ المتعاقدين، بعد هذا التصويت، ذاهبون إلى الإضراب قبل بدء العام الدراسي.

تناهى للمتعاقدين، كما تقول مصادرهم لـ"المدن"، إنّ الضغط لإقرار الملف من شأنه دعم خطوة إقرار الملف في الجامعة، بالتوافق بين رئيس الجامعة بسام بدران ووزير التربية عباس الحلبي. فقد اختبروا العام المنصرم أنّ التعقيدات السياسية والطائفية في ملف التفرّغ تجعله غير قابل للإقرار في مجلس الوزراء. وسبق وحصلت تسريبات إعلامية حول أنّ بدران والحلبي قد يلجآن، أو يلوّحان، بإقرار الملف بقرار يصدر عن الجامعة، وليس بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، وذلك استناداً إلى قانون الجامعة.

الملف غير متوازن
هم ينطلقون من مبدأ حقهم بالتفرغ بعيداً من المحاصصة الطائفية، ومن مبدأ حاجة الجامعة لهم، ومن حقهم العمل بظروف لائقة. لكن حشو الجامعة بمتعاقدين أدى إلى تعقيدات تجعل إقرار الملف بالظروف الحالية مستحيلاً.

وتقول مصادر مطلعة على الملف لـ"المدن" إنّ الاستناد إلى قانون الجامعة لإقرار الملف بقرار، مجرد هرطقة. والتسريبات الإعلامية مجرد حفظ ماء وجه. فقبل الحديث عن صلاحيات الجامعة، يُفترض تشكيل مجلس للجامعة. وكي يستعيد مجلس الجامعة صلاحيته في التفرغ يحتاج إلى قرار سياسي، قبل الحديث عن تعديل المراسيم والقرارات التي انتزعت الصلاحية من الجامعة ووضعتها بعهدة مجلس الوزراء.

وتضيف المصادر، أنّ الملف لا يمكن أن يمرّ إلا إذا كان قائماً على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين. في المقابل تلفت مصادر أخرى مواكبة للملف أيضاً، أن المسيحيين قد يقبلون بملف تفرّغ يضم نحو 45 بالمئة من المسيحيين. وقد أبلغ أحد الوزراء المعنيين أنه جاهز لإفقاد نصاب أي جلسة لمجلس الوزراء على جدول أعمالها ملف تفرّغ لا توافق عليه البطريركية المارونية، ولا يؤمّن "التوازن الوطني".

تعقيدات الملف ما زالت على حالها، على غرار العام الفائت، تقول المصادر. فشيعياً، لا يمكن للثنائي الشيعي قبول تشحيل ما يفوق 50 بالمئة من المتعاقدين الشيعة. فهذا الأمر يؤدي إلى مشاكل بين الثنائي وفي الحزب الواحد أيضاً. وسنّياً، لا يمكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المضي بملف غير متوازن بين السنة والشيعة وغير مقبول به مسيحياً. حتى رئيس مجلس النواب نبيه برّي لا يقبل بإقرار ملف يؤدي إلى نزاع طائفي في البلد. فالملف كبير وله أبعاد سياسية وطائفية ووطنية، وأي خلل يؤدي إلى مشاكل داخل الأحزاب هي بالغنى عنها في الوقت الحالي.

أعداد منفوخة ومضخّمة
وتتأسّف المصادر لأنّ الملف لن يُقرّ بالصيغة الحالية. وردّت السبب الأساسي إلى أنّ الجامعة قامت على مبدأ حشوها بالمتعاقدين، سواء أكانت بحاجة لهم أم لا، وعلى قاعدة المحسوبيات الحزبية لا المعايير والشروط الأكاديمية. وتضخمت أعداد المتعاقدين، وازدادت معها الضغوط داخل الأحزاب من أجل التفرغ، عن وجه حق أو من دونه. وبالتالي، ولد الملف عليلاً أو في غرفة العناية المركزة، كي لا يقال إنه ولد ميتاً. وأي عملية جراحية لإنقاذ الجامعة بتفريغ متعاقدين يحتاج إلى توافق وطني، غير متوفر في الوقت الحالي.

التوازنات والتعقيدات السياسية والطائفية في مكان ومطالب المتعاقدين في مكان آخر. فالذين صوتوا يوم أمس، لعدم الدخول إلى الجامعة إلا متفرغين وصل عددهم إلى 600 متعاقد، فيما أبدى 50 متعاقداً لا مبالاتهم برفضهم هذا المطلب. ووفق بيان الدعوة إلى التصويت، سيتم نشر النتائج بلائحة مفصلة تضم جميع أسماء المتعاقدين الذين صوتوا وستكون بمثابة التزام منهم بعدم التدريس حتى لو حصلت ضغوط عليهم.
وسأل المشرفون على التصويت أنفسهم عن تصويت 650 متعاقداً فقط لا غير على قرار يعتبرونه مصيرياً، من أصل نحو 1200 متعاقد في ملف التفرغ الذي اتفق عليه رئيس الجامعة مع وزير التربية. فهل الأمر تقصير من زملائهم أو عدم مبالاة؟ أو هناك شكوك بعدم وجود هذا العدد على أرض الواقع في الجامعة؟

تسأل المصادر، وتؤكد أن ثمة شكوكاً حول كيف نفخ ملف التفرّغ ووصل العدد فيه إلى أكثر من 1700 متعاقد ثم خفض العدد بين الحلبي وبدران إلى 1200 متعاقد. فهم منذ مدة طويلة يتواصلون مع كل أستاذ بكل كلية وفرع واختصاص للاستفسار عن عدد المتعاقدين، ومعرفة أسباب عدم تحرك زملائهم للضغط وإقرار الملف. وتبين لهم أن العدد الفعلي للمتعاقدين المتواجدين في الجامعة لا يتخطى 800 متعاقد. فمن أين أتت هذه الأعداد المضخمة؟!