ملف المعتقلين: لمحاسبة مَن قصّروا ونكروا وطرق ابواب موسكو!

قال رئيس الجمهورية السابق ميشال عون عام 2015 "لا معتقلين لنا في السجون السورية". أراد من خلال هذه الجملة، الانعتاق من مهمة ثقيلة متعبة، ومن "وجعة راس" له، قد تعكّر عليه مسعاه لاعادة بناء علاقته مع النظام السوري. هو اعتبر عام 2005، ان الجيش السوري انسحب من لبنان ، وبالتالي، الصراع مع دمشق – الاسد، انتهى ويجب طي صفحة الخلاف معها ومد اليد للرئيس السوري المخلوع بشار الاسد، في موقف سيسهّل عليه ارضاء حزب الله والوصول الى قصر بعبدا. بالفعل، هذا ما حصل، تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية". فقد ادار عون ظهره الى المعتقلين ورمى ملفهم على الرف. وحتى بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، وخلال زيارته الشام ولقائه بالرئيس السابق الاسد، لم يأت على ذكرهم ولم يسأل او يستفسر عن اوضاعهم، فبالنسبة اليه "لا معتقلين لنا في سوريا".

اليوم، وبعد سقوط النظام، تبيّن ان عون كان على خطأ. هل هو خطأ مقصود ام غير مقصود؟ الامر غير مهم، تقول المصادر، فالمهم ان ثمة لبنانيين تركتهم دولتهم لمصيرهم الصعب ولمعاناتهم في أقبية الاسد، ولم تلتفت اليهم. والذي يضاعف القهر، هو ان رأس هذه الدولة، معني مباشرة باعتقالهم، فنحن نتفهم الا يسأل عنهم الرئيس السابق اميل لحود مثلا، تضيف المصادر، لكن الا يهتم لأمرهم الرئيس ميشال عون، فمسألة تفطر القلب. غير ان هذا الألم يفترض ان يترافق مع محاسبة. فمَن تركوا اللبنانيين ولم يحرّكوا ساكنا لمعرفة مصيرهم، يجب ان يلقوا القصاص العادل لفعلتهم هذه، التي لا تختلف كثيرا عن فعلة الاسد، فأعمار الناس ليست "لعبة".

اليوم، هناك حاجة الى استنفار رسمي لبناني غير مسبوق لمعرفة كل شيء عن الجرح النازف هذا، وهو وطني جامع، لا طائفي، وختمه مرة لكل المرات، تتابع المصادر. المعارضة تقوم بدورها في وضع الحكومة امام مسؤولياتها. هذا ما فعلته القوات اللبنانية. ايضا،  وجه رئيس حزب الكتائب اللبنانية، النائب سامي الجميّل، سؤالاً خطياً إلى الحكومة اللبنانية حول التدابير العاجلة المطلوبة لمعرفة مصير اللبنانيين المعتقلين والمخفيين قسراً في سوريا. ويجب ايضا، تضيف المصادر، ان يصار الى طرق ابواب موسكو، حامية الاسد اليوم، علها تتعاون وتساعد في الوصول الى اي معلومة عن مصير المفقودين. ويمكن مثلا ان تتحرك الوزارات المعنية ولجنة حقوق الانسان النيابية ايضا، في اتجاه السفارات ومنهم السفارة الروسية، للضغط عليها وتحميلها مسؤولية في هذه القضية.

لا يمكن ترك ذوي المفقودين وحدهم في سوريا، يبحثون عن اهلهم، في سجون الاسد، وقد زحفوا اليها بحثا عن معلومة ما او خبر ما عنهم.. بل على لبنان الرسمي التعويض "معنويا" على الاهالي عن سنوات تجاهله لهذه القضية، بدعمهم ومرافقتهم الى دمشق ومتابعة قضيتهم فورا مع السلطات السورية الجديدة ومَن يعنيهم الامر على الساحة الدولية.. فهل سيفعل؟