مناورات العهد والحزب لا تجمّل خطة الحكومة!

‎مع ان أحداً لا يمكن ان يتجاهل او يعارض لقاء مفاجئاً من خارج السياقات المتوقعة ‏للتطورات الداخلية بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ‏وليد جنبلاط خصوصا متى ادرج إطاره العلني والظاهري بأمن الجبل واستقراره، فان ذلك ‏لن يسقط حتما الطابع المناوراتي الذي اختاره فريق العهد لهذا اللقاء الذي جاء بمبادرة من ‏القصر في توقيت مكشوف اريد منه محاولة تعويم لقاء بعبدا غداً واختراق صفوف القوى ‏المعارضة بعدما ترنح لقاء بعبدا قبل انعقاده.

وبالمعيار نفسه أيضا يبدو صعبا تجاهل لجوء ‏الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى الحدود الواسعة للمرونة حيال خطة ‏الحكومة المالية المثيرة للجدل والتحفظات والرفض كأنه يمدها بالدعم فيما غلب على ‏الوجهة المقابلة لمواقفه التساؤل كيف ستوفق الحكومة والحزب بين السماح للحكومة ‏بالذهاب الى التفاوض مع صندوق الدعم الدولي في ظل التهديد الناعم لنصرالله بانه ‏سيخضع كل تفصيل في هذا الاتجاه للدرس الحذر؟ اذن بطابع المناورة المزدوج هذا ‏يستعد العهد وحليفه الأساسي لتزويد الحكومة جرعة استقواء لتمرير خطة باتت بعد أيام ‏قليلة من إقرارها عنوان أوسع انقسام سياسي ومالي واقتصادي، وترتفع في وجهها ‏مداميك التعقيدات خصوصا في ظل المعارضة الشرسة لها التي بدأت مع جمعية ‏المصارف ثم استكملت امس مع الهيئات الاقتصادية. كما ان الطابع المناوراتي إياه لن ‏يكفي على الأرجح لتلميع صورة الاجتماع الذي دعا اليه الرئيس عون رؤساء الكتل النيابية ‏والسياسية غدا والذي باتت صورته الباهتة في ظل مقاطعة مهذبة لزعماء وانتداب ممثلين ‏عنهم ابلغ من أي انتظار لما سيؤول اليه‎.‎
والواقع ان الزيارة الاولى التي قام بها جنبلاط امس للرئيس عون منذ الصيف الماضي ‏احيطت بملف استقرار الجبل، فيما علم انها جاءت نتيجة مبادرة من القصر وعبر وسيط ‏مشترك، الامر الذي اثار سؤالا أساسيا لماذا لم تكن المبادرة قبل هذا التوقيت بزمن طويل ‏وتحديدا عقب احداث توالت في اكثر من منطقة في الجبل ولفت اليها جنبلاط بوضوح ‏امس عبر تأكيده للعلاقة المتوترة بين الحزب التقدمي و"التيار الوطني الحر"؟. هذا التساؤل ‏تعزز عقب اللقاء بين عون وجنبلاط حين برز تضارب بين تأكيد جنبلاط انه تخلى عن طرح ‏أسماء لبعض التعيينات فيما سارعت أوساط القصر الى الإيحاء بان التعيينات طرحت في ‏اللقاء. وقد اعلن جنبلاط انه بحث ورئيس الجمهورية في "العلاقة المتوترة مع التيار الوطني ‏الحر ونسعى الى تنظيم الخلاف وليكن الأسلوب بالتعاطي غير الانفعالي". ولفت في ‏تصريحه تأكيده انه "لا يسعى الى تغيير الحكومة وان لا علاقة له باي حلف ثنائي او ثلاثي" ‏مع الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع و"حساباتي خاصة".

وقالت أوساط بعبدا ‏بعد اللقاء ان جنبلاط اعتذر من الرئيس عون عن عدم المشاركة في لقاء بعبدا غدا لاسباب ‏صحية وبما ان الدعوة هي شخصية سيرسل جنبلاط ملاحظاته الخطية حول الخطة المالية ‏للحكومة. وقالت ان اللقاء تناول موضوع التعيينات في مراكز رئاسة الشرطة القضائية ‏ونيابة حاكم مصرف لبنان والأسواق المالية ونسبت الى جنبلاط انه اذا طلبت منه أسماء ‏فهو حاضر. ووصفت اللقاء بانه كان مفيدا وايجابيا‎ .‎‎
وفهم في هذا السياق ان الدعوات التي وجهها رئيس الجمهورية حددت برئيس الحزب او ‏برئيس الكتلة شخصيا لذا سيكون على رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية ان يحسم موقفه ‏بالحضور او المقاطعة فيما سيغيب الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي واليوم ‏تحدد "القوات اللبنانية" موقفها‎.‎
‎ ‎