منظمة العفو تدق ناقوس الخطر بسبب النقص الحاد للأدوية في لبنان

أوصت منظمة العفو الدولية، الحكومة اللبنانية، بضرورة الحرص على تأمين الدواء للمواطنين، حيث أضحى بعيد المنال للكثير منهم، ولا سيما المصابين بأمراض مزمنة.

وقال بيان للمنظمة، الخميس، إن الحكومة "أخفقت في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بدعم مراكز الرعاية الصحية الأولية، التي توفر الأدوية مجانية ومنخفضة التكلفة والتي صارت تشهد طلبًا مرتفعًا".

وعلى وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات اللبنانية منذ نحو سنتين في ترشيد أو رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية.

"ضغوط هائلة"

ووصفت منظمة العفو الدولية القرار بـ" السياسات محدودة الأفق" وأشارت إلى أنه أدى إلى "عرقلة إمكانية حصول الناس على الأدوية الأساسية والمنقذة للحياة بسبب عدم توفرها أو عدم قدرتهم على تحمل كلفتها". 

البيان أوضح أن استجابة الحكومة اللبنانية للأزمة "خيبت الآمال" وتسببت بـ"ضغوط هائلة" على القطاع الصحي الهش أصلًا. 

وبالتزامن مع انهيار الليرة اللبنانية بشكل متسارع واستنزاف احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية، أعلنت وزارة الصحة العامة في 9 نوفمبر 2021 عن رفع الدعم بالنقد الأجنبي عن جميع الأدوية باستثناء أدوية السرطان وبعض الأمراض المزمنة الأخرى بمفعول فوري. ونتيجة لرفع الدعم، ارتفعت أسعار معظم الأدوية بشكل هائل.

نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، آية مجذوب قالت في الصدد "يعيش الناس في لبنان معاناة لا تُحتمل في محاولتهم الحصول على الأدوية المنقذة للحياة، أمّا السلطات فتواصل التهرب من مسؤوليتها في حماية الحق في الصحة".

ذات المسؤولة أوصت السلطات اللبنانية عل  معالجة أزمة الأدوية بسرعة "من خلال زيادة ميزانية مراكز الرعاية الصحية الأولية، ومعالجة النقص في الأدوية المدعومة وغير المدعومة، وتعزيز برامج المساعدة الاجتماعية".

كما طالبت المجتمع الدولي برفع التمويل للمنظمات التي تؤمّن خدمات صحية معقولة التكلفة ويمكن الوصول إليها.

وكشف البيان أنه خلال الفترة بين 19 يوليو و12 أغسطس من السنة الماضية، أجرت المنظمة بحثًا حول إمكانية الحصول على الأدوية في جميع أنحاء لبنان. 

وزار الباحثون، وفق ذات الوثيقة، ثلاثة مراكز رعاية صحية أولية في بعلبك وبيروت وقابلوا 23 شخصًا، منهم مرضى وصيادلة وعمال في قطاع الصحة ومسؤولو رعاية صحية حكوميون وعاملون في منظمات غير حكومية.

وقال البيان "أصبحت مراكز الرعاية الصحية الأولية، التي تشرف عليها الحكومة وتديرها منظمات غير حكومية، إحدى الخيارات القليلة المتاحة للسكان" من الذين يبحثون عن أدوية مجانية أو منخفضة التكلفة. 

ومع ذلك، يضيف البيان "وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في عدد الأشخاص الذين يلتمسون خدماتها، لم تتلقَ المراكز زيادة في التمويل، مما أدى إلى نقص الأدوية".

وقالت مسؤولة في وزارة الصحة العامة لمنظمة العفو الدولية إن عدد المرضى الذين يحصلون على الخدمات الصحية، بما في ذلك الأدوية، في مراكز الرعاية الصحية الأولية قد ارتفع بنسبة 62% منذ 2020.

وخفّضت الحكومة إجمالي إنفاقها على القطاع الصحي بنسبة 40% بين عامَيْ 2018 و2022، وفق وزير الصحة اللبناني، في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض.

يشار إلى أن قيمة الليرة اللبنانية تراجعت بنسبة 95 بالمائة وهو الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تدني مختلف الخدمات التي تقدمها الحكومة، ولا سيما دعم الغذاء والدواء.

أدوية السرطان 

أشار بيان المنظمة بشكل خاص إلى النقص في الأدوية الموجهة لمعالجة داء السرطان، رغم أن الدولة استنشتها من عمليات رفع الدعم.

"ومنذ عام 2019، ألقت وزارة الصحة العامة باللوم جزئيًا في النقص على التجار والمهربين الذين يشترون الدواء بأسعار منخفضة مدعومة ويختزنونه قبل بيعه بأسعار مبالغ فيها" يقول البيان قبل أن يردف  "وسط تقصير مستمرّ للحكومة في مواجهة هذه المشكلة ومحاسبة المسؤولين عنها".

فادية هي إحدى المصابات بالسرطان، تقول في شهادتها للمنظمة إنها اضطرت على تفويت جلسة علاج إشعاعي بسبب عدم توفر الدواء في برنامج الرعاية. 
وقالت متحسرة "أسمع الوعد نفسه في كل مرة لا أتلقى فيها دوائي، وهو دائمًا "الأسبوع المقبل". ثم تابعت "لقد مضت ثلاثة أشهر، وأنا أعيش في خوف دائم من عدم تمكني من إيجاد الدواء اللازم لجلستي المقبلة".

يذكر أن هناك أيضًا نقصا حادا في الأدوية غير المدعومة لأن المستوردين غير قادرين على استيراد الكميات اللازمة من الأدوية بسبب الأزمة المالية المستمرة في البلاد.

وأبلغت موظفة في شركة أدوية محلية منظمة العفو الدولية أن إمدادات الأدوية غير المدعومة كانت متقطعة بسبب تزايد الديون المستحقة على الشركات المصنّعة في الخارج. 
وقالت إن شركات الأدوية الأجنبية لن ترسل طلبات جديدة حتى تتم تسوية الفواتير القديمة. 

ويشهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 95 في المئة من قيمتها. 

وتحول الانقسامات السياسية دون انتخاب رئيس للبلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر وسط شلل حكومي وبرلماني وقضائي على نطاق واسع.