من سعى لإشعال الأردن؟

في وقتٍ تُغرق فيه الأيادي الخبيثة المنطقة بسيناريوات الدم والدمار، يثبت الأردن مجدداً أنه ليس ساحة للعبث، ولا ممراً للفوضى. الأجهزة الأمنية،  وجّهت ضربة استباقية موجعة لخلية إرهابية مدرّبة، كانت تستعد لإشعال الداخل الأردني خدمةً لأجندات خارجية.

خلية تسلّلت تحت غطاء الدين، وتنقّلت بين المساجد والمناطق، بعد تلقّيها تدريبات عسكرية متقدّمة في لبنان. هدفها لم يكن إلا واحداً: زعزعة الاستقرار الأردني من الداخل، ونشر الرعب في زمنٍ تكثر فيه الرهانات السوداء.

بحسب ما كشفه مصدر أردني لـ "نداء الوطن"، فإن المخطط الذي سعت قوى متطرفة إلى تنفيذه ضد المملكة لم يكن وليد الصدفة، بل جاء امتداداً لمؤامرة متعددة الوجوه وتحركات مدروسة، تنفّذها شخصيات تقاطعت مصالحها مع أعداء الأردن، وهدفها المباشر النيل من وحدة المملكة واستقرارها، وتحويلها إلى ممرّ لعمليات عسكرية تخدم مصالح "محور الممانعة".

وأكد المصدر أن السلطات الأردنية، وقبل إلقاء القبض على الخلية الإرهابية أول من أمس، كانت قد أحبطت قبل نحو شهر مؤامرة خطيرة بدأت تتبلور داخل عدد من الجامعات الأردنية، حيث جرت محاولات لتجنيد طلاب بهدف تنفيذ أعمال إرهابية وأعمال عنف ضد الدولة، تحت غطاء أنشطة ثقافية واجتماعية داعمة لغزة. وقد كشفت التحقيقات أن هذه المجموعات الطلابية كانت مُجنّدة من قبل مجموعات إسلامية متشددة على صلة بتنظيم الإخوان المسلمين غير المرخص، وتشكل جزءاً من مشروع أوسع يستهدف كيان الدولة الأردنية ومؤسساتها.

وأضاف المصدر أن الأردن كان ولا يزال الأحرص على الشعب الفلسطيني. فمنذ اليوم الأول للحرب، قدّم الأردن المساعدات الإنسانية، وكان موقفه واضحاً وحاسماً: لا لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ولا تساهل مع أي استغلال لقضيتهم.

مشروع حرب بتمويل خارجي

في مؤشر بالغ الخطورة على حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة الأردنية، كشف مصدر أردني مطّلع لصحيفة "نداء الوطن" أنّ الأجهزة الأمنية فكّكت خلية إرهابية متشددة ترتبط بتنظيم الإخوان المسلمين غير المرخّص، وكانت تنشط منذ عام 2021 في تصنيع صواريخ داخل الأراضي الأردنية. ولفت المصدر إلى أنّ التنظيم سارع لاحقاً إلى إدانة هذه "المخططات الآثمة" التي استهدفت ضرب استقرار المملكة وأمن مواطنيها.

الخلية، ضمّت ثلاثة عناصر رئيسة إلى جانب مجموعة أخرى، وقادها المدعو إبراهيم محمد، وهو قيادي إسلامي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين. ويُحاكم حالياً أمام محكمة أمن الدولة بتهمة نقل وتخزين أكثر من 30 كيلوغراماً من مواد شديدة الانفجار، من أنواع: "تي إن تي"، و"سي-فور"، و"سيميتيكس"، و"إتش".

بحسب المعلومات، فإن إبراهيم محمد هو من وضع الفكرة الشيطانية لتصنيع الصواريخ محلياً، ونسّق مع العنصرين عبدالله هشام ومعاذ الغانم، اللذين تم إرسالهما إلى لبنان للتدريب فيما تولى محسن الغانم مهمة تهريب الأموال من لبنان لدعم العملية.

الخلية الإرهابية بعد عودتها من لبنان أنشأت مصنعاً في محافظة الزرقاء، ومستودعاً سريّاً في منطقة النقيرة بعمان، حيث وفّرت معدات محلية وآلات مستوردة بطريقة غير شرعية. واستخدمت غرفة محصنة بالخرسانة وباباً إسمنتيّاً مموهاً لتخزين الهياكل والمكوّنات الحساسة.

التحقيقات الأمنية كشفت عن هياكل صواريخ قصيرة المدى مستنسخة عن صواريخ "غراد"، كانت تحتاج فقط إلى تجهيزها بالمتفجرات ومحركات الدفع والصواعق. وقد امتلكت الخلية القدرة على تصنيع 300 صاروخ بمدى يتراوح بين 3 و5 كيلومترات، ما كان يُنذر بكارثة أمنية حقيقية تهدد الداخل الأردني.

وأكد المصدر الامني أن العملية كانت تحت رقابة استخبارية دقيقة منذ انطلاقها وقد جرى إحباط المخطط في عملية استباقية نوعية، بعد تصنيع النموذج الأول من الصاروخ، في توقيت وصف بـ "ساعة الصفر".

لبنان ساحة تدريب للإرهابيين

وأيضا، كشف مصدر أمني أردني لـ "نداء الوطن" أن الخلية استغلّت الأراضي اللبنانية كإحدى الساحات الرئيسية لتدريب عناصرها على صناعة المتفجرات والصواريخ، بإشراف قياديين من "محور الممانعة"، فضلاً عن تصنيع واستخدام الطائرات المسيّرة. وأشار إلى أن عدداً من أفراد الخلية، بينهم عبدالله هشام ومعاذ الغانم، خضعوا لتدريبات مكثفة داخل الأراضي اللبنانية.

أما في ما يتعلق بأماكن التدريب في لبنان، والأسماء المتورطة، ومصادر التمويل، فقد أصبحت جميعها بحوزة المخابرات الأردنية، التي ستزود السلطات اللبنانية بالمعطيات والتحقيقات.

لم تكن هذه الخلية مجرد مجموعة محلية، بل كانت جزءاً من شبكة إرهابية إقليمية، تربطها علاقات وطيدة مع شخصيات حزبية في لبنان، زارت الأردن للإشراف على عمليات تصنيع الصواريخ، ما يعكس مستوى عميقاً من التنسيق بين الخلايا الإرهابية في المنطقة.

وأضاف المصدر أن التدريب في لبنان لم يقتصر على الأساليب التقليدية، بل شمل مهارات عسكرية وتقنيات فنية متقدمة لإعداد المتفجرات والتدريب على العمليات الأمنية والاغتيالات، من خلال فريق أمني وعسكري ودعم تقني ولوجستي من جهات حزبية معروفة في لبنان. وقد استفادت هذه الشبكات من حالة الفوضى الإقليمية، ما أتاح لجماعات متطرفة الحصول على الدعم اللازم لتنفيذ مخططاتهم في الأردن، وتهديد أمن واستقرار المملكة بشكل مباشر.

وأشار المصدر إلى أن العناصر التي تم تجنيدها وتدريبها في معسكرات لبنانية استخدمت تقنيات اتصال حديثة للتنسيق والتخطيط.

أحكام قاسية والإعدام على الطاولة

وكشفت مصادر حقوقية أردنية لـ "نداء الوطن" أن الـ 16 موقوفاً في القضية يواجهون اتهامات ثقيلة قد تصل عقوباتها إلى الإعدام. ووفقاً للمصادر، فإن لائحة الاتهام تتضمن القيام بأعمال إرهابية، حيازة وتصنيع مواد متفجرة، تصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة، والتآمر مع جهات أجنبية والإنتماء لتنظيم غير مرخص لتنفيذ عمليات غير مشروعة في المملكة.