كتب وليد حسين في المدن:
ما هو حاصل في قطاع التعليم الخاص مهزلة وعلى مرأى من وزارة التربية غير القادرة على فرض سلطتها. مدارس قررت التعليم الحضوري وأخرى من بعد رغم وقوعها في مناطق ما زالت غير مصنفة في دائرة الخطر جراء العدوان على لبنان. وكل ذلك يحصل من دون استشارة أهالي الطلاب.
تهريب التعليم من بعد
استبقت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية اجتماع أصحاب المدارس الخاصة مع وزير التربية عباس الحلبي ووزعت بياناً تعلن فيه الانتقال للتعليم من بعد. فحوى البيان ينطوي على تهديد مبطّن، من أن عدم السماح لها بالتعليم الحضوري يجبرها على الانتقال للتعليم من بعد. علماً أن العديد من المدارس الكاثوليكية استبقت بيان الأمانة العامة وأبلغت الأهل منذ أيام عدة بالاستعداد للتعليم من بعد. ودعت الأهل لتأمين أجهزة كمبيوتر ووضع برامج خاصة عليها. وهذا دليل على النوايا المبيّتة لدى هذه المدارس لتنظيم الدروس من بعد حتى قبل الاتفاق مع وزير التربية. وهذا أسلوب لا يليق بالتربية ولا التعليم، فهو غير شرعي ويتم بالتهريب. وكل ذلك يجري على مرأى وزارة التربية غير القادرة على فرض سلطتها وسيادتها على قطاع التعليم في لبنان.
تأتي هذه الضغوط التي تمارسها المدارس الخاصة على الوزير الحلبي، بالتزامن مع ضغوط أخرى لتأجيل العام الدراسي مؤقتاً إلى حين جلاء العدوان الإسرائيلي. ولا أحد يعلم نتيجة هذا الكباش ومرحلة عض الأصابع بين الطرفين. لكن المؤكد أن الأهل هم الضحايا. وهؤلاء لا أحد يسأل رأيهم بل يقررون عنهم مصيرهم أولادهم من دون استشارتهم. وتقول رئيس اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور لما الطويل لـ"المدن": تتخذ الوزارة في الآونة الأخيرة القرارات مع أصحاب المدارس وكأن لا وجود للأهل. يتخذون قرارات تتعلق بمصير أولادنا من دون استشارتنا".
من بعد... تسلية لا تعليم
ما هو حاصل أن الحلبي لا يستطيع فرض سيادة وزارته على قطاع التعليم من خلال "المونة" على المدارس الكاثوليكية بتأجيل العام الدراسي ولو لعشرة أيام. لكنه عاجز عن فرض سلطة القانون بمنع هذه المدارس من التعليم من بعد رغم أنه غير قانوني، والمدارس تمارس من خلاله أقصى الضغوط على الأهل.
لم تسأل إدارات المدارس كيف لأب أو أم أن يعلّما أطفالهما من بعد فيما عليهما العمل لتأمين لقمة العيش. فقد بات أحدهما ملزم بترك العمل كي يبقى مع الأطفال، وكأن الأولية اليوم هي ليست للعمل وتأمين لقمة العيش بل للتسلية بالتعليم من بعد الذي أثبتت التجارب فشله. ولا يوجد عائلة لا تشكو من هذا الأمر. ولا أحد يستمع إليهم. لذا تطلب الطويل من الوزير الحلبي بمنع هذه المهزلة وإلزام المدارس بعدم التعليم من بعد غير القانوني.
التجربة السابقة كانت كارثية
مدارس معدودة على الأصابع تستطيع التعليم من بعد بشكل جدي. أي عملياً سيكون هذا التعليم مجرد حجة لتبرير الأقساط المدرسية. ففي مقابل هذه التبليغات للتعليم من بعد، التي تلقاها أهالي الطلاب في المدارس الكاثوليكية في بيروت وجبل لبنان، تبلغ أهالي طلاب مدارس كاثوليكية أيضاً أن التعليم سيكون حضورياً بدءاً من يوم الإثنين المقبل، ولا سيما في منطقة الشمال. ورغم أن الظروف الأمنية هي عينها بين المنطقتين، اختلف القرار لناحية كيفية تعليم الطلاب. أي باتوا أشبه بـ"صيف وشتاء تحت سقف واحد". وهذه فوضى تتحمل مسؤوليتها وزارة التربية قبل إدارات المدارس.
لم تسأل المدارس إذا كانت الانترنت متوفرة أصلاً للتعليم من بعد كما لم تسأل عندما فرضت أقساطاً عشوائية عن الأوضاع الاجتماعية لأهالي الطلاب. وتتوجه الطويل إلى إدارات المدارس: "لستم أحرص منّا على تعليم أبنائنا. نحن من نخسر الأموال ومستقبل أولادنا، ونحن من نقرر الوقت والزمان للمخاطرة بحياة أولادنا".
وأضافت الطويل: "تجاربنا مع أغلبية المدارس في التعليم عن بعد كانت نتائجها كارثية على المستوى التعليمي خلال فترة كورونا، وحينها كان باستطاعة الأهل مواكبة أولادهم في المنازل. أما اليوم فالوضع مختلف. وعدم تقدير ظروف الأهل النفسية والمادية والأمنية هو اجرام بحق التعليم، وليس نوع من انواع المقاومة والصمود. فكفاكم غطرسة بحقنا من فرض الأقساط العشوائية إلى الممارسات المتبقية كافة.
ودعت الطويل إلى تأجيل بدء العام الدراسي لأسبوع أو عشرة أيام يتم خلالها وضع خطط تراعي مراحل التعليم وظروف الأهل حتى تنجلي الأمور. هذه المدة لن تدمر قطاع التعليم. فنحن لن نسمح بخسارة أولادنا عامهم الدراسي. ولكن بالتعاون يمكن إيجاد حلول منصفة تراعي ظروف الأهل أولاً، في ظل العدوان الحالي".