مهن جديدة تغيّر مفهوم العمل في لبنان..وفجوة مع التعليم

نجح كريم الرفاعي في الحصول على وظيفة مؤقتة مع شركة متخصصة بالإعلانات الرقمية، بعدما  انخرط في دورة تدريبية لمدة شهرين. يقول الرفاعي لـ "المدن": " لم يكن من السهل العمل بمهنة المحاسبة، خصوصاً بعد تدهور قيمة العملة في لبنان".

يضيف "حاولت جاهداً تأسيس مشروع صغير، لكن تقلب سعر الدولار حال دون ذلك، وفي الوقت نفسه، وجدت أن معظم فرص العمل في لبنان، مرتبطة بتخصصات تتعلق بالتكنولوجيا، على غرار التسويق الرقمي، أو الاعلانات، وما إلى ذلك، وهو ما دفعني إلى الانخراط في دورة لمدة شهرين، بعدما حصلت على عمل براتب مقبول نسبياً".

يعمل الرفاعي من المنزل، في دوام كامل، لصالح شركة متخصصة بالإعلانات في إحدى دول الخليج، ويتقاضى نحو 350 دولاراً.

 مهن جديدة 
ظهرت في الفترة الأخيرة في لبنان الكثير من المهن الجديدة، خصوصاً المهن المتعلقة بالاقتصاد الرقمي. وقد ساهمت الأزمة الاقتصادية عام 2019 إلى حصول تغييرات كبيرة في سوق العمل، فمن جهة أدت إلى زيادة معدل العمالة غير الرسمية من 55 في المائة  في عام 2019 إلى 63 في المئة في عام 2022، ومن جهة ثانية، تسببت الأزمة في تراجع كبير في الاستثمار وإغلاق العديد من الشركات، كما أعاقت نمو وتطور الشركات الرقمية في لبنان.

وكشفت الأزمة أيضاً ، وإن بطريقة غير مباشرة، وجود فجوة بين قطاع التعليم وسوق العمل اللبناني. وقد نشر البنك الدولي على صفحته الخاصة بأخبار الشرق الأوسط وشمال افريقيا، عبر "تويتر" مؤخراً، نتائج مسحٍ أجري عن سوق العمل اللبناني، ونقص الكوادر وتحديداً فيما يتعلق بالاختصاصات الرقمية. فقد بيّن أنّ ما يصل الى 88 في المئة من الشركات اللبنانية في قطاعي التكنولوجيا والرقمنة تسعى إلى تعيين موظفين متفرّغين، ولكنّها غير قادرة على العثور على المواهب المناسبة. ويعتبر المسح أن هذا المؤشر مثير للقلق في ما يتعلق بالفجوة بين التعليم وسوق العمل اليوم والتي يبدو أنّها تتسع سنوياً.

العمل للخارج
مع الضائقة الاقتصادية وانهيار سعر الليرة اللبنانية، ازداد الاقبال على  العمل لصالح مؤسسات في الخارج، خصوصاً وأن هذه المؤسسات تبحث عن يد عاملة ماهرة، وبأسعار منافسة،  فكان لبنان في قائمة الدول المستقطبة للعمل عن بعد. دفع ذلك المؤسسات التعليمية الخاصة إلى استثمار هذه الحاجة، من خلال تقديم ورش أعمال ودورات تدريبية سريعة.

يشير مدير معهد المهارات للتدريب المهني وليد غريزي لـ "المدن" إلى أن "اقبال الشباب على الانخراط بدورات تدريبية سريعة، هدفه، الحصول على وظائف تمكّنهم من تحسين دخلهم بالدرجة الأولى. ويقول "اتجاهات سوق العمل العالمي، باتت تتطلب شباباً مهنيين وتقنيين، لاسيما في مجال الاقتصاد الرقمي، والإعلانات وما إلى ذلك وهو ما جعل فكرة هذه المراكز التعليمية منتشرة في لبنان".

من جهة أخرى، لعبت الظروف الاقتصادية ومحاولات الشباب الهجرة إلى الخارج، وتحديداً إلى أوروبا دوراً في خيارات الشباب. إذ أن الكثير من المهاجرين الجدد، يستغلون القوانين الأوروبية الجديدة التي تتطلب وجود يد عاملة ماهرة في الأعمال أو المهن الحرفية.

يعترف  سامر جانبيه، وهو خريج كلية الحقوق، بأن الوضع في لبنان دفعه إلى اتخاذ قرار الهجرة، لكن شهادته لا تؤهله الحصول على أي تأشيرة عمل في الدول الأوروبية، ولذا انخرط في دورة حول البرمجيات، وأتقن اللغة الألمانية، وحصل على تأشيرة عمل.

جانبيه ليس الأول الذي ترك شهادته الجامعية، وانخرط في دورة تدريبية من أجل السفر إلى الخارج، بل هناك الكثير من الشباب الذين ينتقلون إلى تعلم مهن حرفية، على غرار  "أعمال السنكرة، النجارة، تصليح المكيفات، الطهي" وغيرها من المهن، بهدف الحصول على فرصة عمل.

 وهو ما يؤكده غريزي، إذ يشير إلى أن هناك طلب على هذه المهن للسفر إلى كندا، والولايات المتحدة، فيما تسعى فئة أخرى من الشباب إلى امتهان التمريض للسفر إلى المملكة المتحدة بسبب حاجتها إلى اليد العاملة في القطاع الصحي.