المصدر: النهار
الاثنين 21 نيسان 2025 07:39:33
على نحو ضمني أو مباشر شكلت مجموعة مواقف بارزة رسميا ودينيا في مناسبة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية في لبنان ردودا واضحة على تعنت "حزب الله" في ملف تسليم سلاحه او طرحه الاشتراطات المتجددة للشروع في حوار مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون حول هذا الاستحقاق.
ذلك ان أصداء المواقف السلبية التي اطلقها الحزب في الأيام الأخيرة حول ملف استكمال بسط سلطة الدولة واحتكار السلاح، فيما بدت لافتة عودة التصعيد الإسرائيلي امس، عكرت الفضاء الداخلي في لبنان بغيوم الغموض والشكوك حيال الدوافع التي حركت سلبية الحزب مع ان مجمل الحسابات والوقائع الاستراتيجية والميدانية تدفع في الاتجاهات المعاكسة التي تصب في خانة التسليم الحاسم بان تكون الدولة اللبنانية صاحبة القرارات الاستراتيجية بعد ان تحسم آلية بسط سلطتها وأنهاء كل سلاح غير شرعي لمصلحة احتكار الدولة السلاح.
بإزاء الأجواء الجديدة بدت التقديرات الغالبة لدى أوساط رسمية وسياسية لبنانية تنحو في اتجاه ربط السلبية المستجدة لدى الحزب الذي طرح اشتراطات مقرونة بالتحذيرات من امتداد أي يد الى "سلاح المقاومة" بمسار المفاوضات الأميركية الإيرانية لجهة ان ايران تحرك ما تعتبرها أوراق قوة لديها من خلال التذكير بامتلاكها اذرعا تبسط نفوذها في المنطقة . ولكن في المعطى الداخلي اللبناني تعتقد هذه الأوساط ان الحزب لا يملك واقعيا القدرة الجدية على الذهاب بعيدا في معاندة المسار العام الذي يضغط في اتجاه تقوية نهج الحكم والحكومة في لبنان في تنفيذ التزاماتهما حيال انهاء ملف كل سلاح غير شرعي ولا سيما سلاح "حزب الله".
وانطلاقا من هذه المعطيات رصدت الأوساط المعنية أهمية الكلام الذي صدر امس عن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون عقب الخلوة التي عقدها صباحا مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي قبيل مشاركة الرئيس وزوجته في قداس الفصح . فحين سئل عن موقف رئاسة الجمهورية من المواقف التي صدرت أخيراً عن "حزب الله" حول موضوع السلاح، قال الرئيس عون: " هذا الموضوع لا يُناقش عبر الاعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن عبر مقاربة مسؤولة وحس وطني، والتواصل بعيداً عن الاستفزاز، فنضع مصلحة الوطن العليا اولاً لتكون هي الاساس في مقاربة هذا الموضوع و أي موضوع خلافي آخر".
وذكر انه عندما تحدث في خطاب القسم عن حصرية السلاح، "لم اقل ذلك لمجرد القول، بل لأنني على قناعة بأن اللبنانيين لا يريدون الحرب، ولم يعد بإمكانهم ان يتحملوا الحرب والتحدث بلغتها، وليصبح هذا الامر واقعاً، فعلى القوات المسلحة اللبنانية ان تصبح المسؤولة الوحيدة عن حمل السلاح وعن الدفاع عن سيادة واستقلال لبنان".
وإذ سئل كيف ستتمكنون من التوفيق بين الضغوط الخارجية وضرورة الحوار ووضع استراتيجية دفاعية أجاب : "علينا معالجة هذا الموضوع برويّة ومسؤولية، لان الامر حساس ودقيق واساسي للحفاظ على السلم الاهلي. وحل هذا الموضوع هو مسؤولية وطنية يتحملها رئيس الجمهورية بالتعاون مع رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والاطراف المعنية الاخرى .فأي موضوع خلافي في الداخل اللبناني لا يقارب الا بالتحاور والتواصل وبالمنطق التصالحي وليس التصادمي وإلا سنأخذ لبنان الى الخراب. فلا أحد يتحدث معي عن توقيت ولا عن ضغوط ، فحصر السلاح تحدثنا عنه في خطاب القسم، وسننفذه وقد اتخذ القرار بشأنه، ولكن علينا ان ننتظر الظروف المناسبة لذلك، والظروف هي الكفيلة بتحديد كيفية التنفيذ".
كما ان البطريرك الراعي ذكر بثوابت اطلقها رئيس الجمهورية ومنها ان "الدولة وحدها هي التي تحمينا، الدولة القويّة، السيّدة، العادلة، المنبثقة من إرادة اللبنانيين، والساعية بجدّ إلى خيرهم وسلامهم وازدهارهم. وطالما أننا مجمعون على أن أي سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه ان يُعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الأوان لنقول جميعًا: لا يحمي لبنان إلا دولته، وجيشه، وقواه الأمنيّة الرسميّة".
…وموقف سلام
وبدا لافتا أيضا في هذا السياق ان رئيس مجلس الوزراء نواف سلام الموجود في زيارة خاصة للاهاي لجمع اغراضه الخاصة بعدما تعذر عليه ذلك إبان تكليفه على عجل تشكيل الحكومة ، اصدر امس بيانا نوه فيه "بالعمل الاحترافي الذي يقوم به الجيش اللبناني في الجنوب وخصوصاً مديرية المخابرات التي نجحت في تنفيذ عملية استباقية أحبطت فيها التحضير لعملية إطلاق صواريخ من الجنوب، بالإضافة إلى توقيف عدد من الأشخاص المتورطين بهذه العملية". كما نوه "بعمل كل الأجهزة الأمنية التي تقوم بواجبها لحفظ الأمن والاستقرار على كل الأراضي اللبنانية". وأهاب بها "مواصلة كل الجهود لمنع أي عمليات عبثية من خلال التركيز على الأمن الاستباقي لإحباط المخططات المشبوهة التي تسعى إلى توريط لبنان بالمزيد من الحروب". واكد "أن العمل الذي يقوم به الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى، ما هو إلا تأكيد على أن الحكومة ماضية في تنفيذ ما ورد في بيانها الوزاري لجهة بسط سيادتها الكاملة على أراضيها بقواها الذاتية، وأن الدولة اللبنانية وحدها هي صاحبة قرار الحرب والسلم، وهي الجهة المخولة بامتلاك السلاح".